العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ

«حق» تنسحب بمجرد بدء علي بالكلام... والبلوشي تـــــتهم «البعض» بالسعي لمكتسبات «فئوية»

في ورشــــة «الحقيقــــة والإنصـــــاف» بـ «وعــد»

أم الحصم - ندى الوادي، مالك عبدالله 

23 يونيو 2007

أثارت الكلمات التي ألقاها كل من وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي والنائب الأول لمجلس النواب صلاح علي في افتتاح الورشة الوطنية للحقيقة والإنصاف والمصالحة في جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) أمس ردود فعل قوية من قبل حضور الورشة كان أبرزها انسحاب الأعضاء المنتمين لحركة «حق» السياسية من قاعة الورشة بمجرد أن بدأ علي بالكلام. وهو الأمر الذي علق عليه رئيس الحركة حسن مشيمع بقوله «إننا لا نحب المجاملات، ونعرف تماما موقف صلاح علي من القضية ولم نكن مضطرين للجلوس والاستماع».

وكرر علي في كلمته ما سبق أن أعلنه من تصريحات بشأن قضية المصالحة الوطنية وقال: «عملية المصالحة لا بد أن تأتي مصحوبة من تنازلات من جميع الأطراف وأن تكون قائمة على الثقة المتبادلة والمسئولية المشتركة»، في إشارة منه إلى ضرورة طي هذه الصفحة. أما البلوشي فكررت هي الأخرى تصريحاتها السابقة مؤكدة أن ترسبات الحقبة الماضية خلفت محاولات لـ «لبعض» لإعادة كتابة وبناء التاريخ بشكل ينتج عنه مكتسبات سياسية فئوية دونما محاولة الفهم الحقيقي للتاريخ المعاصر بحسب قولها.

وقالت البلوشي في كلمتها أيضا إن هذه القضية من القضايا المهمة التي تحاول الدولة الوقوف أمامها وإيجاد حلول لها بتوجيهات الملك لغلق الملف نهائيا بإجراءات ترضي جميع الأطراف وتؤكد وحدة الوطن وازدهاره واستمرار مسيرته للأمام.

ونوهت البلوشي بقوانين العفو العام والخاص التي جاءت لتعالج الأوضاع المحتقنة تمهيدا للدخول في عهد الإصلاح السياسي، وجاء العفو العام ليؤكد - بحسب قولها - عمومية العفو عن الجميع إذ إنه لا يمكن تطبيقه بشكل انتقائي على جميع الأفراد بغض النظر عن صفاتهم، وبعد دراسة عن اتفاقه مع الدستور وممارسات الدول في هذا الخصوص من أجل إجراء إصلاحات شاملة وإخراج البلاد من حال عدم الاستقرار.

وأضافت «أن الحقبة الماضية بترسباتها خلفت محاولات للبعض ممن يحاولون إعادة كتابة وبناء التاريخ بشكل تنتج عنه مكتسبات سياسية فئوية في الوقت الحاضر دونما محاولة الفهم الحقيقي للتاريخ المعاصر بالشكل الذي يخدم مصلحة البلد وركائز هويتها وتطورها في ظل العيش المشترك»، مشيرة إلى أن الدولة أخذت على عاتقها في هذا الصدد احتضان كل أبناء البلد ورأب الصدع ومحاولة استكشاف ملامح من يستحق المساعدة الإنسانية في خضم «التسييس». واختتمت البلوشي كلمتها بدعوة الجميع إلى «المشاركة والانضمام بركب مسيرة الحرية والديمقراطية».

وفي كلمته التي ألقاها بالمناسبة قال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب صلاح علي إن الساحة البحرينية شهدت مصالحة وطنية حقيقية في العام 2001 بعد توافق الشعب البحريني على التوقيع على ميثاق العمل الوطني، مشيرا إلى أن الخطوات التي خطتها البحرين لترسيخ الأمن والاستقرار في ربوعها عززت الديمقراطية ووسعت نطاق المشاركة الشعبية في إدارة دفة الحكم في المملكة، الأمر الذي اعتبره نقلة نوعية في تاريخ البحرين.

وأضاف «الديمقراطية التي ننشدها لا تقتضي مطالبتنا بمنهج واحد أو برأي واحد... إذ يجب أن تتيح لنا أن نختلف من دون أن نتفرق وتشرذم، فالاختلاف في الآراء والمواقف السياسية مطلوب بشرط أن تصب الآراء في خانة المصلحة العليا للبحرين وشعبها».

واستطرد قائلا: «المطالبة بمحاكمة كل من تورط في انتهاكات حقوق الإنسان لا يمكن أن تتجزأ، وبالتالي فإن فتح الموضوع يعني إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل العفو الشامل، لذلك يجب أن يبدأ الحوار الوطني بطي هذه الصفحة وعدم فتح الملفات القديمة على مصراعيها ومحاولة تأليب المواجع والجراحات، بل المطلوب التوصل إلى طرق ناجعة مع السلطة لمساعدة كل من تضرر من الحقبة السابقة من دون استثناء، بحيث تكون هذه المساعدات في ظل عدالة ميثاق العمل الوطني التي تناسب خصوصية المملكة وشعبها». فيما اختتم علي كلمته التي أثارت ردود فعل قوية طوال يوم الورشة الحوارية بقوله إن عملية المصالحة لا بد أن تأتي مصحوبة بتنازلات من جميع الأطراف وأن تكون قائمة على الثقة المتبادلة والمسئولية المشتركة، وقال: «العملية السياسية هي عملية منافسة بين توجهات مختلفة تعرض حلولا بديلة لمشكلات المجتمع بهدف الصالح العام... وليست أداة لتمزيق الوحدة الوطنية والتقليب في صفحات التاريخ».

أما المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووج جو ستورك فقال في كلمته إن هذه الورشة تعتبر نتيجة مباشرة للجهود والنشاطات الكبيرة التي استمرت فترات طويلة، والتي جاءت نتيجة لتحالف نحو 11 جمعية ولجنة أهلية، مؤكدا أن الثقة في كل الجهود الرسمية والأهلية يمكنها أن تؤدي إلى إعادة المصالحة الوطنية التي لا تنظر فقط إلى الماضي وإنما إلى الحاضر والمستقبل. وأشار ستورك أيضا إلى أن من الضرورة النظر إلى أطراف القضية على أساس النظر في كتاب اكتملت بعض فصوله وتم إغلاقها، ولكن لا يمكن إغلاق الكتاب بعد، فلاتزال فصول أخرى بحاجة إلى مناقشة قبل إغلاق الكتاب. وأشاد ستورك بمبادرة الإصلاح السياسي التي قام بها الملك في العام 2002، معتبرا إياها اللبنة الأولى التي وضعت القاعدة لعقد مثل هذه الورش.

وكان لرئيس اللجنة التنسيقية عبدالنبي العكري كلمة أكد فيها المجهود الذي بذلته اللجنة التنسيقية للورشة والمشكَّلة من منظمات وجمعيات سياسية وهي (الوفاق - العمل الديمقراطي «وعد» - العمل الإسلامي - وحركة حق ) ولجان تمثل الضحايا وهي لجنة الشهداء وضحايا التعذيب - ولجنة العائدين - ولجنة المحرومين من الجنسية - وجمعيات حقوقية/ شباب البحرين/ جمعية الحقوق ومركز الحقوق، إذ أنيط بجمعية البحرين لحقوق الإنسان رئاسة لجنة التنسيق.

ونوه بلقاء جلالة الملك مع الحقوقيين الأربعاء الماضي وما عبر عنه من خلال حديثه الودي مع الحقوقيين، ليؤكد أنه «لا رجعة لماضي مرحلة أمن الدولة، وأن الحريات وحقوق الإنسان مصونة، وأن بابنا مفتوح لكل متضرر ولم نرد أي مستحق»، ناهيك عن مباركته بتشكيل هيئة أهلية وطنية للإنصاف والمصالحة.

وأضاف العكري بقوله «نحن مع طي صفحة الماضي، لكن ذلك لا يتحقق إلا بكشف الحقيقة لأن تزويرا هائلا قد لحق بنضالات أبناء البحرين، وألصقت بقواه السياسية المعارضة ومناضليه تهم الإرهاب والعمالة والطائفية واللاوطنية إلى آخره، وصدرت أحكام ظالمة ونفذت أحكام الإدانة... الكشف عن الحقيقة ضروري حتى يستقيم التاريخ وهو المقدمة الضرورية لإنصاف الضحايا معنويا وإدانة من أساءوا فعلا الى الوطن والشعب»، مستشهدا بتجربة المغرب في قضية المصالحة الوطنية. واختتم بقوله: «ليس هدف الضحايا الانتقام بل إحقاق الحق وكشف الحقيقة لا يعني نكأ الجروح، بل أخذ العبرة وتصحيح التاريخ وتحصين المجتمع والدولة من إعادة إنتاج الماضي البغيض».

«ضحايا التعذيب» تطالب بإلغاء مرسوم العفو وتعويض المتضررين

استعرضت اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب في ورقة بورشة عمل «العدالة والإنصاف والمصالحة في البحرين» تجربتها في التحرك الداخلي والخارجي للمطالبة بحقوق الضحايا وأسر الشهداء، مركزة على المطالب المرفوعة والوسائل والأساليب التي تم استخدامها في سبيل تحقيق تلك المطالب.

وتمثلت مطالب الضحايا وأسر الشهداء في إلغاء المرسوم بقانون العفو العام (رقم 56 للعام 2002م)، وتقديم جميع المتورطين في جرائم التعذيب للعدالة، وإنزال القصاص العادل بهم دون تفريق أو تمييز، الاعتراف بأن الذين فقدوا أرواحهم في داخل السجن أو خارجه في سبيل تحقيق المطالب الشعبية والدفاع عنها شهداء الوطن لابد من تكريمهم بشكل يثبت تلك الكرامة لهم، تأهيل وتعويض الضحايا وأسر الشهداء وفق المعايير الدولية في هذا المجال ماديا ومعنويا وبشكل مجز وعادل، اتخاذ الوسائل التشريعية والإجرائية بما يكفل عدم تكرار تلك الانتهاكات وحفظ حقوق الضحايا من خلال الاستفادة من تجارب الدول التي انتهجت مشروعات مصالحة وطنية حقيقية.

وعدّدت اللجنة إنجازاتها التي تمثلت فيما يأتي: المساهمة في الحصول على توصيات مهمة تتلاقى مع مطالب الضحايا من لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، إعداد وثائق مهمة عن الضحايا، تسليط الضوء على قضية معاناة الضحايا وأسر الشهداء إعلاميا داخليا وخارجيا، تثقيف وتوعية الضحايا بحقوقهم، كسب ثقة المنظمات الدولية وتعاطفها مع القضية.

العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً