العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ

نعم، أنا طائفي!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

مسيرة التضامن الوطني بين السنة والشيعة في المطالبات الحقوقية في البلاد غير مشجعة. وإن استطاعت الحركة الوطنية في العام 1938 و1954 - 1956م أن تكون استثناء على مر القرن الماضي، إلا أن القاعدة كانت عدم العمل جنبا إلى جنب! وأسباب ذلك كثيرة، وعلينا البدء في علاجها قبل اندلاع حرائق ما بعد الانقسام والتخندق الطائفي.

الظرف السياسي والاجتماعي لبدايات الانقسام الطائفي، لم يكن منذ تأسيس الجمعيات على أسس طائفية، بل سبق ذلك بكثير. إلا أنه كان مختمرا عن التصريح، قابعا في الذهن لدى الجانبين.

وقد رأينا الجهد الجهيد الذي بذله الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة في شأن لملمة الجماعتين الإسلاميتين في البلاد (السنة والشيعة)، إلا أن رياح الطأفنة التي تمارسها بعض الجهات لم تكن تشتهي رسو سفن الفرقاء على القضايا المطلبية الجامعة. مذ ذاك التاريخ، أو قريبا منه، انتحى جانبا الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، ولغاية اليوم ليس لدينا تسبيب واضح لهذه العزلة الطوعية، وإن أولها البعض بأنها قسرية!

انتظم تيار انتفاضة التسعينات في جمعية تأسست هي «الوفاق». اقتصرت عضويتها على أبناء التيار (الشيعة) وحدهم دون غيرهم! وقيل إن الوزير المسئول عن تأسيس الجمعيات السياسية رفض طلب تأسيس «الوفاق» بسبب قصرها على الشيعة فقط؛ إلا أنهم (الوفاق) أصروا على ذلك ثلاثا. حينها كان «السنة» ينظرون بعين من الريبة لهذا المشروع السياسي الجديد الذي استثناهم! وكانت النفوس تجيش شعبيا في صالح فزاعة الانقضاض على الحكم! والذاكرة لا تعجز عن استدعاء بعض الحوادث التي جرت في العقدين أو الثلاثة عقود المنصرمة لتصب الزيت على النار، ومن تلك الحوادث المحاولات المتكررة لتسلل «الإيرانيين» ودخولهم كلاعبين قوميين بعباءات مذهبية، وما أحدثته برامج تصدير الثورة الإيرانية على شعوب الخليج العربي أكبر بكثير من تهميش البعض لتلك المحاولات وتحدثهم عن أنها هامشية أو ليست ذات أثر، والواقع السياسي والاجتماعي والأهلي برمته يكذب ذلك، بل أثرها كبير جدا، وأحدث شرخا في المجتمعات الخليجية... وفي قبال ذلك، انعكست رياح الطائفية نافثة سمومها من أقرب جار... وناشبة أظفارها الطائفية في جسد الوطن لكي تكتمل الصورة: وطن جريح ومواطنون غرقى في الفوضى الطائفية والتشظي الاجتماعي. وهذا ما هو معاين اليوم في جميع مناحي الحياة في البلاد.

أفرز ذلك الوضع الطائفي الذي ساهمت «الوفاق» في ترسيخه وشرعنته سياسيا بوصفها رقما أساسيا في المعادلة السياسية. ومن دون ذلك التأريخ للحوادث فإن حديثنا عن المواطنة على صعيد القوى السياسية في البلاد، هو حديث مجاملات! نعم، «الوفاق» كانت لها الريادة السياسية الطائفية على صعيد القوى المجتمعية والسياسية في البلاد، وذات أولوية تاريخية في تعميق الشرخ السياسي والاجتماعي على الصعيد المجتمعي. ومن بعدها، كان للقوى الاجتماعية «السنية» رأي مماثل لكي تكتمل المحاكاة، والمماحكة فيما بعد، والانتظام في النسق ذاته، والوتيرة ذاتها لطائفية «الوفاق»؛ ولكن على النقيض السياسي منها!

وبما أن الطائفية سبة، وعمل غير صالح، نجد جميع الفرقاء السياسيين الإسلاميين المذهبيين يتبرؤون منها، ولكن هيهات لهم ذلك! فهم واقعون فيها وغارقون حتى آذانهم في مياهها الآسنة! وهل يوجد هناك من يقول بأنه طائفي! طبعا الإجابة في زمن الحياء: لا؛ إلا أننا في هذا الزمن الرديء الذي لا يستحي فيه الفرقاء (السنة والشيعة) في أن يصرخ أحدهم: نعم أنا طائفي! ألا تعسا لهذا الزمن الرديء!

«عطني إذنك»...

يجهد النواب في إثبات الولاء لناخبيهم ومطالباتهم، حتى وإن كانت مخالفة للدستور والميثاق والقوانين والأعراف... ويقوم النواب «السنة» بمثل ما يقوم به النواب «الشيعة»، والكل يسعى لحصد أجزاء من كعكة البلاد، في الوظائف والمناصب والمشروعات المحلية (البلدية)، ناهيك عن دغدغات عاطفية لمشاعر دينية/ طائفية... ويعمد هؤلاء النواب إلى مخالفات كثيرة استرضاء للناخبين... وهذا ما يشار إليه بوصفه: «فساد المشرعين». ولك الله يا وطن وصح النوم يا «مواطنين»!

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً