العدد 1712 - الإثنين 14 مايو 2007م الموافق 26 ربيع الثاني 1428هـ

كارلوس وفلسفة المزج بين الماركسية والإسلام

كاتيا يوسف comments [at] alwasatnews.com

قلَما انصبَ اهتمام دولي على شخص مثل انهماكه بـ «الثعلب» «اليتش راميرز سانشاز» المعروف بكارلوس الإرهابي. فلقد شغل هذا الرجل العالم لقيامه بسلسلة من الاعتداءات وخصوصا في فرنسا بين العامي 1982م و1983م... كما قتل شرطيين العام 1975م واستهدف قطار لو كابيتول... وغيرها الكثير من الأعمال التي صنِّفت بالإرهابية. وقد تمَّ إلقاء القبض عليه بعد لجوئه إلى السودان الذي سلَمه إلى السلطات الفرنسية العام 1994م وحكم عليه بالسجن المؤبد العام 1997م.

غاب كارلوس لفترة طويلة عن الإعلام بوصفه أشهر إرهابيي العصر، ليرفرف اسم بن لادن عاليا في هذا المجال باعتباره أول المطلوبين على لائحة الإرهاب. ولكن التاريخ لم يتمكَن من طمس اسم كارلوس إلى الأبد، فلقد عاد وجهه إلى الظهور على شاشات التلفزيون في قاعة محكمة الجنايات في باريس. ويمثل كارلوس الثوري الماركسي أمام القضاء بتهمة الإرهاب. وقد وقَّع القاضي المتخصص في مكافحة الإرهاب «جان لوي بروغيير» مذكرة اتهامية... مختتما ملاحقات قضائية استمرَّت 25 عاما.

ربط الإعلام اسم كارلوس بالإرهاب، ونشرت وسائل الإعلام المختلفة عمليَاته على الملأ ليروا بأعينهم اعتداءاته وقتله للكثير من الأشخاص.

ولكن ما هي وجهة نظر كارلوس؟ وما هي أهدافه ومبادئه في الحياة؟ ولماذا قام بهذه العمليات التي لم يتردد في الإعلان عن أنه غير نادم عليها باعتبارها نضالا في وجه الإرهاب الأميركي والغربي، ومن مبدأ إيمانه بكفاح الشعوب المقهورة. وخصوصا إحساسه العميق بالقضية الفلسطينية كونه من أشد المناصرين لها. رأى كارلوس في الإسلام القوة الوحيدة العالمية القادرة على حماية الأمم المقهورة استنادا لروحه الثورية ولذلك أشهر إسلامه. وقد قام بنشر كتابه الأخير «الإسلام الثوري» الذي حرر صفحاته في السجن، وتضمن الكثير من الفضائح وخصوصا عن أميركا التي كتب عنها قائلا: إنها تتغذى من جثث ساحات المعارك... ووصفها بالشيطان وامبراطورية الظلمات الممتدة في أنحاء العالم كافة... كما أبدى إعجابه ببن لادن ورأى فيه بطلا... وقد قال في هذا السياق: إن الإرهاب مقبول عندما يكون الهدف ترهيب العدو ولذلك فإن «بن لادن نموذجا مضيئا في محاربة الطغاة والدفاع عن المضطهدين والمسحوقين... إنني أشجعه وسأعمل على الاستمرار في نهجه الرائع. لقد أصبح رمز الجهاد الحي». فبن لادن بالنسبة إلى كارلوس المكمل التاريخي لأعماله.

يدافع كارلوس عن القضية الفلسطينية ودول العالم الثالث ويهتم بقضايا تخصنا أكثر مما تخص شخصا فنزويليا، ويعود الخيار في تصنيفه إرهابيا أو مناضلا لمبادئ وإيمان كل منا. ولكن الذي يثير الأسئلة ويستعصي علينا تفسيره وتحليله هو دخوله الإسلام.

فكيف يمكن لإنسان شيوعي أن يؤمن بوجود اللَه ويلتزم في الوقت نفسه بمبادئ ماركس؟ وهل إسلامه عن اقتناع روحي؟ أم التزام سياسي؟ أم من أجل العودة إلى الواجهة الإعلامية بعد أن احتلها بن لادن؟

تطرقت إلى هذا الموضوع رئيسة جمعية «إس أو إس اعتداءات إرهابية» فرانسواز رودتسكي حين دعت إلى مقاطعة كتاب كارلوس «الإسلام الثوري» الذي يحمل اسما تجاريا لا يرتبط بمضمونه وقالت ما معناه إنه ليس أكثر من محاولة استعادة شهرته وسطوع نجمه مجددا.

أسئلة كثيرة تصعب الإجابة عنها لأنه على رغم دخول كارلوس الإسلام فقد بقي متمسكا بماركسيته، وقد عبر عن ذلك بقوله: «الشيوعي ليس بالضرورة أن يكون ملحدا». فكارلوس شيوعي مسلم يصوم شهر رمضان المبارك كما ذكرت محاميته التي تزوجها إيزابيل كوتان بير. كما أضافت بير أن كارلوس كان شيوعيا منذ أن كان عمره 14 سنة ومازال.

ما هي هذه الفلسفة التي تمزج العلمانية بالإيمان؟ فلطالما ارتبطت الشيوعية بالإلحاد، لأنها تقوم على تفسير كل ما في الكون وفقا للعلم وترفض وجود الله. فكيف يدخل الإسلام رجل شيوعي؟ وكيف يشرح كارلوس هذه الفلسفة؟ علما أن فلسفة المزج بين الماركسية والإسلام لا تقوم على كارلوس وحده، بل تنتمي إليها منظمة مجاهدي خلق التي تشكلت في الستينات من قبل أبناء تجار إيرانيين من خريجي الجامعات لمكافحة ما تصوّرته على أنه تأثير غربي متزايد على نظام الشاه.

ما مدى تأثير هذه الفلسفة في يومنا هذا؟ وهل يتقبّل العالم الإسلامي الماركسيين المسلمين؟ وهل تنجح هذه الفلسفة في تجميل صورة الشيوعية المشوّهة عالميا باعتبارها مرادفة للإلحاد والكفر؟ هل ينجح أتباع هذه الفلسفة بإعادة مجد الشيوعية عبر الإسلام؟

إقرأ أيضا لـ "كاتيا يوسف"

العدد 1712 - الإثنين 14 مايو 2007م الموافق 26 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً