العدد 1718 - الأحد 20 مايو 2007م الموافق 03 جمادى الأولى 1428هـ

دم «الجارم»... في رقبة النواب!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نظم أنصار البيئة السبت الماضي زيارة إلى «فشت الجارم»، شارك فيها إلى جانب عدد من الزملاء الصحافيين، ثلاثة نواب من كتل الوفاق والأصالة والمنبر، وتخلفت عنها كتلة المستقبل.

الفشت قضية كبرى يجب أن تتبناها كل الكتل، وهي أمانة في أعناقهم، وضياعها يعني تقصيرا فظيعا بحق الأجيال المقبلة. ومشكلة النواب أنهم حتى الآن لا يبدون مكترثين بموضوع خطير من هذا الحجم، وخوفي من إضاعة الملف إذا تم تمريره في دهاليز المجلس، ويخضع كسواه من الملفات إلى مساومات الكتل ولعبة المصالح التي ترفع من شأن «الفئة» على حساب الوطن، فالتجارب القريبة جعلتنا نتشكك في أداء ودوافع هذه الكتل «المتكتلة». وما نخشاه أكثر هو عدم وجود رؤية واضحة لدى الكتل بلا استثناء، فيما يخص الفشوت والجزر، فالبرلمان في لجّة الاستقطاب الطائفي، يراد منه الانشغال عن القضايا الكبرى بتوافه الأمور.

نقول ذلك ونحن ننتظر أول الغيث، وهي الندوة التي من المقرر أن تنظمها «الوفاق» مساء أمس (الأحد)، مع تحفظنا المسبق على تصريحات بعض نواب «الوفاق» قبل أيام بعد إثارة موضوع فشت الجارم، التي دلّت على عدم وجود رؤية وطنية واضحة. فليس من المعقول أن ينطلق النائب من فرضية بيع الفشت لمستثمرين أجانب ويأخذها كمسلمة، ثم يسأل عن «المبالغ» ليجري حساباته هل تسوى البيعة أم لا! فخطورة مثل هذا التفكير أنه مستعد للقبول بمسألة التفريط في تراب الوطن، وهو ما يفتح الباب أمام بيع بقية الجزر والفشوت.

المسألة من الأساس مرفوضة من وجهة نظر استراتيجية، فالفشوت ثروة وطنية، يجب أن تعامل على أساس حفظها واستدامتها لتبقى ذخرا استراتيجيا لهذا الشعب الذي يعاني من مشكلة إسكانية خانقة، بعيدا عن عقلية تجار السوق: كم دينارا سيدخل جيبي ومن بعدي الطوفان.

الرؤية الاستراتيجية هنا مفتقدة، حتى لدى النواب، الذين من أوجب واجباتهم في هذه المرحلة، أن يفكّروا في كل طريقة يحفظون بها هذه الأراضي من الضياع والتلف كما تفعل الشعوب الأخرى بشكل جماعي في ثرواتها الوطنية. فإنقاذ الفشت اليوم، يحتاج إلى تضافر كل الجهود الشعبية والأهلية، ولن تتمكن الصحافة الوطنية من عمل الكثير إذا خذلتها بقية القوى. كما لابد من المصارحة هنا، الفشت لا يحتاج إلى حملات إعلامية يجيّر بها بعض النواب القضية من أجل الظهور الشخصي، ولكن يحتاج إلى مواقف رجال حين تطرح القضية في جلسة المجلس غدا (الثلثاء)، ومن خيانة هذا الشعب أن يتخلى أي نائب أو كتلة عن تبني الدفاع عنه، بدوافع شخصية أو فئوية قصيرة النظر كما حدث في الاستجواب أو التأمينات. فنحن نتحدّث عن أراضٍ ضحلةٍ تزيد على ثلث ساحة البلد، ونتحدّث عن 25 ألف مواطن من عوائل البحارة المحترفين والهواة، وعن مائدة يستفيد منها بحارة الدراز وباربار وجنوسان، كما يستفيد منها بحارة البسيتين والحد وقلالي.

اليوم، النواب على المحك، والتكتل البيئي الذي يمثل الجانب الأهلي، بعث برسالة إلى رئيس المجلس دعا فيه «نواب الشعب» إلى تبني مقترح بصفة مستعجلة، لتشكيل لجنة تحقيق في الأوضاع القانونية لجميع الفشوت في مياهنا الإقليمية، من أجل تقنين وضعها وتحديد ملكيتها، واعتبارها محميات طبيعية وأملاكا عامة لا يجوز التعدي عليها تحت أي ظرف. وكما قال البيئيون، إن تاريخنا زاخرٌ بالمواقف الوطنية للبحرينيين رجالا ونساء، في الحفاظ على ترابنا الوطني، والمساس بهذا التراب اعتداء على السيادة الوطنية. وعلى النواب أن ينضموا إلى هذه القائمة الوطنية، فـ «دم الجارم» أصبح معلقا برقابكم أيها النواب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1718 - الأحد 20 مايو 2007م الموافق 03 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً