العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ

أفتخر بعباءتي، ولكن! (منوعات)

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

كتبت منذ أيام مقالا بعنوان «محشومات يا بنات البحرين»!، وكان يتحدث عن فنانة بحرينية أساءت لسمعة بنات البحرين بكلماتها وحركاتها وحديثها اللامنطقي، الذي قد ينطبق عليها هي وليس على غيرها من البنات، وعليه وصلتني رسائل كثيرة عبر البريد الإلكتروني، وكان الملفت بينها رسالة من قارئ يطرح من خلالها عليّ بعض الأسئلة، ويطلب أن أجيبه... أجبتها فعلا ولكني تذكرت أمرا حدث لي حاولت مرارا أن أمسحه من ذاكرتي، ولكن رسالته أعادت لي الذكرى، وعليه قررت أن أروي لكم ما حدث:

في شهر أبريل/ نيسان الماضي شاركت في ورشة عمل في تونس، وكانت الرحلة كالآتي: بحرين - قطر، ثم قطر - تونس، موعد الرحلة كان في الساعة 4:00 صباحا، وفي المطار ودعت زوجي وجلس بانتظار موعد الرحلة، وعندما حان وقت المغادرة توجهت نحو الطائرة، إذ برجل خليجي الجنسية يسير خلفي... قطعت تذكرة الدخول، فقطعها خلفي مباشرة، وفي طريقنا للطائرة بداخل الخرطوم، سلم عليّ فرددت السلام، فقال: بحرينية؟ قلت: نعم... وهنا أخذت أسرع خطواتي حتى لا يطيل حديثه... في الطائرة كان مقعده بجانبي ولم يكن يفصل بيننا كرسي... أصبت بالإحراج، فالرجل لم تكن تصرفاته طبيعية، لم يحترم نفسه ويجلس ملتزما الصمت، وإنما كان يطرح أسئلة غير مهذبة ولا تعنيه، مثلا، تعرفين أحد في الدوحة؟! أنت في زيارة عمل (كان يتلفظ بها وهو يضحك وكأنه يشكك في المسألة)، أو أنت في زيارة شخصية؟!، هل أنت متزوجة؟!... وعلى تلك الأسئلة كنت أجيبه بكلمة واحدة فقط وأنا مقطبة حاجبيّ، من دون أن أنظر في وجهه (لكنه لم يفهم القصد أنني متضايقة من أسئلته)، لا فاستمر في حديثه وبدأ منحنى حديثه يأخذ بُعدا آخر، هنا فقط، أحسست أنني ضبطت أعصابي كفاية، فقلت له: أنت إنسان غير محترم... أحترم نفسك وإلا سترى شيئا لم تره في حياتك. مباشرة طلبت من المضيفة تغيير مقعدي وقد حصلت على مقعد بعد عناء، ولكنني لم أكن طوال الرحلة مرتاحة (فضللت أفكر في نفسي هل كنت مخطئة، هل كنت أرتدي ملابس فاضحة، علما بأنني كنت أرتدي عباءة وشيلة، من دون وضع مكياج أو حتى كحل، فأحسست بعدم الأمان، ترى لماذا تجرأ ذلك الخليجي وقلل من احترامي، على رغم أنني كنت ملتزمة أخلاقيا في الرد عليه؟!، وعليه لم أكن أشعر بالأمان طوال الرحلة).

في الدوحة كان الخوف يتملكني، فأخذت أحوط نفسي بذكر الله حتى جاء موعد الرحلة إلى تونس، ركبت الطائرة وكانت لله الحمد بجوار رجلين بحرينيين أصحاب شهامة وأخلاق رفيعة، تعرفت بهما خلال الرحلة التي امتدت إلى أكثر من 7 ساعات... بعدها وصلنا إلى تونس وهناك افترقت عنهما، ولكنهما أعطياني أرقام هواتفهما لأتصل إذا ما احتجت للمساعدة، ومن بعدها التقيت بالجهة المنظمة للورشة في المطار، كما التقيت بفتاة كويتية وأخرى إيرانية، فذهبنا معا للفندق وكوّنا صداقة رائعة نحن الثلاث... خلال المؤتمر تعرفنا ببقية الوفود من الدول الشقيقة، وعليه كنت والزميلة من الكويت مميزتين، إذ كنت أرتدي عباءة وشيلة، وهي كانت ترتدي الحجاب فقط، بينما الأخريات كن يرتدين ملابس «كاجول» أو«بدلة رسمية»، وبعضهن كن يضعن حجابا للزينة.

خلال الأيام الثلاثة الأولى كان هناك فتاة تونسية، في كل يوم كنت أحضر المؤتمر كانت تتعمد التعليق على العباءة التي كنت أرتديها (علما بأنني الوحيدة من الخليجيات التي كنت أرتدي العباءة فالإماراتيتان خلعن العباءة بمجرد وصولهن إلى تونس، وكأنهن تحررن)، بالإضافة إلى أن عباءاتي كانت تحمل ألوانا وأشكالا بسيطة ولكنها إن جئت للحق هي أأنق مقارنة بالملابس التي كانت الحاضرات يرتدينها، إلا أنني وعلى رغم تعليقاتها التي تصل في بعض الأحيان للنقد الجارح، فإنني لم أقم كنظيراتي السعوديات والإماراتيات ممن حضرن المؤتمر بخلعها، إذ كنت أشعر بأنها تمثلني كرمز سيشرف بلدي البحرين.

مرت الأيام السبعة وجميع الحاضرات، كانت تعجبهن عباءتي، بل الزميلة الإيرانية التي كانت ترتدي حجابا للزينة، كانت معجبة بإحدى تلك العبايات فقررت إعطاءها لها كهدية، كما أعطيت تلك الفتاة التونسية موديلا آخر يحمل ألوانا فسرّت به، وقالت سأرتديها في المحافل الرسمية على اعتبار أنها لباس رسمي أنيق... وقالت لي الآن عرفت عقل الإنسان ليس بما يرتديه، بل بما يحتويه، وكنت فعلا زميلة رائعة... ليومكم هذا مازالت تتصل بي وتتحدث معي لساعات طويلة، وأنا أستلطفها واستلطف حديثها.

أحداث ومواقف كثيرة سيئة واجهتني خلال هذه الرحلة، ولكني في النهاية كان يجب أن أشرف بلدي أحسن تشريف، وأتمنى أن أكون قد فعلت ذلك.

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً