العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ

الولاء لـ «فشت الجارم»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لأول مرةٍ يُجمِع أربعون نائبا على موضوع واحد في برلمان 2006. ولأول مرة منذ ستة أشهر يتأخر اجتماعهم حتى الساعة الخامسة والنصف عصرا! ولو اجتمع النواب والشورى، نجزم أنهم سيُجمِعون على ما أجمعوا عليه أمس في جلستهم التي ستدخل التاريخ الوطني.

من الصباح حاولنا الاتصال بالزملاء المكلفين بتغطية البرلمان من دون جدوى، إذ ظلّت هواتفهم مغلقة حتى عودتهم الساعة السادسة مساء. فقد أعلن تشكيل «لجنة تحقيق» في واقع ومصير الفشوت في البلد، وخصوصا فشتي الجارم والعظم. اللجنة ستطلب معلومات من جهاز التسجيل العقاري ومن جهات حكومية أخرى، وسيتركز التحقيق على وزارة «البلديات» التي أعلنت أنها الجهة المختصة بعد صمت وتردد الوزير يومين.

النواب طالبوا بتزويدهم بوثائق ملكية الفشوت، وأبدوا امتعاضهم من رفض الحكومة الإفصاح عن أسماء من يملكون جزرا عامة في البحرين. وقدّموا اقتراحا برغبة لتحويل جميع الفشوت إلى محميات طبيعية لاستثمارها سياحيا لتكون متنفسا للأهالي، وهي لفتةٌ يثبت بها النواب قربهم من تطلعات الناس.

ومما اتفق عليه النواب أن تعمل كل الكتل بشكل استثنائي خلال الأسبوع المقبل على تبنّي أول قانون يحفظ الثروات الطبيعية والفشوت والجزر والأراضي والسواحل باعتبارها مصانة بنص الدستور، وفق المادة (11).

النواب أمس استخدموا كل الوسائل المتاحة لديهم لمعالجة الموضوع، وهذا الإجماع يدل على أن القضية تهم كل أبناء شعب البحرين، ليس على المستوى المجازي بل على المستوى الواقعي، فأنت تتكلم عن متنفس استراتيجي للجيل القادم أو الذي بعده بعد أن يضيق البر علينا في الجزر الأربع التي نتدافع فيها بالمناكب والركب. كما تتكلم عن أرزاق آلاف البحارة والصيادين، وعن ثروة سمكية مازالت تمد المائدة البحرينية بسخاء؛ وهي مسألةٌ تدخل في مفهوم الأمن الغذائي للبلد.

لا نريد أن نكون متفائلين أكثر من اللازم، فالطريق طويل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فنحن حتى الساعة غير مطمئنين 100 في المئة من نفي خبر صفقة البيع، وخصوصا أنك أمام كارثةٍ لو تمت فستعني إخراج ما يعادل ثلث مساحة البحرين من الأراضي المغمورة من المعادلة، والقضاء على إمكان استغلالها مستقبلا في حل أزمة الإسكان التي يعاني منها ما لا يقل عن ربع سكان البحرين بصورة ملحّة، إذا احتسبنا طلبات 44 ألفا، بمعدل أربعة أفراد للعائلة الواحدة، فيكون الناتج 160 ألف مواطن، هذا إذا لم نتكلم عن زيادة تعقد المشكلة مستقبلا، مع زيادة وتيرة التجنيس وتخفّف الحكومة من التزاماتها «الإسكانية» لصالح القطاع الخاص الذي يفضل مشروعات الربح السريع، ويعيش على المضاربات التي رفعت الأسعار بصورة فلكية أعجزت 80 في المئة من البحرينيين عن امتلاك قطعة أرض.

وزير «البلديات» الذي سيكون في مرمى مدفعية النواب بعد اليوم، كرّر مقولته السابقة: «البيّنة على من ادعى»، في إشارة إلى «الوسط» التي تبنت شرف الدفاع عن الأرض ومصلحة الشعب العليا، وردّ عليه بعض النواب أنه لا يوجد دخان من دون نار، فإذا كان يطالب بدليل البيع، فعليه أن يُقنع الرأي العام أنها لم تُبع، أو أن الصفقة أُلغيت. هذا والصحافة لا تملك غير سلطةٍ معنوية، تستمدها من قول الحقيقة ونشر المعلومة الواثقة بها، وعلى السلطة التشريعية أن تقوم بواجبها تجاه الناس، فالنواب الذين زاروا جزر الفشت شاهدوا بأم أعينهم كيف كانت الطيور تحوم فوق رؤوسنا خوفا على بيضها ومستقبل فراخها في موطنها، والنواب -والشوريون- ليسوا أقل حبا لأرضهم ولا خوفا على مصير وطنهم ومواطنيهم من تلك الطيور المهاجرة. فليحافظ النواب على ثرواث هذا الشعب، فالولاء لـ «فشت الجارم» أصبح اليوم العنوانَ الأكبرَ للولاء للشعب والوطن.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً