العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ

محطات الغناء العربية... جدل و نقاش

تجاوزات توصل أصحابها للمحاكم

بعد أن كان اقتناء تلفزيون في المنزل قبل ثلاثين أو أربعين سنة، حدث يتطلب وضع خطة خماسية من قبل العائلة، وقد يقام احتفال جماهيري في الحي عند وصوله لدار صاحبه، أصبح اقتناء التلفزيون من بديهيات تأسيس المنزل، حتى أن الأسرة لا يلتئم شملها ما لم يوجد التلفزيون بينهم كفرد أساسي في العائلة.

موجات انتشار الالكترونيات ووسائل الاتصال ليست هي القضية، المشكلة تكمن فيما يفد عبرها من أفكار وقيم تنسجم وبيئتنا أو تتنافر معها أو تتخذ لنفسها موقفا متوسط ما بين الاثنين. أكثر ما يثير الجدل من بين هذه القنوات، قنوات الأغاني والمنوعات والتي تبث مختلف أنواع الفيديو التي باتت تتعدى بحسبما يرى البعض على الكثير من القيم والأخلاقيات من خلال رسالتها وعباراتها، ومشاهدها المفتقدة للملابس في غالبية الأحيان.

فوفقا لأخر الاحصاءات وصل عدد القنوات الفضائية العربية التي تصل للمشاهد العربي عبر قمري النايلسات والعربسات، قرابة 300 محطة يزداد عددها بشكل شهري إن لم يكن بشكل أسبوعي، من بين هذه المحطات العربية تشكل محطات الأغاني والمنوعات ما نسبته 35 في المئة من المحطات تفرد فترات بث طويلة لعرض صيحات الفيديو كليب.

لا يقتصر مضمون قنوات الأغاني على القوالب الفنية، بل يمتد ليشمل أخبار الفنانين وأوساط المشاهير، وشريط متحرك على مدار الساعة، تعرض عليه رسائل قصيرة (SMS) مرسلة من قبل المشاهدين. تفاوت عباراتها مابين السلامات والإهداءات والترحيبات، والعبارات التي لا تعني أي شي، والرموز، ومحاولات التواصل مع ما يسمونه (الكونترول) لطلب أغنية أو ما شابه.

الجدل عن شريط الرسائل القصيرة، يثار بين الحين والأخر، خصوصا من قبل اللغويين الذين ينتقدون العبارات العامية التي تفتقد لأدنى قواعد اللغة سواء العربية أو حتى الإنجليزية.

فيما يبقى الجدل المثار عن المضامين الغنائية والفيديو كليب صاحب الصدارة في هذا الموضوع، فالكثير من الفنانين وصلوا للمحاكم بسبب بعض المشاهد المتنافية والقيم السائدة أمثال الفنانة المصرية روبي. وغالبيتهم شنت عليهم حملات في الصحف والمجلات والبرامج الحوارية عن تجاوزاتهم ومشاهدهم الساخنة، كما هو الحال مع أغاني مروة وهيفاء وهبي.

فإذا كان تبادل النظرات الرومانسية ما بين المطربة أو المطرب، والممثل الذي يلعب دور المحبوب، أو ظهور المطربة بملابس فيها بعض الإثارة، كان يعتبر حدثا جللا قبل عشر سنوات، فإن التنورة التي لا يزيد طولها عن عشرين سنتمترا باتت أمرا عاديا جدا ومألوفا وغير ملفت للنظر أساسا، فهذا المشهد أصبح تقليديا موجودا في أي فيديو كليب. ولا يمكن مقارنته بالعناق أو الملابس المثيرة و الفاضحة جدا أو اللقطات التي تركز على بعض الأماكن في أجساد المطربات و العارضات التي يشاركن في المشاهد.

لا تقتصر مشكلة الكليبات الجديدة على أنها فاضحة في مشاهدها، فمشكلات مضامينها لا تقل عن مشكلات تصويرها، فالمضامين حولت لتتناسب مع الصورة، فالأصل الصورة في الأغنية وليس الكلمة أو اللحن. فنسمع الكثير من الأغاني التي يمكننا توقع ما سيقوله المطرب فيها حتى لو كانت هذه أول مرة نسمع فيها الأغنية أو المغني، حتى أن استعراض قصص الحب وعباراته أصبح منمطا وسطحيا.

وعلى رغم من كثرة إشكالات محطات الأغاني، فإن البعض حاول أن يوجد نقاطا بيضاء في هذا الكم الهائل من الانحطاط، فسعى بعض الفنانين الكبار لتصوير أغانيهم على شكل فيديو كليب يستطيع أن ينافس الأغاني الشبابية الجديدة، ومن ثم قاموا بعرضها عبر هذه المحطات لتدخل في المنافسة مع الأخريات، كما أن البعض قاموا بتصوير أغان دينية بإيقاعات مميزة جدا تغلبت على شعبية هذه الأغاني الخفيفة الرائجة بين أوساط الشباب.

لكن على رغم جهود البعض في إعادة توازن الأمور، وإعادة الاحترام للفن والغناء، فإن وقوف قلة من الفنانين المحترمين أمام بحر من الراغبين بالشهرة السريعة وتجار وسائل الإعلام، الذين لا يهمهم سوى الربح السريع حتى لو على حساب قيم وأخلاقيات أبنائهم، لن يكون سهلا ولا سريع المفعول.

العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً