العدد 1723 - الجمعة 25 مايو 2007م الموافق 08 جمادى الأولى 1428هـ

النواب... هل يعملون على تحقيق مصالح الناس؟

من يتعرف على حال أعضاء المجلس النيابي عن قرب يجدهم يعيشون في دوامة من المشكلات المتراكمة، في يوم من الأيام صادف وقوفي مع أحد النواب فوجدت هاتفه لم يهدأ لحظة واحدة من كثرة الاتصالات الهاتفية التي ترد إليه، وبحسب ما علمت بعد ذلك أن كل شخص يتصل مشكلته تختلف عن آخر، فحاولت تلخيص تلك المكالمات لنستبين حجم المشكلات التي ترد إلى النائب ويطلب منه حلها وبأسرع وقت ممكن وإلا يكون من المقصرين:

المكالمة (1): يتحدث الشخص عن طلبه في الإسكان الذي مر عليه سنوات طويلة تمتد إلى العام 1992، أولاده أصبحوا شبابا بعد أن كانوا صغارا وإلى الآن لم ير بصيصا من الأمل يقربه إلى حلمه الذي طال انتظاره سنوات كثيرة.

المكالمة (2): يتكلم عن ابنه الذي تخرج من الجامعة منذ سنوات كثيرة وإلى الآن لم يجد له وظيفة يلبي من خلالها طموحه وطموح وطنه.

المكالمة (3): يقول إن راتبه الشهري قليل لا يكفيه حتى إلى منتصف الشهر، ويطلب من النائب أن يلح أعضاء المجلس على زيادة الرواتب بنسبة تتناسب مع المتغيرات الحادثة في زوايا كثيرة في الحياة وحتى يتسنى للناس تحمل الغلاء الفاحش للسلع عموما.

المكالمة (4): يطلب منه التحدث عن بناته اللاتي قضين سنوات كثيرة في الدراسة الجامعية حتى أكملنها وكن يتمنين أن يحصلن على وظائف تتناسب مع تخصصاتهن ليفيدوا مجتمعهن ويستفدن منها ماديا وخبرة، ويتساءل: أيعقل أن تبقى ابنته التي تحمل شهادة في الأحياء والتربية منذ ثلاث سنوات معلقة هكذا على رغم حاجة وزارة التربية إلى هذا التخصص، وعلى رغم اجتيازها كل الامتحانات بنجاح؟! وبعد مراجعتها للوزارة لإكمال إجراءات التوظيف النهائية يرجعونها إلى المربع الأول ويطلبون منها الدخول في دائرة الامتحانات مرة أخرى التي تخطتها كما أسلفنا.

المكالمة (5): يطلب منه التحدث عن حقوق بناته اللاتي حصلن على نسب عالية تفوق 90 في المئة في مواصلة دراستهن الجامعية بدلا من أن يبقين في البيت حائرات ويقتلهن الفراغ الزائد ويكون حالهن سبب تثبيط لأخواتهن الصغار، ويتساءل: أليس ما يحدث لبناتي ولبنات غيري من الناس إحباطا وقتلا للطاقات البشرية ويساهم في تراخي الطلبة والطالبات في الجد والمثابرة الذي بدوره يضعف النتائج عموما؟!

المكالمة (6): معلم يسأله متى سيأتي اليوم الذي تطالبون فيه بحقوق المعلمين المهنية وعلى رأسها زيادة رواتبهم والدفع بقوة تجاه تطبيق الكادر بأصوله الحقيقية التي لا تشترط وجود الشواغر عند الترقية، ولا تتوقف ترقياته عند الدرجة السادسة، بل تصل إلى الدرجة الثامنة، كما ورد في أدبيات مشروع الكادر التعليمي الذي عرفناه من وزارة التربية والتعليم.

المكالمة (7): يسأله: ماذا فعل مجلسكم للمتقاعدين؟ أمازلتم تعتبرونهم من الذين انتهت أدوارهم في الحياة العملية؟ ألسنا نحن الذين سيرنا كل المعاملات والخدمات في مختلف الوزارات سنوات طويلة؟ ألسنا نحن الذين خرجنا الأجيال التي تسلمت الآن المناصب الرفيعة في مملكتنا الغالية بكل اقتدار؟

المكالمة (8): مريض تعب من مراجعة مستشفى السلمانية والمراكز الصحية والعيادات الخاصة من دون فائدة ويطلب منه مساعدته للسفر إلى خارج البحرين لعله يجد الطبيب الذي يجعل الله على يديه شفاءه.

المكالمة (9): امراة تقول إن رجليها حفيتا من كثرة ذهابها إلى المحكمة وإيابها منها من أجل أن تنصفها من زوجها الذي أذاقها الأمرين، وتطلب من النائب التدخل لحل مشكلتها، منوهة إلى أن المشكلة بحاجة ماسة إلى التدخل لأن هناك الكثيرات من الضحايا يذقن الأمرين مثلها من تأخير البت في قضاياهن بسبب المبالغة في التأجيل والتسويف.

المكالمة (10): صاحب نقل مشترك يقول للنائب إن جلد ظهره انسلخ وزادت أوجاع عظام قفصه الصدري من طول مدة جلوسه على مقعد السيارة، وتعبت يداه من مسك المقود ساعات طويلة تمتد من الصباح الباكر وحتى غروب الشمس، بعد كل هذا التعب لم يحصل على دخل يكفيه حتى إلى بنزين السيارة وصيانتها، ناهيك عن متطلبات الأسرة، ويطلب منه أن يعرض مشكلته العصيبة -كما يراها- أمام المجلس النيابي لعله يخرج بحل يريح قلبه وقلوب عياله.

المكالمة (11): شاب توظف براتب لا يتجاوز 150 دينارا ووصل عمره إلى 25 سنة ويريد أن يكون حاله كسائر البشر كما يقول، ويتزوج ويكون له أسرة. ويحلم بأن يكون له بيتا يسكن فيه هو وأسرته، ويطلب منه حل هذه المعضلة حتى لو كانت باقتراح برغبة، ويضيف «لست أنا الوحيد الذي يعاني من هذه المشكلة فهناك أمثالي كثيرون».

المكالمة (12): معوق يطلب منه إعطاء المعوقين مساحة في مناقشات المجلس النيابي فيقول له: نحن أيضا أسهمنا في إيصالكم إلى المجلس فلا تنسون ما قدمناه إليكم فترة حملاتكم الانتخابية، لا تحاولوا أن تتشاغلوا عن مشكلاتنا والمطالبة بحقوقنا، نريد منكم طرح مقترحات بقانون تضمن لنا أن نعيش حياة كريمة وهادئة، أطلبوا لنا تسهيلات في الأماكن الخاصة والعامة وسهلوا لنا الصعاب في السفر وفي المؤسسات التجارية وفي الخدمات الرسمية وغير الرسمية، اعفونا من بعض الرسوم الحكومية كالجواز والبطاقة السكانية والذهبية.

المكالمة (13): شخص يسكن في «إسكان البحير» يسأله: إلى متى ونحن ننتظر موافقة «البلديات» و»العدل» على طلبنا الذي قدمناه لتخصيص أرض لبناء مسجد عليها، والذي مضى عليه أكثر من 25 سنة، تعبنا من مخاطبة المجلس البلدي، فلم نجد من يجيبنا على مطلبنا، ويضيف قائلا: نريد من ذلك صون أولادنا من التشرد في الطرقات وإبعادهم عن الانحرافات المتنوعة.

المكالمة (14): سيدة تقول إنها تخرجت في دولة الكويت الشقيقة قبل ست سنوات وحصلت على دبلوم إدارة بريد بتفوق مع مرتبة الشرف، تسأل: أليس من حقي أن أحصل على وظيفة في وطني تتناسب مع التخصص الذي تفوقت فيه، علما بأنني عرض علي بعد التخرج مباشرة العمل في إدارة البريد في الكويت لتفوقي، إلا أنني أحببت أن أرجع إلى بلدي وأقدم خدماتي بين أهلي وأبناء وطني، لماذا يتعامل مع طلبي بهذه الصورة على رغم حاجة إدارة البريد إلى هذا التخصص؟!

المكالمة (15): سيدة أخرى تستغيث من كثرة انقطاع التيار الكهربائي ولمدد طويلة في وقت الظهيرة وأنصاف الليالي، تسأل النائب: إلى متى سيبقى الحال هكذا ونحن في أول فصل الصيف؟ وخصوصا أننا على أبواب الامتحانات التي تحتاج إلى صفاء ذهني، وهذا لا يتأتى في مثل هذه الظروف العصيبة، أليس كذلك؟

وكل ما ذكرته كان عبر الهاتف، فناهيك عن الذين يأتون إلى النائب مباشرة ويعرضون عليه مشكلاتهم التي بعضها فردية وبعضها جماعية، وغير الذين يقذفونه بكلماتهم القاسية واللاذعة وكأن عنده العصا السحرية أو الدعاء الذي لا يرد. وكان النائب يرد على كل أصحاب تلك الطلبات ببعض الجمل التي تطيب خواطرهم وتهدأ من روعهم «إن شاء الله وما يصير خاطركم إلا طيب وسنعمل جاهدين على حل كل قضاياكم» وهو يبتسم إلى هذا ويطبب على كتف ذاك من أجل أن يقلل من انفعالاتهم وردود فعلهم الشديدة، وهو يقول لهم «والله أنا على يقين لا يداخله الشك أن باعثكم من وراء كل ما تقولونه تطوير الوطن والمواطن، وأنا لن أتوقف عن المطالبة بالحقوق في كل الاتجاهات».

قلت في نفسي «ساعده الله على بقية المشوار الذي يتطلب منه أن يبذل الجهود المضاعفة وأن يضحي بنومه ولذيذ أكله من كثرة القضايا التي ترد عليه التي تتطلب منه التحرك بأسرع وقت ممكن لحلها»، والنائب من أجل أن يقدم مشروعا أو طلبا لابد له أن يمر بمراحل كثيرة يبدأها بهيئة المكتب للموافقة عليه أو عدم الموافقة، وإذا تمت الموافقة عليه يحدد له هل يكون المقترح برغبة أو بقانون؟ ثم يصنف الطلب ويبعث إلى اللجنة المختصة بذلك المقترح لتعرض تصوراتها وتوصياتها على المجلس لمناقشته والتصويت عليه، ولابد للنائب أن يقوم باتصالات ولقاءات مع مختلف الكتل النيابية للترويج إلى مقترحه، وفي بعض الأحيان يضطر إلى عقد اتفاقات أخلاقية مع هذا الطرف أو ذاك لضمان التصويت على مقترحه بالغالبية. وعلى رغم كل تلك الاحتياطات المعقدة لا يهدأ إلا بعد التصويت عليه بإيجابية، لأنه إلى آخر لحظة قد تطرأ أمور لم تكن في الحسبان ولا في البال كما يقولون وتهدم كل ما بناه في أيام طويلة. وفي الوقت نفسه عليه أن يوثق علاقاته مع مختلف الوزارات بشكل جيد لضمان تنفيذ مقترحه بعد التصويت عليه وصدور القانون بشأنه... كل تلك الخطوات تحتاج منه إلى أن يبحث عن وسائل وأساليب دبلوماسية متنوعة من أجل إنجاح مساعيه، وهو في هذا المشوار الطويل والمواطن ينتظر ليقيمه في النتيجة التي ستتمخض عن تحركاته، لن يعذره الناس لو كانت النتيجة سلبية وسيكونون له بالمرصاد في كل محفل وزاوية يجدونه فيها! وهنا لا نتكلم عن النائب الذي لا يكترث بمثل هذه المسائل، بل نتكلم عن النائب الحريص على مصالح الناس.

سلمان سالم

العدد 1723 - الجمعة 25 مايو 2007م الموافق 08 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً