العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ

بين المحاسبة وتعطيل برامج التنمية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يطرح بعض المراقبين ملاحظات قيمة بشأن ممارسات العمل البرلماني، ويقول هذا البعض إننا يجب أن نلتفت إلى سيئات العمل البرلماني الكويتي وكيف أنه يعطل برامج التنمية من خلال تركيزه على استجواب الوزراء والضغط على الحكومة لفتح باب الصرف غير المحدود وغير المحسوب على المواطنين بهدف إرضائهم، وإن كل ذلك أدى إلى أن تتحرك رؤوس الأموال الكويتية إلى خارج الكويت لأن المشروعات الاستراتيجية يتم تعطيلها داخل الكويت. ويحذر هؤلاء المراقبون من القيام بأمور مشابهة في البحرين التي قد تؤدي في النهاية إلى عرقلة برامج التنمية.

مما لا شك فيه أن هناك بعض النقاط التي تبدو صحيحة في هذا الطرح، ولكنني من الذين يعتقدون بأن تفعيل المحاسبة بالأسلوب المتعارف عليه دوليا في البلدان الديمقراطية يتطلب أن ننظر إلى جانبي المعادلة بشكل متوازن. فانعدام التوازن لدى السلطة التنفيذية يتسبب أيضا في انعدام التوازن لدى السلطة التشريعية... فالوزراء في النظم الديمقراطية منتخبون ويخضعون للظروف نفسها التي يخضع لها النواب المنتخبون، وبالتالي فإنه لا مجال للمزايدة على استرضاء فئات الشعب بالشكل الذي نراه في تجاربنا. ثم إن المحاسبة لم تمنع الدول ذات النظم الديمقراطية من التطور والاستمرار في برامج التنمية، بل على العكس نرى أن أغنى البلدان وأفضلها هي التي تخضع فيها السلطة التنفيذية للمساءلة.

وعلى رغم أنني لا أتوقع أن يكون لدينا برلمان مثل البرلمان البريطاني، نظرا إلى عمق التجربة زمانيا، لكن المقارنة تفيدنا أيضا. فرئيس الوزراء البريطاني يخضع للمساءلة البرلمانية كل أسبوع، ويتم تخصيص يوم الأربعاء لمحاسبته ومساءلته بشكل مباشر... ومع ذلك، يعتبر الشخص الذي يتسلم موقع رئيس الوزراء في بريطانيا أقوى شخص في كل العملية السياسية، ولأنه قوي في تنفيذ برامج التنمية، فإن المحاسبة الواقعة عليه قوية أيضا. ولم نسمع أن بريطانيا انهار اقتصادها وهربت رؤوس أموالها لأن البرلمان يخضع رئيس الوزراء لمساءلة أسبوعية، وإذا تطلب الأمر يخضعه هو ووزراءه إلى لجان تحقيق في أي مجال من مجالات الحياة العامة.

في حال منعنا المحاسبة، فإن برامج التنمية قد تتحرك، ولكن قد نجد أن ما قيل عنه برامج تنمية للوطن لم يكن سوى برامج لتوجيه ثروات الوطن إلى جهات خاصة، ولا يستطيع أحد حينها أن يفعل شيئا لأن المحاسبة معطلة، ومن هنا تكمن المصيبة الحقيقية إذ لا وجود لتنمية وطنية ولا وجود لكرامة للمواطنين ولا وجود لشيء اسمه الوطن بالمعنى المطروح في عالم اليوم.

نريد موازنة المعادلة، ونتمنى أن يتحرك النواب نحو التنمية وعدم تعطيل برامج تنفع الوطن... ونريد أيضا من النواب أن يكونوا عينا للمجتمع يراقبون هذه البرامج لكي يتأكدوا أنها تصب في صالح المواطنين فعلا، وهذا يتطلب القبول بمبدأ المحاسبة. إن المحاسبة الحرفية والقائمة على احترام إرادة المجتمع هي التي تحمي مصالح البلاد وتحمي برامج التنمية وتجتذب رؤوس الأموال.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً