العدد 1790 - الثلثاء 31 يوليو 2007م الموافق 16 رجب 1428هـ

«معلومات خيرية» وصناعة المعلومات العربية (2/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بات من الطبيعي أن يطلق على عصرنا الحاضر عصر المعلومات، أو عصر ما بعد الثورة الصناعية. فشريحة كبيرة من المجتمع تحولت إلى المعلوماتية، وعدد القوى العاملة في قطاع المعلومات ازدادت بشكل كبير حتى وصل عددهم في الولايات المتحدة إلى أكثر من 50 في المئة من مجموع القوى العاملة.

لقد مرت دورة الحضارة الإنسانية بثلاث مراحل أساسية تتمثل في: الزراعة، الصناعة، والمعلومات. والأخيرة هي قمة التطور حين تمكن الإنسان من تسخير معطيات التقنية في زيادة تعميمها ووضعها تحت أيدي المستفيدين في شتى بقاع المعمورة. ومن هنا أصبحت صناعة المعلومات ثروة وطنية، ومعيار القوة للدول القائمة حاليا.

ولهذا نجد ارتفاع الموازنات المخصصة للمعلومات في الدول المتقدمة بهدف توفير المصادر الحديثة، وتصميم قواعد المعلومات، وتأهيل المتخصصين القادرين على توظيف التقنيات.

وأدى ذلك إلى تغير في طبيعة العمل وأهميته، فكان توزيعه مثلا في أميركا حتى أوائل القرن العشرين كما يأتي: معلومات: 8 في المئة، صناعة: 61 في المئة، زراعة: 24 في المئة، وصارت نسبة العمالة في مجال الصناعة في الأربعينيات 40 في المئة، (لاحظ انتقال الأهمية من الزراعة إلى الصناعة). وبحلول العام 1980 كان توزيع العمالة: معلومات 54 في المئة، صناعة 20 في المئة، زراعة 4 في المئة، (انتقلت الأهمية من الصناعة إلى المعلومات). ويقصد بالعمالة في مجال المعلومات أعمال الكمبيوتر والاتصالات والنشر والإعلام والتخطيط ونظم المعلومات، والتأليف. وهو توزيع سيؤثر بالطبع على اتجاهات التعليم والتدريب لتلائم تحولات سوق العمل واحتياجاته، فمثلا لم يعد بإمكان 30 في المئة من المدراء في أوروبا وأميركا إحراز ترقيات بسبب عجزهم عن استخدام الكمبيوتر.

وأدركت الدول المتقدمة أهمية المعلومات كمورد إستراتيجي حيوي لايقل أهمية عن الموارد الأخرى ولكونها عنصرا لاغنى عنه في الحياة اليومية وفي اتخاذ القرارات وفي نشاطات البحث العلمي والركيزة الأساسية للتقدم العلمي والحضاري والتنمية. فمن يمتلك المعلومات ويستثمرها بشكل أفضل، ومن يمتلك نظم معلومات متطورة، هو الأقوى لأن قدرة الإنسان على استثمار الموارد المادية والبشرية رهينة بقدرته على استثمار المعلومات. واستثمار هذا المورد الحيوي هو المعيار الذي يعتمد عليه الآن في التمييز بين المجتمعات المتقدمة ومجتمعات الدول النامية.

ولعل من اطلع على تقرير الأمم المتحدة الأخير عن المعلوماتية يدرك أهمية صناعة تقنيات المعلومات، إذ يصنف هذا التقرير دول العالم إلى أربع فئات في المعلوماتية، الفئة الأولى وهم القادة ويتزعم هذا الفريق الولايات المتحدة واليابان والسويد وفنلندا، والفئة الثانية وهم القادة المحتملين ويتزعم هذا الفريق البرتغال وأسبانيا واليونان، والفئة الثالثة وهم المستفيدون ويتزعم هذا الفريق البرازيل والهند، والفئة الرابعة وهم المهمشون وهؤلاء بلا شك دول العالم الثالث والنامي. كما أشار التقرير إلى موضوع في غاية الخطورة وهو اتساع الفجوة المعلوماتية بين دول العالم الصناعية وبقية دول العالم ووصفت هذه الفجوة بأنها خطيرة، إذ تهدد بتهميش الدول غير المعلوماتية وإقصائها عن الاقتصاد العالمي القائم على المعلومات. ولنا أن نتخيل دولة مثل فنلندا ليس لديها موارد طبيعية كالنفط أو المعادن وأصبحت من دول القادة في المعلوماتية، كما أن هناك دولة أخرى ليست بأحسن حظ من فنلندا في نصيبها من الموارد الطبيعية وهي ايرلندا ولكنها أصبحت ثاني دولة في العالم في تصدير البرامج بعد أميركا. إن عائدات صناعة تقنيات المعلومات تقدر بمئات المليارات من الدولارات والرقم في ازدياد مستمر نظرا لزيادة الطلب العالمي على تقنيات المعلومات.

وأدركت دول نامية مثل الصين - والتي ربما كانت وفق تصنيف الأمم المتحدة في منزلة بين الثالثة والرابعة - مثل هذه الأهمية التي تمثلها صناعة المعلومات فرأينا انتاج صناعة المعلومات الصينية يقفز 24.3 في المئة على أساس سنوى ليصل إلى 412,5 مليار دولار بحلول العام 2005 .

وذكرت تقارير صحافية صينية نشرت في أحد المواقع الإعلامية أن وزارة صناعة المعلومات الصينية تتوقع ان تبلغ القيمة المضافة لقطاع المعلومات الالكترونية في الصين 86,169 مليار دولار خلال العام 2007، بزيادة 0,66 نقطة مئوية بالمقارنة مع نظيرتها 140,49 مليار دولار خلال العام الماضي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1790 - الثلثاء 31 يوليو 2007م الموافق 16 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً