العدد 1709 - الجمعة 11 مايو 2007م الموافق 23 ربيع الثاني 1428هـ

أسرار صداقة النساء!

الصداقة بين النساء لغز مثير للفضول فما تكاد الصديقة تغادر صديقتها، حتى تتناولها بالنميمة، والنقد أو السخرية، وأشياء كثيرة، فإذا كان هذا هو حال الصداقة بين النساء إذا فما الذي يجمع بينهنّ؟ الأمر محيّر ومثير للدهشة وخصوصا عندما تلقي إحداهنّ صديقتها، فتمطرها بوابل من القبلات والنفاق، وما إن تغادرها حتى تطعنها في ظهرها بخناجر مسمومة، والذي يدفعنا إلى طرح التساؤلات عن العلاقة المسماة بالصداقة! فهل توجد بالفعل صداقة حقيقية بين المرأة والمرأة؟ وما الذي يدفع المرأة إلى أن تتخلي عن صديقة عمرها؟ ترى بعض النساء أن الصداقة تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، فصداقة المرحلة الابتدائية والإعدادية تحكمها البراءة بين الأطفال الصغار من الجنسين على السواء، لأننا ونحن أطفال، لم نكن قد تلوثنا بعد بالأمراض الاجتماعية التي تنتشر في المجتمع وهي كثيرة، ولكن تتطور تلك العلاقة ويصبح لها منظور آخر خلال مرحلة المراهقة، إذ تبدأ الخبرات الحقيقة في التكوين لدى الشاب أو الفتاة، وقد تظهر الغيرة بين الأصدقاء من الشباب أو الفتيات خلال تلك المرحلة التي تتميز بحب الظهور والتميز في الوسط الذي يوجد فيه الشباب.

وخلال تلك المرحلة تتلون السلوكيات، وتتراجع البراءة، ويتحكم في سلوك الشباب خبراتهم وذكائهم، فلم تعد طفلة الأمس هي شابة اليوم، وذلك نتاج تطور الشخصية، إذ تبدو الغيرة بين الصديقات بصفة خاصة خلال تلك المرحلة بسبب التفوق الدراسي أحيانا، أو بسبب ارتداء الملابس المتحررة، أو تحرر بعض الأسر وتزمت الأخرى، ووراء هذه الأمور البسيطة تكمن الغيرة لدى الفتيات من صديقاتهنّ وكثيرا ما يتردد إلي إسماعنا مثل هذه الحوارات النميمية بين الصديقات «صوت البلد» حاولت رصد أسرار صداقة النساء في سياق السطور التالية: مدفوع الأجر.

تقول نوال سعد «طبيبة نفسية»: إن الصداقة تعكس مدى ترابط العلاقات الاجتماعية مع حالة المجتمع، فالمجتمعات الشرقية والعربية تربط بينها علاقات حميمة وترابط وثيق، وهذا الأمر يختلف كثيرا عن العلاقات والصداقات في الغرب فهي تقوم في الأساس على المصلحة، وربما يكون ذلك نتيجة لإيقاع الحياة في الغرب بعد أن تحوّل الإنسان إلى ما يشبه ترس في آلة الزمن، ونتيجة لافتقاد الغرب لمثل هذه العلاقات الحميمية كثيرا ما تجدهم يترددون علي الأطباء النفسيين، وذلك لأن الطبيب النفسي كما يقول المثل هو صديق مدفوع الأجر، فإذا عثر الإنسان الغربي على هذه الصداقة، لم يكن يلجأ إلى الطبيب النفسي لكي يفضفض له، لذا فإنني أرى أن الصداقة ليست كلها شر كما يرى البعض وليست كلها خير، فلها إيجابياتها وسلبياتها، ولذا يجب أن تكون هذه الصداقة في إطار شروط محددة يضعها الإنسان بنفسه حتى يعرف مدى حدود هذه الصداقة؛لأنني أعتقد أن الصداقة درجات ومراتب، تختلف من صديقة لأخرى، فربما أبوح لإحدى صديقاتي بأدق أسراري ؛لأنني أعلم أنها ستحتفظ بأسراري، وربما يكون هناك صديقة أخرى لا تتعدى صداقتي معها أكثر من الدردشات العابرة، وهناك أيضا صداقة العمل، ومثل هذه الصداقة ربما لا تتعدى مشكلات العمل وبعض قشور الأمور من دون أن تتعدى الحوارات أمور حياتنا الخاصة.

وتشير نوال إلى أنها من خلال خبراتها الحياتية شاهدت الكثير من الصداقات بين النساء تنهار أمام عينيها، لأسباب كثيرة من بينها تعارض المصالح، أو نتيجة للانتهازية بين الصديقات فعندما تشعر إحدى الصديقات أن صديقتها تحاول استغلالها لتحقق هدفا محددا من خلال تلك الصداقة، ربما تنهار تلك الصداقة، فمثل هذه الصداقات هي صداقة مصلحة وليست صداقة قائمة على الحب والإخلاص، وهناك صداقات زائفة.

أما بيومي عمر فيرى أن الصداقة بين المرأة والمرأة تحكمها الغيرة بالدرجة الأولى، وكثيرا ما شاهدت ملامح تلك الغيرة بين زميلاتي في الجامعة، ومن خلال عملي أيضا، ومن خلال منصبي القيادي أرى أن العلاقة بين النساء في العمل حتى ولو كن صديقات تحكمها الغيرة، وأحيانا ألحقد أو الكراهية رغم أن علاقتهنّ الظاهرية تتسم بالود والألفة والمحبة، أما الحقيقة التي اكتشفها فهي تؤكد أنه لا توجد صداقة بين المرأة والمرأة، وذلك حينما تطلب إحداهن مناقشتي في أحد أمور العمل، وأثناء تلك المناقشة اكتشف أن هدفها من تلك المقابلة تختلف كثيرا عن سبب حضورها إلى مكتبي حينما تبدأ في طعن أقرب صديقاتها لها، أو توشي بأحد أخطائها والتي لا يعلمها سواها باعتبارها من أقرب المقربين إليها، فأين إذا هذه الصداقة التي تزعمها النساء فيما بينهنّ؟لذا فإنني أعتقد أنه لا توجد صداقة بين النساء ؛لأن مثل هذه الصداقات هي صداقات واهية وهشة وضعيفة إلا أنها دائما ما تحكمها الغيرة والحقد والكراهية والنفاق، وأنا لا أقول ذلك تجنيّا على المرأة، ولكنني أقوله من خلال واقع أعيشه وأشاهده يوميا من خلال رئاستي لقطاع كبير من الموظفين والموظفات وخصوصا النساء اللائي يجمع بينهنّ صداقات مزعومة. مستحيلة!!

أما زوزو محمد ممثلة ناشئة فتقول من خلال علاقاتي بالوسط الفني أرى أن الصداقات بين المرأة والمرأة ليس لها وجود في الواقع مهما تكن قوة العلاقة بينهنّ، فهي صداقات مزعومة كما أراها، وإن كان هناك صداقة في الوسط الفني بين النساء فهي تقوم على المصالح فقد تكون من أجل الحصول على دور أو فرصة في المسرح أو التليفزيون، أما علاقة المرأة بالمرأة فيحكمها الحسد والغيرة فإذا حصلت إحداهنّ علي أحد الأدوار ربما انقلبت هذه الصداقة إلى عداء محكم بين صديقات الأمس، بزعم أن إحداهنّ خطفت الدور من الأخرى، أو لأنها حرضت المخرج على استبدالها بأخرى، وكثيرا ما شاهدنا مثل هذه المعارك على صفحات المجلات الفنية.

وتضيف زوزو على عكس ذلك فإن الصداقة بين الرجال لا تحكمها الغيرة، أو الحقد والحسد والكراهية، كما هو الحال بين النساء، لذا فإنك نجد أن الصداقة بين الرجال (بتعمر) يعني بيطول عمرها، ونادرا ما استمرت الصداقة بين النساء، ومثلا إذا تزوجت إحدى الفتيات، فإنك تجدها تضع حاجزا بينها وبين صديقة الأمس، ربما لخوفها من اختطاف خطيبها أو زوجها، وربما لخوفها من الحسد، كما قد تكون الصداقة بين النساء أحد أسباب خراب البيوت.

صداقة الرجال ويقول أستاذ الطب النفسي طارق عكاشة عن صداقة النساء: إنه رغم كل ما قيل عن غيرة النساء من بعضهنّ البعض فإن صداقاتهنّ هي الأكثر قوة وعمقا من صداقة الرجال، فالصديقات حين يجلس معا يبحن بأسرارهن ويتكلمن عن مشاعرهنّ، ويطلق العنان لأفكارهنّ ويفضحن عن مخافوهم، ويتبادلن خبراتهن ويضحكن ويبكين، أما الرجال فعندما يجتمعون يتحدثون في السياسة ويتبادلون النكات والقفشات والنوادر بعيدا عن التواصل المختلف بين النساء.

بينما يرى استشاري الطب النفسي أحمد أبو العزايم أن الصداقة لا جنس لها، وغير صحيح أن الصداقة بين النساء هي الأقوى ولكن يمكن القول بذلك الرأي لأن هناك بعض المجتمعات ترفض اختلاط النساء بالرجال، فإذا اختلطت المرأة بالرجال زادت قوة العلاقة والصداقة، مشيرا إلى أن ضعف الصداقة بين الرجال ربما يرجع إلى انشغالهم بالعمل وعدم اهتمامهم بالمشاعر الإنسانية، بنفس قدر اهتمام النساء، وعموما فإن الظروف المحيطة بالأصدقاء، هي التي تتحكم في شكل وقوة الصداقة، وقد تكون الصداقة قوية بين بعض الرجال، وضعيفة بين بعض النساء؛لأنه لا يوجد قانون محدد المعالم يمكننا من خلاله أن نحكم على علاقات الصداقة بين النساء وبعضهنّ أو بين الرجال وبعضهم بعضا، أو بين كلا الطرفين معا الرجال والنساء؛ لأن العلاقات الإنسانية لا تخضع لقوانين حتمية أي مقومات يعقبها نتائج ؛لأن العلاقات الإنسانية محكومة في النهاية بالنجاح والفشل وربما تستمر وربما تتوقف.

مشيرا إلى أنه من المهم في العلاقات الإنسانية أن تتوافر بعض العوامل والتي تؤدي إلى نجاح الصداقة أو استمرارها ومن بين تلك العوامل الانسجام بين الطرفين، أو ما يطلق عليه كيميا العلاقات أي أن يحدث تجاوب بين طرفي العلاقة أو الصداقة أو الانسجام والوئام هما من السمات الشخصية للطرفين، ومن الصعب أن يكون أحدهما مرحا مقبلا علي الحياة، والآخر حزينا كئيبا انطوائيا يفضل العزلة والسكون والراحة عن الخروج إلى النزهات والرحلات! أو يكون أحد الطرفين كريما في مشاعره وإنفاقه بينما الآخر عكس ذلك، ومن خلال هذا الاختلاف يتوالد التنافر في العلاقة أو هي غالبا ما تنتهي ؛لأن طرفي العلاقة لا يلتقيان عند نقطة واحدة.

العدد 1709 - الجمعة 11 مايو 2007م الموافق 23 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً