العدد 1736 - الخميس 07 يونيو 2007م الموافق 21 جمادى الأولى 1428هـ

اقتصاد البيئة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استقبلت ألمانيا قمة مجموعة الثماني في الفترة بين 6 و 8 يونيو/حزيران، في مدينة هايلغندام على ساحل بحر البلطيق، إذ ناقشت المجموعة عدة قضايا أبرزها مستقبل الاقتصاد العالمي والمساعدات التنموية في إفريقيا. وأثارت موضوعات البيئة وخصوصا الحد من الزيادة فى درجات الحرارة العالمية درجتين مئويتين هذا القرن وخفض انبعاثات الكربون بنسبة 50 فى المئة أقل من مستويات العام 1990 بحلول 2050 ، نقاشات حادة بين المشاركين في تلك القمة بين الكتلة الأوروبية وخصوصا ألمانيا ، وبين الولايات المتحدة التي لاتزال ترفض توقيع معاهدة «كيوتو» التي تهدف الى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى في العالم ولاتزال تعارض الأهداف الإلزامية إذ ذكرت أن حماية البيئة لا يمكن أن تتحقق على حساب الإضرار بالنمو الاقتصادي.

و تعني البيئة بالمفهوم الواسع للكلمة مجمل العوامل التي يكون لها دور في تحديد الوجود البشري، أي العوامل التي تحدد الشروط المادية والنفسية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية لعلاقات البشر. ويتضمن هذا التعريف لاقتصاد البيئة المفاهيم البيئية الآتية:

1. البيئة الاجتماعية: وتتضمن المجال أو الحقل الاجتماعي للفرد والأسرة والمجموعات البشرية والمجتمع.

2. البيئة الجغرافية (المكانية): وتشمل المحيط الجغرافي للبشر في الحي والقرية والمدينة والدولة.

3. البيئة الحيوية: وتتضمن الوضع البيئي للبشر والحيوانات والنباتات والشروط الضرورية لحياتها المشتركة ويشمل ذلك الآثار الناجمة عن التطورات التقنية والاقتصادية والسكانية. لذلك، وبعيدا عن قمة الثماني، فإن الأمر الذي لم يعد يحتمل أي جدال هو أن للسياسة البيئية تأثيرا واضحا على الأهداف الاقتصادية، فمن خلال السياسة البيئية يمكن التأثير على التشغيل والعمالة. فمن جهة يمكن لأسباب تتعلق بحماية البيئة ألا تنفذ بعض الاستثمارات في مجالات محددة، على سبيل المثال، بناء منشآت الفحم أو محطات الطاقة النووية، أوقد توقف بعض المنشآت عن العمل، وسيكون لذلك تأثير سلبي على التشغيل والعمالة. ومن جهة أخرى يمكن من خلال الطلب المتزايد على المعدات والتجهيزات البيئية، أي على التكنولوجيا البيئية، أن تخلق فرص عمل جديدة في الصناعات التي تقوم بتقديم هذه السلع والمعدات والتجهيزات. ويمكن لإجراءات حماية البيئة أن تؤثر على استقرار مستوى الأسعار، فالسلع الملوثة والمثقلة للبيئة يمكن أن ترتفع أسعارها نتيجة ارتفاع تكاليف الإنفاق على حماية البيئة عند إنتاج هذه السلع. ولكن ليس هذا هو الحال دائما، فهناك دائما اتجاه لتطوير طرق إنتاج وأساليب متلائمة مع البيئة ومجدية اقتصاديا بحيث تتجه التكاليف وبالتالي الأسعار نحو الانخفاض.

وتتأثر أيضا المقدرة التنافسية للصناعة الوطنية، فيمكن أن تضعف هذه المقدرة مع ارتفاع التكاليف وبالتالي الأسعار الناجمة عن زيادة نفقات حماية البيئة، أو يمكن أن يكون التأثير عكسيا، أي ارتفاع المقدرة التنافسية للصناعة الوطنية، فمن خلال تطوير تكنولوجيا جديدة لحماية البيئة من المحتمل أن تحقق تفوقا أو أسبقية تكنولوجية وبالتالي كسب أسواق واسعة للتصريف.

إن كلا الاتجاهين يمكن أن يؤثرا بشكل سلبي أو إيجابي على التوازن الاقتصادي مع الخارج، أي على ميزان المدفوعات مباشرة. ويتأثر النمو الاقتصادي أيضا بالسياسات البيئية، فهناك أثر سلبي يتمثل في توقف أو عرقلة النمو في الأمد القصير من خلال الإنفاق على الاستثمارات غير الإنتاجية في مجال حماية البيئة، وهناك أثر إيجابي يتمثل في تطور تكنولوجيا حماية البيئة التي تحمل في طياتها نموا اقتصاديا فضلا عن تأثير الإنفاق على النمو في الأمد الطويل. وإضافة إلى ذلك فإن النمو الاقتصادي العشوائي غير المتحكم فيه يمكن أن يقود إلى إثقال البيئة وتلويثها. وهذا سيكون له تأثير على شروط نمو إنتاج السلع الملائمة للبيئة. إلى جانب ذلك؛ فإنه من خلال الاستثمارات الموجهة إلى حماية البيئة، ومن خلال إجراءات حماية البيئة عموما، يمكن أن يتأثر توزيع الفائض الاقتصادي والدخول معا ومن ثم يؤدي إلى الرفاهية الاقتصادية.ويأخذ الإنفاق على حماية البيئة شكل الاستثمار البيئي الذي يتوزع ضمن 4 مجالات رئيسية: لقد أفرزت التطورات البيئية في العقود الأخيرة إلى الوجود فرعا جديدا من فروع العلوم الاقتصادية هو «علم اقتصاد البيئة» الذي نعرّفه بأنه «العلم الذي يقيس بمقاييس بيئية مختلف الجوانب النظرية والتحليلية والمحاسبية للحياة الاقتصادية ويهدف إلى المحافظة على توازنات بيئية تضمن نموا مستديما». ولمن أراد معرفة المزيد عن اقتصاد البيئة يمكنه العودة إلى كتاب «اقتصاد البيئة: اقتصاد جديد لكوكب الأرض» من تأليف براون ليستر وترجمة أحمد أمين الجمل، الذي نشرت طبعته الأولى الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية في القاهرة. ويرى ليستر أن النظرية الاقتصادية والمؤشرات الاقتصادية لا تفسران تمزيق الاقتصاد وتدميره للتظم الطبيعية فى كوكب الأرض ‏ولا لماذا تذوب ثلوج القطب الشمالي، كما لا تفسران السبب في تحول المراعي إلى صحراء في شمال غرب الصين، أو لماذا تموت الشعب المرجانية فى جنوب المحيط الهادي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1736 - الخميس 07 يونيو 2007م الموافق 21 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً