العدد 1743 - الخميس 14 يونيو 2007م الموافق 28 جمادى الأولى 1428هـ

فتح/ حماس... مهمة إنقاذ أولمرت

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بلغ عدد ضحايا الاقتتال بين فتح وحماس أكثر من ثمانين فلسطينيا، حتى ساعة كتابة هذا المقال. وربما يصل إلى المئة مساء.

الاقتتال بدأ مطلع الأسبوع في رفح، باشتباكات بالرشاشات وقذائف الآر بي جي، لتنتشر كالنار في بقية القطاع، وربما لا ينبلج فجر الجمعة حتى يصل القتلى المئة، ممن سفكت دماؤهم برصاصٍ فلسطيني. فحتى عصر أمس (الخميس)، كانت الأخبار تتحدّث عن «نجاح» مقاتلي «حماس» في السيطرة على مقر الأمن الوقائي التابع لفتح في غزة بعد معركة عنيفة، مع اتضاح سيطرة حماس على القطاع عمليا. وهو ما ردّت عليه «فتح» بحملة اعتقالات لأنصار حماس في الضفة الغربية، ومهاجمة مؤسساتها التربوية والخيرية.

الاقتتال وبهذه الصورة الجنونية، يعني إسقاط آخر «الخطوط الحمراء»، فلم تعد هناك حرمةٌ للدم الفلسطيني، الذي جاء دور الفلسطينيين أنفسهم للمشاركة في استباحته، بعد أن شبع الإسرائيليون وعدد من الأنظمة العربية من سفكه.

كان العدو (سابقا «إسرائيل»)، إذا أراد الإقدام على قتل شخصية فلسطينية، فإنه يخطّط لذلك قبل أشهر، ويمهّد الأرض إعلاميا بالتهديد باستهدافه، لكي يهيىء النفوس لتقبّل الخبر عند التنفيذ، ولكن «الإخوة» الفلسطينيين لم يكونوا بحاجةٍ إلى مثل هذا التمهيد والتخطيط و«طول البال»، ففي ليلةٍ واحدة، تم استهداف مقر عباس (رئيس السلطة) ومنزل هنية (رئيس الحكومة) معا، من دون أن يرف للمتقاتلين جفن.

الأسوأ من ذلك ما تناقلته وكالات الأنباء من ممارسات بشعة، من استهداف المستشفيات والاستهتار بأرواح المدنيين، حتى وصلت البشاعة إلى قتل طبّاخ الرئيس وإلقاء جثته من الطابق الخامس عشر ويداه ورجلاه مغلولتان للخلف، وبالطريقة البشعة نفسها قُتل شيخ مسجد تابع لحماس.

التقاتل لم يأتِ من فراغ، وإنّما هو نتاج تراكمات طويلة من المرارات والاحتكاكات والخلافات اليومية، التي أباح خلالها الفصيل الأقدم الفصائل الأخرى المقاومة، وإيداع أفرادها سجون «السلطة»، وعدم التورّع عن تعذيبهم والتنكيل بهم، فلما تغيّر الزمن وجاءت «حماس» إلى الحكم عبر الانتخابات، لم تتقبّل النتيجة «فتح» التي تعتبر نفسها وريثة شرعية لسنوات النضال الطويل... وهكذا تراكمت السحب السوداء في الأفق لتنطلق صيحات الثأر والانتقام. حتى لغة الخطاب كانت متفجرة كالبارود، لتقطع الطريق على أية محاولة للصلح وترميم الدار المدمّرة. فأي لغة حوار يمكن أن تقوم بين «ملاحدة فتح»، و«العصابة الدحلانية»، وبين «الفئة الانقلابية الباغية» الخارجة عن الشرعية والقانون؟

حتى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أوغلت في الخصام، بتقديم «النصح» لرئيس السلطة بإقالة «حكومة الوحدة الوطنية»، وإعلان الطوارئ، وهو قرارٌ سيزيد النار اشتعالا، مع أنه غير مستبعد في هذا البحر الهائج من الجنون.

الأخبار القادمة من فلسطين المحتلة، تحزن 260 مليون عربي، وأكثر من مليار مسلم، إذ «أدى القتال إلى انهيار عام في معنويات الشعب الفلسطيني بأكمله» كما يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح. وهي أفضل هدية يقدّمها المتناحرون على الكرسي لرئيس وزراء العدو أولمرت الذي تدنّت شعبيته إلى 3 في المئة بعد فشله الذريع في لبنان، وإقالة أو استقالة عدد من وزرائه. بارك الله فيكم... استمروا لتقدّموا طوق النجاة الأخير لأولمرت!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1743 - الخميس 14 يونيو 2007م الموافق 28 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً