العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ

همنغواي بدولار أو إلى المحرقة

النار التي وقودها الناس والحجارة، هي النار التي تحرق جسد الأفكار، وتلاحق كل ما هو مختلف، لأنه لا ينتمي «للنموذج»، لكنها الآن تلاحق كل شيء أتت عليه، فهي نار مقدسة، يقول لها الجهل هل امتلأت فتقول هل من مزيد، هي نار تلتهم الآن كتب الكثير من الروائيين والشعراء والمفكرين في العالم، وفي أكبر دول العالم أيضا، وهي دعوة مفتوحة لحرق الكتب.

توم وين صاحب مكتبة لبيع الكتب المستعملة، أطلق عليها تيمنا اسم «برسبرو»، وهو اسم إحدى شخصيات شكسبير، وبسبب تراكم الكتب في مستودعه، حاول توم خلال السنوات الخمس الماضية بتصريف مخزونه من الكتب، فقام بعرضها على المدارس والمكتبات والمكاتب الخيرية، وكذلك السجون، لكن طلبه جوبه بالرفض لأسباب مختلفة، فاعتراض المدارس لكون الكتب تصلها مجانا، ولا توجد لديها حاجة الى كل هذه الكتب، والسجون خوفا من تهريب ممنوعات داخل هذه الكتب، فلم يجد توم أي منفذ لتصريف كتبه، واحتجاجا على موقف المؤسسات وثقافة القراءة في أميركا قام توم وأصدقاؤه بحرق جزء من هذه الكتب، وعند حرقه للكتب أشار إلى الكومة المحترقة من الورق قائلا: «هذه جثة الأفكار الأميركية».

توم الذي يقطن مدينة كنساس في ولاية ميزوري الأميركية أرجع سبب قيامه «بمحرقة الكتب» إلى موقفه من ثقافة القراءة في المجتمع الأميركي، إلا أن رجال الإطفاء قاموا بإخماد الحريق؛ لأن توم لم يأخذ تصريحا بحرق الكتب في المدينة، غير أن توم قال إنه سيأخذ تصريحا في المرة القادمة، لأنه يخطط لحرق عشرين ألف كتاب، معربا في الوقت نفسه أن الناس بدأت تشتري القليل من الكتب الآن، وذلك بعد وصول الخبر لها عن طريق الإعلام المرئي أو المسموع، أو عن طريق الإنترنت.

توم البالغ من العمر الخمسين عاما، أوضح أنه وخلال تنقله على بائعي الأدوات المستعملة، والتي عادة تجلب من البيوت المعروضة للبيع، اكتشف وللمصادفة أن البيوت التي تمتلك خمسة تلفزيونات كانت تملك بالمقابل ثلاثة كتب فقط، وبذلك يعتقد أن أي كتاب لا يقرأ هو بمثابة كتاب محروق، فحين كانت الأفكار المتطرفة تدعو إلى حرق الكتب، ومنع الناس من الإطلاع عليها، أصبحت الآن تحرق أيضا ولكن لمهمة أكثر نبلا من تلك، فهذه المرة احتجاجا على عدم القراءة.

وفي أحد المشاهد المثيرة كان توم يقف على «برميل المحرقة» صائحا: «كتاب لأرنست همنغواي بدولار واحد، غير أن المفاجأة أن لا أحد قام بشراء كتاب فخر الروائيين الأميركان، وبذلك دفعوا به إلى المحرقة، ربما كان يجب على همنغواي أن يظهر في زمن «محاكم التفتيش» لينال نصيبا من القراء، فهل يجب أن نحرق كتبنا حتى نعلِّم الناس القراءة، أتدرون... بدأت أؤمن بذلك.

العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً