العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ

«سياسة القلق» بشأن المهاجرين إلى أميركا

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

أحد الانتقادات الشديدة المتكررة لإصلاح الهجرة الشامل هو أنه مكلف جدا على دافعي الضريبة، وأن العمّال غير المهرة الذين سيصرّح لهم بالعمل حسب الخطة المرفوعة إلى الكونغرس سيدفعون ضرائب أقل من المولودين في الولايات المتحدة ويستهلكون خدمات أكثر. ويقول منتقدو الإصلاح أن إعطاء صفة الشرعية لعدة ملايين من العمّال الذين لا يحملون الوثائق والسماح لمئات الآلاف من العمّال الجدد أن يدخلوا البلاد قانونيا كل سنة يكلّف دافعي الضرائب الأميركيين بلايين الدولارات.

من المؤكد أن العمّال غير المهرة، بالمعدل، يستهلكون من الخدمات الحكومية أكثر ما يدفعون كرسوم، خصوصا على المستوى المحلي ومستوى الولاية. ولكن بعض التقديرات كان فيها مُبالغة. علاوة على ذلك، فإن قيمة المهاجر للمجتمع الأميركي يجب أن لا يُحكم عليها فقط من خلال أثره المالي.

يقع اللوم على الهجرة المتزايدة في مشكلة الطرق، والمدارس الحكومية، والمستشفيات والسجون المزدحمة. وفي هذه الأمثلة الأربعة تم المبالغة في الأثر السلبي للهجرة. فيما يخص الاختناق في الطرق، لعبت الهجرة دورا ثانويا في النمو السكاني على مستوى الأمة وعلى المستوى المحلي. على مستوى الأمة، الهجرة الدولية مسئولة عن 43 في المئة من الزيادة السكانية في أميركا سنويا. وعلى المستوى المحلي، يبين تحليل لإحصاء أميركي أن الهجرة الدولية مسئولة عن 28 في المئة من النمو السكاني بين الأعوام 2000 - 2006. كما أن نسبة المواليد مسئولة عن 38 في المئة من النمو على مستوى المقاطعة، والهجرة من مقاطعات أخرى 34 في المئة. ثلث المقاطعات الأميركية خسرت فعليا سكانا بين 2000 - 2006 لأن نسبة المواليد استمرت في الانخفاض وأن الأميركيين يهاجرون داخليا إلى المدن ذات الحركة الاقتصادية العالية النشاط. فإذا بدت الطرق مزدحمة، فهذا ليس سببه الهجرة ولكن النمو الطبيعي والهجرة الداخلية هما المسئولان عن ذلك.

أما بالنسبة لازدحام المدارس الحكومية المزعوم، فلا يمكن لوم المهاجرين غير المهرة فقط، فالتسجيل في نظام المدارس الحكومية انخفض فعليا قياسا لحجم السكان في أميركا. وكما هو الأمر مع الطرقات، فإن الازدحام في بعض المقاطعات المعنية ومدارسها يعود إلى المواليد الجدد والهجرة الداخلية أكثر ما يعود إلى المهاجرين الواصلين حديثا إلى البلاد.

وفيما يخص الجريمة، فإن الهجرة، مرة ثانية، ليست هي الدافع لها. لقد كانت نسبة الجريمة في الولايات المتحدة في انخفاض في السنوات القريبة وبينما الهجرة كانت في ازدياد. وبعد ارتفاعها بثبات من الستينات إلى التسعينات من القرن العشرين، فإن نسبة الجريمة العنيفة في الولايات المتحدة قد انخفضت من 758 جريمة لكل مئة ألف من السكان في العام 1991 إلى 469 جريمة في العام 2005. فالمهاجرون في السجون أقل عددا من المواطنين ذوي التعليم والخلفية العرقية المماثلين. وبينت الدراسات أن المهاجرين هم الأقل ميلا إلى الجريمة، ليس بدافع خوفهم من الترحيل من البلاد، ولكن بسبب عوامل اجتماعية معقدة. وكل الأدلة المتوافرة تعارض الخوف بأن السماح للمهاجرين غير المهرة لأن يدخلوا إلى الولايات المتحدة سيزيد نوعا ما من الجريمة وازدحام السجون.

أما بالنسبة للمستشفيات، خصوصا غرف الطوارئ، فإن وجود العمال غير المؤمَّنين، قليلي المهارة في مجال معين، لا يفرض كلفا إضافية على المستشفيات على شكل الرعاية التي لا تعويض مقابلها. على أي حال، لا دليل هناك على أن الهجرة غير الشرعية هي السبب الرئيسي في مثل هذه الكلف على مستوى الأمّة. وفي الواقع، إن المهاجرين غير المهرة يميلون إلى قلة استخدام الرعاية الصحية لأنهم عادة ما يكونوا شبابا وذوي صحة جيدة نسبيا.

على رغم أن معارضي إصلاح سياسة الهجرة قاموا بالمبالغة في النتائج المالية السلبية للمهاجرين غير المهرة، إلا أن الهجرة قد تفرض أعباء حقيقية على المستوى المحلي. ففي العام 1997، وعلى رغم أن التأثير المالي للمهاجر النموذجي وأبنائه إيجابيا تماما على المستوى الفيدرالي، يكون سلبيا على المستوى المحلي ومستوى الولاية. لذلك يجب مقارنة الكلف المالية المحلية، وعلى مستوى الولاية، مع الأثر الإيجابي للهجرة على الاقتصاد عموما. فالمهاجرون غير المهرة يساعدون الاقتصاد في أن ينتج عددا كبيرا من البضائع والخدمات ويخلق فرصا للاستثمار والعمل.

إن الرد الصحيح لـ «سياسة القلق» بشأن الهجرة لا يكون بقمعها، ولكن بالتحكم في إعادة تحصيص الإنفاق الحكومي. كما أن ردّ فعلٍ آخر مناسب سيكون شكلا من اقتسام الدخل من الحكومة الفيدرالية إلى الحكومات المحلية وعلى مستوى الولاية. إذ يمكن للحكومة الفيدرالية أن تعوض حكومات الولايات والإدارات المحلية التي تتحمل كلف الازدياد في الهجرة. والتحويلات يمكن أن تعادل وتعوض عن الكلف الإضافية في خدمات الرعاية الصحية وغرف الطوارئ، وكذلك التسجيل الإضافي في المدارس الحكومية. ومثل هذا البرنامج لن يخلق أية برامج أخرى جديدة أو إنفاق حكومي إضافي، وببساطة، سيقوم بإعادة تحصيص الدخل الحكومي بطريقة تتطابق والإنفاق ذا العلاقة.

الخوف الذي في غير محله عن الأثر المالي السلبي للهجرة لا ينفي الجدل من أجل إصلاح شامل للهجرة، ولا يبرّر الدعوات للمزيد من الإنفاق المالي على الجهود الفاشلة لتعزيز قانون الهجرة الحالي المختل وظيفيا لدينا. إذا كان الهدف الأول هو التحكم بحجم الإنفاق الحكومي، إذا سيكون على الكونغرس والرئيس الأميركي أن يبنيا جدار عزل أمام دولة الرفاه الاجتماعي، وليس في وجه المهاجرين.

@مدير مركز دراسات السياسة التجارية بمعهد كيتو في واشنطن العاصمة،

والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً