العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ

مقارنة صريحة بين «شخابيط» نانسي و«واوات» هيفاء

مغنيات الإثارة يقتحمن مجال الغناء للصغار... فهل هي تجارة أم مسئولية؟

بدأت مغنيات الإثارة يقتحمن منطقة أغاني الأطفال «الكيدز Kids» بعد أن قطعن شوطا كبيرا في مغازلة عيون المشاهدين الكبار.

وطبعا هذا الموضوع لم يأت بالمصادفة فمع تزايد أغنياتهن الخفيفة وانتشارها الواسع بدأ هؤلاء المغنيات يلاحظن أن خفة كلمات أغانيهن وسهولة ألحانهن سبب في حفظ الأطفال لأغنياتهن حتى لو كانت تتحدث عن الحب والغرام والعشق، خصوصا إذا عرفنا أن الطفل يكون مأخوذا ناحية اللحن البسيط والمفردة السهلة ومن هنا جاء التخطيط المحكم للتوجه إلى الطفل مباشرة من قبل هؤلاء المغنيات ومخاطبته ونحن لسنا ضد هذا التوجه، فمرحبا بكل كلمة راقية تعلم أطفالنا مفاهيم الحق والخير والجمال وكل معنى جميل يزرع في دواخلهم المبادئ والقيم التي تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا من أجل إعداد جيل جديد من النشء قادر على حمل لواء نهضة أوطاننا العربية.

زرع القيم

في السابق عندما كان المطرب محمد فوزي أو شادية ومحمد ثروت وصباح وعبدالمنعم مدبولي ونيللي ويونس شلبي وسمير غانم يغنون للأطفال، كنا نلاحظ قيما تزرع داخل الأغنية على اعتبار أن التعامل مع الطفل - هذه العجينة الطرية - خطر ويحتاج إلى وعي يحمينا من أن ننزلق بأطفالنا إلى منحدرات تضعهم في أول الطريق الخطأ. ولذلك خلال هذه السطور سنورد مقارنة عقدتها أحدى الصحف الخليجية عن نموذجين صارخين في هذا الاتجاه، الأول نموذج «عجرمي» جديد تقوده نانسي عجرم عن طريق أغنيتها المصورة الأخيرة «شخبط شخابيط» والثاني نموذج «هايف» أطلقته هيفاء وهبي والنموذجان يقفان عند حالة كبيرة من التناقض والصراع في كيفية التعامل مع الطفل تلك العجينة الطرية القابلة للتشكيل وسريعة التأثر في سنواتها الأولى طبقا للمثل القائل «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر». ومن هن تأتي خطورة التوجه إلى الطفل الذي يفتقد الرؤية في تعامله مع الأشياء ويحتاج إلى أن يجتهد كل من حوله في توجيهه إلى السلوك القويم بدلا من اللعب بمشاعره والاتجار به.

رموز وأحلام

اعتمدت نانسي عجرم في أغنية «شخابيط» على رموز قادرة على مداعبة مخيلة الطفل حيث الأشجار الخضراء والفراشات والأقصوصة والأحلام، كما أنها حشدت مجاميع من الأطفال تتمايز فيما بينها من حيث الشكل واللون والطول بمستوى يحفز كل طفل على متابعة الأغنية والتعلق بها، خصوصا أنها تقتحم عالمه البسيط الذي يتكون من الفراشات ونجوم السماء والقمر ونافذة المنزل وهو عكس الحال مع المغنية هيفاء وهبي التي قصدت أن تقدم أغنية للأطفال، ولكن واقع الحال يؤكد أنها كانت تستغل وجود الطفل معها في أغنية «بوس الواوا» من أجل مخاطبة غرائز المشاهدين نفسها كمغنية مغرية قادرة على غواية الرجال وبالتالي فقد أصبح وجود الطفل في الأغنية هنا أمرا هامشيا لا محل له من الإعراب، بل ان مجرد ذكر مفردات خاصة بالطفل في كلمات الأغنية هنا يعد أمرا سلبيا بسبب الزج بهذا الكائن الطاهر النظيف والبريء في سهرة حمراء مع العشيق مثلا.

وتبدأ أغنية هيفاء وهي ممددة على الأريكة لتبدو وكأنها فتاة لعوب تداعب الكاميرا بعيون عطشانة وجسد جائع يتقاذف من فورة الرغبة ولذلك فمثل هذا المشهد الاستهلالي كاف في حد ذاته لندرك بعدها كمية الرموز السلبية التي اعتمدت هيفاء عليها وهي تخاطب الطفل، ولكننا سنورد المزيد فهي مثلا تعبث بوجه الطفل بـ «البوب كورن» والشوكلاتة، أما في أغنية نانسي مثلا فإننا نجدها تظهر كمدرسة محترمة في إحدى رياض الأطفال وفي أحد المشاهد تقوم بنفسها بإحكام رباط حذاء أحد الأطفال.

فنانسي هنا تتصرف كما لو كانت أمّا مسئولة عن هؤلاء الأطفال، أما هيفاء فإنها لا تتورع عن العبث بالطفل وكأنه أداة تستخدمها لتوصيل غوايتها للرجل وفي مشهد آخر نجد هيفاء تصطحب الطفل معها وهي ترتدي ملابس السوارية في سهرة حمراء مع حبيبها تمتد إلى ساعات الفجر «أين المسئولية في اصطحاب طفل في هذا العمر إلى مثل هذا المكان وإجباره على السهر حتى الرابعة صباحا؟!»، وخلال السهرة يرقص الحاضرون «ماكرينا»... كل ذلك ونحن نتحدث عن الشكل أو القالب الذي قدمت من خلاله الأغنيتان على اعتبار أن أول ما يلفت انتباه الطفل هو الشكل وطبعا نجد أن هيفاء لم تكن موفقة في هذا المستوى الأول من المقارنة.

القيم الإيجابية

وفي المستوى الثاني للحديث عن الأغنيتين لابد من التطرق إلى المحتوى والمضمون من خلال تفحص الكلمات المؤداة، وهل فعلا تحمل رسالة لأطفال نعلمهم من خلالها القيم الايجابية، وفي الوقت نفسه ننفرهم من السلبيات... في أغنية «شخابيط» نجد أن نانسي عجرم تستخدم أسلوب القصة للطفل وهو أمر شائع عند كل الأمهات عندما يرغبن في تدليل الطفل وإلهائه ومساعدته على النوم أو من أجل غرز بعض القيم داخله مثل الصدق ومساعده الآخرين وغيرها من الصفات الحميدة. كما استخدمت مفردات قريبة من عقل وبصر الطفل مثل الشمس، القمر، الألوان، العصفورة، النيل، البحر، والشجر ومفردات أخرى أكثر قربا من أذن الطفل مثل «بنوتة» و»كتكوتة» و»شاطر» و»عيد ميلاد النونا»، وهي في بداية الأغنية مثلا تستخدم لغة الحلم وهي توجه الأطفال الذين معها في الأغنية على الجدران ويشترك الأطفال معها في الحلم، وهنا يصبح الطفل «الموديل» في الأغنية بسلوكه الايجابي والطفل الذي أمام الشاشة هما حالة واحدة من الانسجام وبالتالي تصبح مهمة تقليد الجوانب الايجابية والابتعاد عن السلبيات أمرا سهلا لوجود رابط بينهما يحركه دافع «التحفيز» و»المنافسة» الذي تحكمه علاقة «الندية» بين الأطفال، خصوصا من هم في عمر متقارب وتبدو نانسي هنا كمدرسة تحتضن الأطفال في الفصل وفي الوقت نفسه تمثل رمزا للفراشة في الحلم الذي يداعب مخيلة الطفل، وفي مقطع آخر من الأغنية نجدها تركز على بنت اسمها حلا تحب البابا والماما ولا تخاصم صاحبتها فتقول في بعض كلماتها:

أموره وحلوه وكتكوته

دي حبيبتي أجمل بنوته

بتحب باباها ومامتها

ولا مره تخاصم صاحبتها

وعشان غلاوتها ورقتها

بسهر واحكيلها الحدوته

وفي مقطع ثالث تبدو نانسي كمدرسة محتشمة ترتدي الملابس النمطية الكلاسيكية لأية «مربية» وهي تقوم بتعليم الأطفال وترتدي نظارة سميكة تزيدها وقارا وهي تغني للطفل الشاطر الذي يسمع كلام أهله.

أما في أغنية «بوس الواوا» لهيفاء وهبي فإننا نجدها تركز على الكلمات المثيرة القادرة على دغدغة مشاعر الكبار قبل الصغار، كما أنها تستخدم مفردات تعكس حالتها هي كفتاة باحثة عن المتعة بعيدا عن الكلمات والمعاني التي تستخدم من أجل توجيه الطفل نفسه، فمثلا تقول لحبيبها «أنا من دونك بردانه أح» و»الليلة أحلى سهرة عند أحبابي» و«بدو اياني البس أحلى تيابي» و«بلبس لعيونك يا حبيبي كل جديد ودح» وهي كلمات كلها تتوجه بها إلى الحبيب متجاوزة الطفل الذي استخدمته في الأغنية وملايين الأطفال أمام الشاشة وكأنها تتاجر ببراءة الأطفال.

«شخابيط» نانسي عملت في القلوب أما «واوات» هيفاء انتهكت براءة الأطفال وبدت كما لو كانت تتحرش بهم من أجل توصيل غوايتها إلى الرجل.

العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:46 م

      نيالك نانسي

      احلم ان اصبح بشهرة نانسي عجرم ونجاحها ونجوميتها

    • زائر 1 | 12:12 ص

      نانسي الاولى

      نانسي الاولى وهي ناجحة اكثر من هيفا في اغاني الاطفال

اقرأ ايضاً