العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ

كيف ينظر السعوديون إلى سفرائهم؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

صحيفة «الوطن» السعودية نقلت تصريحا لوكيل وزارة الخارجية للشئون القنصلية السفير إبراهيم الخراشي تحدث فيه عن بعض القضايا المهمة لكل المواطنين الذين يسافرون في موسم الصيف - وأظن أنه لا يعني الصيف وحده - ونشر هذا الحديث يوم الإثنين 2 جمادى الأول 1427هـ ...

أستطيع القول بكثير من الاطمئنان إن هناك انطباعا سيئا لمعظم المواطنين - وأنا أحدهم - عن الدور الذي تقوم به سفارات بلدهم نحوهم، وهذا الانطباع لم يأتِ من فراغ فهناك تجاربُ مريرة يرويها هذا أو ذاك وينسبها إلى السفير في هذه الدولة أو تلك...

بطبيعة الحال هناك استثنائات - وإن كانت قليلة - وكتبت أكثر من مرة عن سفيرنا في تونس الذي كان قبل ذلك سفيرا في مصر إبراهيم البراهيم وعن أعماله المميزة التي كان يقوم بها هناك، ومثله سفيرنا الحالي في البحرين القويز وربما هناك - كما قلت - آخرون لم يتسنَ لي معرفتهم، وإشادتي بهم كانت لأنهم - في رأيي - يمثلون القلة الاستثنائية التي كنا نتمنى أن يكون كل سفرائنا مثلها أو أفضل منها ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.

ومن أجل ذلك كنت سعيدا بقراءة تصريح السفير الخراشي عن «الحماية الدبلوماسية» التي يجب أن تقدمها السفارات إلى مواطنيها في الخارج، وأسعدني أكثر قوله: «إن سفارات المملكة وقنصلياتها تتابع جميع حالات توقيف السعوديين في المطارات وغيرها وتبادر إلى الاتصال بأعلى السلطات إذا ما ثبت تعسف جهة ما أو وجود تمييز يتضرر منه رعايا المملكة».

وسر سعادتي بهذا الخبر تحديدا أن هناك حالات إيقاف ومثلها حالات تمييز كانت سفاراتنا تقف منها موقف المتفرج أحيانا والمشجع أحيانا أخرى - هكذا فهمت - ولكي يكون كلامي أكثر دقة أذكر حادثا وقع لي في مطار الكويت وكنت مسافرا لأحضر مؤتمرا هناك بدعوة رسمية، ولأني - متواضع جدا - لم أخبر الداعين بموعد وصولي ليكونوا في استقبالي ولو كنت أعلم بما قد يحصل لي لما فعلت.

الكويتيون قالوا صراحة إن لديهم تعليمات بإيقاف كل سعودي يصل إلى الكويت إذا وصل إليها من غير السعودية مباشرة، وهذه التعليمات - كما قالوا - من السفارة السعودية في الكويت!

عندما غادرت المطار - وأنا في قمة الغيظ - اتصلت بالسفارة - وليتني لم أفعل - فقيل لي إنهم يعرفون ذلك ولكنهم ليسوا السبب فيه وإنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا لإيقافه!

يومها كتبت مقالا في «الوطن» السعودية تحت عنوان «عندما يهان السعوديون في الكويت» لم يتحرك أحد في سفارتنا ولا سواها وإنما اتصل بي ثم زارني القنصل الكويتي في الرياض محاولا الاعتذار وتبرير العمل والقول إنه منافٍ للأنظمة.

أما التمييز في المعاملة فأكثر ما يتضح في مصر وبصورة بشعة ففنادقها تستغل السعوديين فتأخذ منهم أكثر من ضعفي ما تأخذه من الآخرين، ولأنني أذهب إلى مصر بين الآونة والأخرى فأنا أعرف هذا جيدا وأجزم أن الكل يعرفه وإلا لما تحدث عنه السفير.

لقد تحدثت إلى بعض ملاّك وكالات السفر والذين لهم مناصب رسمية في الغرف التجارية وطالبتهم بالتدخل العملي لحماية السعوديين أو تحذير السعوديين من السفر لمصر في محاولة للضغط على وزارة السياحة المصرية كي تعامل السعوديين كغيرهم من الجنسيات الأخرى ولاسيما الأوروبيون.

وعلمت من الأخوة الذين تحدثت إليهم أن إمكاناتهم محدودة في هذه المسألة ولهذا كتبت مقالا في «الوطن» السعودية حذرت فيه مواطنينا من قضاء إجازاتهم في مصر ما لم يعاملوا كسواهم وهذا ما أستطيع فعله.

الشيء الذي أود قوله إن كل مواطن يود أن تكون سفارة بلده قريبة منه وأن يكون هو قريب منها ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ هل المشكلة من السفارة أم من المواطن؟

فليس من سفرائنا من يسهل الوصول إليه، وقليل منهم من يبادر إلى تقديم المساعدات - مهما كانت - إلى مواطنيه قبل أن يطلبوها منه ولعل هذا الوضع هو الذي سبب التباعد بين المواطنين وبين سفراء بلادهم.

أذكر أني قبل سنوات قليلة أجريت عملية جراحية في الفلبين وكان معي في المستشفى نفسه مجموعة من السعوديين وآخرون من بعض دول الخليج. الذي آلمنا - نحن السعوديين - أننا كنا نرى سفراء دول الخليج يأتون لتفقد مواطنيهم - ومرارا - على حين لم يتصل - مجرد اتصال - أي أحد من سفارة بلادنا بنا مع أنهم يعرفون أوضاعنا.

وأذكر - أيضا - قبل نحو شهرين أني حضرت مؤتمرا في الكويت ودعانا السفير الإيراني لتناول الغداء في منزله، ولأني لم أكن أعرف السفير ولم أره قبل ذلك فقد دهشت عندما عرفت بعد ذلك أنه هو الذي كان يقدم إلينا الشاي أو الفاكهة قبل الطعام وأنه هو الذي كان يجلس في طرف المائدة على الطعام. قلت - عندها - في نفسي - طبعا -: هل يفعل ذلك أحد سفرائنا؟ ما فعله السفير الإيراني زاده رفعة في عيون الحاضرين فلماذا لا نرى ذلك عند سفرائنا؟

القطيعة - شبه الكاملة - بين المواطنين وسفاراتهم يجب أن تزول - أو تخف - على أقل تقدير والبداية يجب أن تكون من موظفي السفارات؛ لأنهم المعنيون بذلك، والسفير المتميز الذي يتعامل مع مواطنيه بصورة جيدة سيكون معروفا ومشهورا لأن الجميع سيتحدث عنه ونحن لا نستطيع أن ننسى السفير الشبيلي - رحمه الله - ومآثره التي يتحدث عنها كل من عرفه.

أعرف أن من الصعب أن يأتي أحد مثل أبوسليمان - رحمه الله - ولكني أعرف أيضا أن حسن التعامل جزء من عمل كل سفير وأن كل واحد يقدر على فعل ذلك.

أخيرا السفير إبراهيم الخراشي قال كلاما جميلا وبدأ القيام بعمل ممتاز ولكنّا نرجو أن يواصل هذا العمل لنرى نتائجه تتحقق في واقع حياتنا. كما نأمل منه أيضا في أن يتحدث إلى كل سفرائنا ليقتربوا من مواطنيهم أكثر وأكثر.

والذي أرجوه أيضا أن يكون سفراء البحرين في خدمة مواطنيهم في كل مكان. أعرف أن هذا واجب كل سفير في كل بلد ولكن الواجب شيء وتطبيقه شيء آخر.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً