العدد 1718 - الأحد 20 مايو 2007م الموافق 03 جمادى الأولى 1428هـ

يوم الأرض البحرينية!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

لن أبالغ إذا ما قلت إننا في البحرين، أي نحن غالبية شعب البحرين المتضور جوعا لممارسة حقه الشرعي والفطري في الشراكة بالتملك أو حتى التملك الخاص، قد بتنا بحاجة ماسة ومرغمة إلى استحداث مناسبة وفعالية شعبية وطنية وقومية تدعى «يوم الأرض البحرينية»!

هذه الدعوة جاءت من طبيعة الوضع البحريني الذي يعيش حالة من الاختلاط والتشوش في هوية المصائر تبعا للمُصادَر من أراض والمُصادِر من متنفذين يعقدون اتفاقات ويبرمون صفقات المصادرة أو قل البيع والشراء خارج اطار القنوات الرسمية التي حددتها الدولة، هذه الاتفاقات التي عادة ما تتميز بغموضها المتذاكي كلما ارتفعت الأرقام في «الصفقات» غير المعلنة، أكانت أرقاما سعرية أو أرقاما حجمية ترتبط بمساحة الأرض البرية أو البحرية المصادرة!

بل إن بعض الجهات المختصة يبدأ في تنفيذ ممارسات اعتيادية للعبة تبديل وإخفاء وتغطية الاختصاصات، وتدويرها ليلا ونهارا لتختلط جميع الأمور، ويتنصل من كان يفترض به تنفيذ القوانين من أبسط مسئولياته الاختصاصية قبل التنفيذية الملقاة على عاتقه، ليضيع ما يضيع ومعه حيرة المواطن بلا قرار ونتيجة تذكر!

إن الشعب البحريني الأصيل والعريق، ومن بعد طول عيش واستقرار وسكن في المنازل بالفرجان و»الدواعيس» بالمدن والقرى، أريد له أن يعلق مصيره السكني في الشقق والأبنية العمودية بحجة شح الأراضي كما جاء على لسان مسئولين، وذلك بدلا من أن تبادر الدولة إلى إيجاد حل ومخرج انتقالي لمثل هذه الأزمة التي استعصت كل الحلول البائسة والمطروحة لتصريفها، أو أن يطرح على الأقل، ولو سياسيا، مشروع تنهض به الجهود النيابية، عدا من بلغ منهم مصاف «اللوردات» أو «المليونيرات» وبات يتصدق على أهالي دائرته بالدينار أو العشرين دينارا و»خياش» العيش، من أجل استعادة عدد من الأراضي المباعة أو المصادرة لأجل الصالح العام، ولأجل تصفية الأمر مع بعض القضايا والأزمات الرئيسية التي مازالت تثقل كاهل المواطن طالما أنها ظلت معلقة كشبح أسود بين أرض الواقع والتنفيذ وسماء الأحلام والمنى البحرينية البسيطة!

لو تم هذا فلربما ما يؤدي بشكل نسبي إلى تقليم وتقليص حجم المعارضة والممانعة الموجودة محليا عوضا عن «تطنيش» و»إهمال» و»عناد» لن يؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد المقابل، وإعطاء الشرعية الواقعية لشرعية الغاب في مقابل أخذ الحق بذات الوسائل التي ينتزع من خلالها من أصحابه!

أن تكون مواطنا بحرينيا، وتكون لديك في حوزتك وملكيتك الشرعية قطعة أرض أيا يكن مقاسها، فهو يعني أن لديك الكثير وقد حققت الكثير، كما هو يعني عنوان الاستقرار النفسي والمعنوي والمادي، وأصل الانتماء والنشوء والارتقاء الوطني، وبداية التفكير الجدي والعملي لتحقيق الأحلام البسيطة للمواطن البحريني من سكن وغيرها، كما هو ضمانة أساسية للولاء للوطن أولا وآخرا، ولتأدية الواجبات تجاه الدولة بعد أن تعطي مواطنها كامل حقوقه، وتكون له ولذريته حضنا حميما ودافئا، لا وكرا وجحرا ضيقا ينوء في ظلماته بالاغتراب، ومن دون ذلك فلماذا يطالب المواطن بتأدية واجباته طالما لم ينل أبسط حقوقه؟!

وبما أن اليوم قد امتدت يد المنع والمصادرة ومهارات البيع والشراء بمنتهى السرية، وذلك في ظل حمى عالمية من أعراضها تغول الخاص على حساب العام، نحو «فشت الجارم» بعدما حاصرت الغالبية الساحقة من سواحل البحرين ومن محمياتها الطبيعية بالترافق مع دعاوى التمدين والمعاصرة والنماء، وهي التي تخفي في باطنها خلف شعاراتها البراقة أكثر الغرائز بدائية ووحشة، وأفواه وأشداق جشعة مثلما لم يملأها تراب البر فإن ماء البحر غير كاف لذلك، والحمد لله أننا لم يكن لنا سبق في عالم الاتصالات والتقدم العلمي، وتحديدا الوصول إلى الفضاء وإلا لأصبح القمر هو الآخر ملكية ومزرعة خاصة للمتنفذين، بدلا من أن يكون مركزا ومحطة للاستكشاف العلمي، وذلك خضوعا حينها من قبل هذه التكنولوجيا المتقدمة لعقلية آية في التخلف لا تعلم أنها تأكل نفسها بنفسها شيئا فشيئا!

ولعله بفضل ذلك الانعدام في الشفافية والوضوح، واختلاط الأحمر بالأزرق الذي يغلف العلاقات المواطنية المرسومة في الدولة ليتوقع الجميع أن يستيقظ ذات يوم أو ذات فجأة سوداء على صك بيع جميع الأراضي بما فيها أرضه التي يعيش عليها منذ سنين عجاف وأعوام سمان، هذا إذا لم يطالب بدفع ثمنها غاليا، في حين قد توهب الأراضي المنهوبة بالمجان لغير أصحابها، أكانوا عبيدا خصيان أم قططا وجرذانا سمانا، بحسب الهكتار!

وهذا أمر خطير يزعزع الثقة الجماعية ويقضي على مستقبل أبسط الصيغ التشاركية الجامعة بين الدولة ومواطنيها، ويضرب أول أسس الدولة في مقتل حينما تعود إلى مربع يجري داخله صراع التملك والاسترقاق العقاري من دون أن يضع مصلحة المواطنين ومستقبل البلاد في اعتباره، فهل يدرك أخطبوط المتنفذين خطورة هذا الأمر؟!

وهل عسى الدولة أن تفكر في حل آخر يوسع الأحضان لمواطنيها غير حل إطلاق سيول «لوثة التجنيس» على أقصاها، لتغرق أرخبيل الأراضي المنهوبة والموهوبة والمصادرة والمباعة، أو ربما هي تغرق البحر ذاته وتضيق على الصياد البحريني في رزقه، بعدما ضيقت على الفلاح، وحتى على «بياعة الفقع» موسميا؟!

يكفي المواطنين البحرينيين أراضيهم التي ضاقت عليهم واتسعت لغيرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1718 - الأحد 20 مايو 2007م الموافق 03 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً