العدد 1725 - الأحد 27 مايو 2007م الموافق 10 جمادى الأولى 1428هـ

الشفافية (2/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ولا تقع مسئولية محاربة الفساد على عاتق البلدان ذات الدخل المحدود فقط، إذ تقع مسئوليتها أيضا على عاتق البلدان الغنية، إذ يتوجب على هذه الأخيرة أن تواجه، من جهة، القضايا المتعلقة بالفساد التي تحصل داخل حدودها، ومن جهة ثانية، عليها أن تضمن أن مؤسساتها وشركاتها ليست مشاركة في أداء فاسد خارج حدودها. ويجب أن تلاحق كل من يخالف، وان تضمن شطبه من المناقصات العامة. كما تقع مسئولية تأمين تطور مستديم على منظمة التجارة العالمية التي يجب أن تروج بفعالية لمفاهيم الشفافية وللفساد في التجارة العالمية. ولاتزال الكثير من أفقر دول العالم تعاني من آفة الفساد في ظل قلة المساعدات التي تأتيها من الخارج لإصلاح أحوالها.

ودعت منظمة الشفافية الدولية إلى تعزيز الحرب على الفساد من خلال تعميق التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لزيارة الإنتاجية والاستدامة لجهود محاربة الفساد وتحقيق الحكم الصالح، وإضافة إلى تبني الخطوات التالية في البلدان ذات الدخل المحدود: زيادة الموارد والإدارة السياسية لمساندة الجهود المبذولة لمكافحة الفساد، تمكين الجمهور من الاطلاع على كل المعلومات المتعلقة بموازنات والمداخيل والمصاريف. أما في البلدان ذات الدخل العالي فترى منظمة الشفافية ضرورة القيام بالخطوات التالية: الدمج بين زيادة المساعدات المالية وبين دعم محاولات إصلاحية تطلقها البلدان التي تتلقى الدعم، التقليص من المساعدات المشروطة كونها تحد من الفرص المحلية ومن امتلاك برامج المساعدات.

وفي هذا الاتجاه تُشكِلُ معاهدة منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي OECD التي قامت 30 دولة من الدول الأعضاء فيها، إضافة إلى 5 دول مصدرة، بالتوقيع عليها في العام 1997، انعطافة حاسمة في عمل منظمة الشفافية الدولية الناجح في مجال مكافحة الفساد. وقد قامت منظمة الشفافية الدولية في العام 2001 بنشر تقريرها السنوي بشأن الفساد العالمي لأول مرة، وهو عبارة عن وصف للوضع الراهن لعالم مُرتشٍ. ويعتبر هذا التقرير بشأن الفساد العالمي Global Corruption Report ، إضافة إلى «قائمة التقييم» لدول العالم الأكثر فسادا Corruption Perception Index وتلك الدول التي تقوم شركاتها بدفع أغلب الرشاوى Bribe Payers Index، مؤشرا موثوقا به لوصف تطور مستويات الفساد في كل الدول بشكل منفرد.

ووفقا لتعريف ويكابيديا (www.wekapedia.com) يشتمل مصطلح الشفافية في الثقافة الإنسانية معاني: الانفتاح والاتصال والمحاسبة. والشفافية بمعناها المستعار من علم الفيزياء تعني المادة الشفافة الواضحة الزجاجية بحيث يمكن رؤية الطرف الآخر من خلالها. وعندما تخطو النظم الديمقراطية الليبرالية خطوة نحو الأمام فهي تستخدم الشفافية كوسيلة لمحاسبة مسئولي الحكومة ومكافحة الفساد. فعندما تكون الاجتماعات الحكومية مفتوحة للإعلام والجماهير وهناك فرصة لأي شخص لمراجعة وتدقيق موازنة الحكومة وجدول عملها المالي، ويكون هناك مجال للحوار ومناقشة القوانين والتعليمات والقرارات يعتبر نظام الحكم حينها شفافا، وتضيق الفرص أمام الحكومة في إساءة استخدام السلطة لمصلحة مسئوليها. ولا يمكن أن توجد الشفافية من طرف واحد. أي أن الشفافية تخلق مشاركة يومية في العملية السياسية عن طريق الإعلام والجماهير. والأنظمة الديمقراطية المعاصرة تقوم على هذه الأسس من مشاركة الناس والإعلام. وهناك عدة طرق للتأثير في القرارات على مختلف مستويات الدولة لمن يريد ذلك. لم تعد الانتخابات والاستفتاءات الشعبية الوسيلة الوحيدة للجماهير لكي تحكم نفسها. فالديمقراطية تعمل بلا انقطاع، وفيها تُستخدم الانتخابات في النظام الديمقراطي فقط لإحداث تغيير كبير في المسار السياسي.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد في 62 دولة وشمل 60 ألف شخص «ميل الأفراد إلى تحميل حكومات مسئولية انتشار الفساد في أنحاء مختلفة من دول العالم».

وأشار الاستطلاع الذي نشر في بروكسل أن 22 في المئة من الأشخاص فقط يرون أن حكوماتهم تبذل جهودا فعالة من أجل مكافحة انتشار الفساد. بينما رأى 69 في المئة ممن شملهم الاستطلاع أن جهود حكومات بلادهم في هذا الصدد «غير كافية»، فهناك نسبة 15 في المئة ترى أن الحكومات تشجع وتساند الفساد، بينما يرى 16في المئة أن الحكومات تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الظاهرة، بينما يرى 38 في المئة أن جهود حكوماتهم لمحاربة الفساد غير مجدية.ورأى 78 في المئة ممن استطلعت آراؤهم في دول أميركا الشمالية أن جهود حكوماتهم في هذا الإطار غير كافية، مقابل 70 في المئة فى أوروبا و53 في المئة فقط في أفريقيا. وتعليقا على هذه النتائج، قالت رئيسة منظمة الشفافية الدولية هوغيت لابيل، أن هذا الاستطلاع الدولي يظهر عمق الأثر السلبي والمأساوي لظاهرة الفساد على حياة الأفراد اليومية. وأضافت أن «الفقراء الذين لا يستطيعون دفع رشاوى في بعض البلدان، لا يتمكنون من الحصول على الخدمات الأساسية»، وبالتالي «ندعو حكومات كل الدول إلى تحمل مسئولياتها ومواجهة هذه الظاهرة بجدية أكبر»، بحسب تعبير لابيل.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1725 - الأحد 27 مايو 2007م الموافق 10 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً