العدد 1754 - الإثنين 25 يونيو 2007م الموافق 09 جمادى الآخرة 1428هـ

في البحرين لا تسافر!

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

عندما نريد في البحرين أو غيرها من البلدان العربية أن نتخلص من شخص غير مرغوب فيه لأي سبب من الأسباب، فإنه عادة ما يتم توكيله بمهمة خارجية لتستغل فترة غيابه في هذه المهمة للتخلص منه وإقالته من وظيفته.

والمسكين كريسو مدرب منتخبنا الأولمبي على رغم مرور 5 سنوات على وجوده في البحرين فإنه أثبت فشله في فهم العقلية الإدارية البحرينية وكشف كل خباياها، فسافر في إجازة خارجية وقبل سفره حرص على تسليم برنامجه لإعداد المنتخب الأولمبي وخططه لتهيئته، وناقش ذلك مع مجلس إدارة الاتحاد ومشرف المنتخب الأولمبي، وهو لا يعلم ما وراء سفرته هذه وما يحاك له في الخفاء!

وبغض النظر عن مدى نجاح كريسو مع المنتخب الأولمبي أو فشله معه، فإن المهم هنا الطريقة التي تمت إقالته فيها. فالمسكين لا يعلم حتى الآن أسباب إقالته وإنما هو متفاجئ ومندهش منها، وهو ما زال ينتظر حتى الآن من يعلمه بأسبابها!

كريسو مدرب محترف وهو بلاشك سيتقبل الخسارة وسيبدأ رحلة البحث عن عمل جديد، إلا أن إدارة اتحاد كرة القدم ولعدم قدرتها على المواجهة أو إيضاح الأسباب العلمية والمنطقية والفنية للإقالة، فإنها تفضل عادة أسهل الطرق لإقالة المدربين من دون مشكلات أو مناقشات.

هذا التصرف ليس مقتصرا على اتحاد كرة القدم في البحرين أو على الاتحادات الأخرى، وإنما هو يمتد ربما إلى جميع القطاعات وفي مختلف البلدان العربية لأنه جزء من الثقافة والفكر العربي.

فحتى رؤساء الدول في كثير من الدول العربية يخشون السفر إلى الخارج لأنهم يعلمون ماذا ستكون النتيجة. فرئيس موريتانيا السابق معاوية ولد الطايع سافر في رحلة عمل فوجد نفسه من دون عمل!

المشكلة لدينا في البلدان العربية عموما وفي البحرين خصوصا أننا نفتقد ثقافة المواجهة والمكاشفة وإيضاح الأخطاء إن وجدت ومحاسبة المخطئين عليها؛ لأننا نتحرك وفق عقلية فردية ووفق رغبات شخصية لأفراد أو مؤسسات من دون تقييم علمي للأمور، وصولا إلى استخراج النتائج ومن ثم اتخاذ القرارات.

مثل هذه العقلية والطريقة في التفكير تقود عادة إلى قرارات مثل التي اتخذت بحق كريسو من دون مقدمات أو إيضاحات، وإنما كل شيء يدار بعقلية الفكر العسكري القائم على الأمر والتنفيذ.

في بريطانيا التي تعتبر أعرق دول العالم من الناحية الديمقراطية، تتخذ أصعب القرارات فيها بكل أريحية ووضوح وشفافية، فرئيس الوزراء البريطاني توني بلير تمت إقالته بكل أريحية، حتى أنه هو من حدد موعد إقالته ورحيله من رئاسة حزب العمال ومن ثم رئاسة الوزراء، ويصادف اليوم (الثلثاء) 26 يونيو/ حزيران 2007 ليكون آخر أيام عمله قبل أن يسلم موقعه غدا لخليفته غوردن براون، بعد أن أكمل 10 سنوات كاملة كرئيس للوزراء.

منصب رئيس الوزراء لا يمكن مقارنته بمنصب مدرب منتخب، ومع ذلك يتعامل معه بكل هذا الوضوح، فمدرب منتخب إنجلترا السابق السويدي إريكسون أقيل من منصبه اثر كأس العالم الأخيرة، بعد أن واجهه اتحاد الكرة الإنجليزي بكل إخفاقاته وأخطائه وخطيئاته التي كانت آخرها علاقته بسكرتيرة الاتحاد!

أما نحن فما زلنا نتعامل بعقلية قديمة جدا بعيدة كل البعد عما وصل إليه العالم الآن، وكأننا مازلنا نعيش في كوكب آخر لا يرانا فيه أحد.

باختصار ومن دون لف أو دوران، إذا كنت مديرا أو مسئولا أو مدربا في البحرين خصوصا أو في إحدى البلدان العربية عموما فاحذر السفر لأن فيه الكثير من الضرر!

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 1754 - الإثنين 25 يونيو 2007م الموافق 09 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً