العدد 1755 - الثلثاء 26 يونيو 2007م الموافق 10 جمادى الآخرة 1428هـ

ردّة الفعل على الـ %1 لصندوق التعطل

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

في بداية الثمانينات، انفجرت معارك غير متكافئة في طرابلس بلبنان، بين حركة التوحيد الإسلامية بقيادة سعيد شعبان رحمه الله، وبين بعض الأحزاب القومية كالحزب القومي السوري. فقام أحد رسّامي الكاريكاتير برسم مدينة طرابلس على هيئة امرأة نائمة، وفوق رأسها ذبابة تمثّل حركة التوحيد، ورجل بيده مطرقة ضخمة (وهم الأحزاب القومية) يريد أن يهوي بها على الذبابة. طبعا لو هوى بمطرقته فإنه سيقتل طرابلس مع الذبابة. تذكرت هذا الرسم الكارتوني في خضم ضجة عالية بخصوص اقتطاع الـ 1 في المئة، لحد دفع مشروع التأمين ضد التعطّل نحو الهاوية بسبب هذه النسبة المقطوعة.

اقُتطع الديناران أم بقيا، فلن يحولا دون طلب المساعدة من أهل الخير ومن الصناديق الخيرية ممن يعيل أسرة وراتبه (200 دينار) أو أقل. ليس من العدل اقتطاع نسبة متساوية بين ذوي الدخل المتدني والأغنياء، وفي المقال السابق أوضحنا أن الضريبة التصاعدية كفيلة بتحقيق هذا الغرض من دون الإخلال بمدخول صندوق التأمين ضد التعطّل، ومن خلال أحكام الزكاة أيضا يتضح إعفاء ذوي الدخل المحدود من الدفع، فحين بعث الرسول (ص) الصحابي معاذ رضي الله عنه إلى اليمن، قال له فيما قال: «... فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم...»، فالذي يدفع هو الغني، و في حال زكاة النقدين يشترط حتى يستوجب عليه إخراج الزكاة أن يكون المال قد بلغ كمية معينة يُطلق عليها «النصاب» بجانب أن يبقى حولا كاملا من دون أن تنقص هذه الكمية من المال. مثل هذه الأحكام الشرعية ترشد للسعي في تخفيف العبء عن ذوي الدخل المحدود بإعفائهم من أي استقطاع من رواتبهم، فهم لا يدّخرون شيئا، وإنما يستهلكون رواتبهم على الحاجات الضرورية فقط. مع ذلك لا يمكن القبول بانهيار مشروع التأمين ضد التعطّل بسبب استمرار اقتطاع هذه النسبة، ولا يمكن لمن اكتوى بنيران فقر البطالة القبول بإيقاف المشروع، فالأسرة التي فيها ثلاثة شبان بلا عمل، عائلها لن يقبل بإيقاف المشروع ومن ثم تخسر الأسرة ما لا يقل عن 360 دينارا شهريا من أجل الـ الدينارين أو ثلاثة دنانير التي تُقتطع من راتبه. وإنما يسعى لإسقاط المشروع من لا يشعر بمشكلة هؤلاء، ويبرر ما يذهب إليه بأن هؤلاء مسئولية الحكومة، ومع أن هذا كلام صحيح، ولكن هذا لا يعفينا من المسئولية في حال سقط المشروع، ولا يبرر ترك المتعطلين للفقر والعوز حين تتخلى الحكومة عن مسئوليتها.

وحين نقول إن الضجة بشأن اقتطاع الـ 1 في المئة لصندوق التأمين ضد التعطل ضجة بنسبة كبيرة مفتعلة، فلسنا نلقي الكلام على عواهنه، ولو لم تكن كذلك، فأين صدى رفع نسبة الاقتطاع لصندوق التقاعد والتي ارتفعت إلى 6 في المئة وتبعتها هيئة التأمينات العامة ابتداء من الشهر الماضي. ويوجد مقترح تم رفعه قبل سنتين لمجلس الوزراء وذلك لرفع النسبة إلى 21 في المئة قد يدفع العامل منها 8 في المئة. فلماذا لا نسمع ضجة ولا يوجد أدنى حماس للتحدث عن زيادة نسبة الاقتطاع مع أنها لن تضيف أي ميزة جديدة للعمّال، وكل ما في الأمر، تطبيق مقترح الخبير الاكتوراي للحيلولة دون وقوع صندوق التقاعد والهيئة العامة للتأمينات في الإفلاس الاكتوراي الذي من أسبابه تسرّب أموال العمال والتلاعب بها، كبيع عقارات - سابقا - للهيئة من قبل متنفذين بثمن بخس. لهذا نتساءل مرة أخرى: لماذا الانشغال باقتطاع الـ 1 في المئة لمشروع التعطل من دون أدنى حماس لمسألة زيادة الاقتطاع لصندوق التقاعد والهيئة العامة للتأمينات؟

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1755 - الثلثاء 26 يونيو 2007م الموافق 10 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً