العدد 1792 - الخميس 02 أغسطس 2007م الموافق 18 رجب 1428هـ

رياح حرب باردة تهب من حقول نفط بحر الشمال

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء العالمية وصول غواصة روسية صغيرة إلى قاع المحيط القطبي الشمالي أسفل القطب الشمالي في مهمة تهدف إلى تعزيز حجج روسيا بملكيتها للمنطقة. ومن المقرر أن يجري المستكشفون على متن الغواصة مير-1 اختبارات، كما سيزرعون كبسولة تحمل علم روسيا على عمق 4200 متر تحت القطب.

وقال مسئول روسي إن هذه المهمة ترقى إلى المقارنة مع مهمة «وضع علم على سطح القمر». وتقول روسيا إن لها الحق في مساحة هائلة من القطب الشمالي يعتقد أنها تضم احتياطات من النفط والغاز الطبيعي والمعادن. لكن هذه المطالب الروسية تزاحمها مطالب من دول أخرى ومنها الولايات المتحدة الأميركية. وتملك ثماني دول مصالح في القطب الشمالي، هي كندا، الدنمارك (مع غرينلاند)، فنلندا، أيسلندا، السويد، النرويج، روسيا، والولايات المتحدة.

وبحسب القانون الدولي البحري يحق لكل بلد مئتا ميل بحري من المياه الإقليمية، ويمكنه المطالبة بتوسع على أراضي القطب الجليدية وهذا ضروري للتنقيب عن الثروات البحرية.

وقبل تلك الغواصة كانت روسيا أرسلت وفدا من علمائها على متن سفينة «الأكاديمي فيودورف» إلى منطقة القطب الشمالي في محاولة لإثبات أن سلسلتي جبال لومونوسوف ومندلييف في قاع المحيط المتجمد الشمالي هما امتداد للجرف القاري الروسي. وإذا أقنع الروس منظمة الأمم المتحدة بذلك فستنال روسيا الحق في استثمار مكامن هائلة للنفط والغاز في منطقة ما بين شبه جزيرة تشوكوتكا ومدينة مورمانسك والقطب الشمالي. وتشير بعض التقديرات إلى إمكان وجود احتياطات من المواد الهيدروكربونية لا تقل عن 100 مليار طن في هذه المنطقة. وقد أكد رئيس هيئة شركات التنقيب في بحر الشمال، مالكولم ويب تفاؤله بالمستقبل فيما يتعلق بعمليات التنقيب الجارية حاليا. ويقول ويب ان بريطانيا انتجت في العام الماضي ما يعادل 1.4 مليار برميل نفطي، ومازالت منطقة بحر الشمال مزدحمة بالشركات المنقبة عن المزيد من النفط أو المستغلة لآبار قديمة عادت اليها الجدوى الاقتصادية بعد ارتفاع الأسعار هذا العام. وهو يقدر حجم الاستثمار الحالي في بحر الشمالي بحوالي 13 مليار يورو، فيما يعد أكبر قطاع صناعي في بريطانيا يعمل فيه 260 ألف عامل ويدفع ضرائب إلى الحكومة حجمها 7.7 مليارات يورو سنويا.

وبنظرة الى خريطة مواقع الانتاج الحالية في بحر الشمال نجد أن هناك 983 منطقة استكشاف اشترت حقوقها شركات عالمية، ولكن 532 منها لم يتم العمل فيها بعدُ منذ العام 2002.

وأصبح الكثير من دول العالم الرئيسية تبذل جهودها في اتجاه إعادة ترسيم حدود مناطق القطب الشمالي، وخصوصا المنطقة الروسية. وكانت الولايات المتحدة والنرويج وألمانيا ترسل بعثات بحثية إلى منطقة النفوذ الروسي في المحيط المتجمد الشمالي في الأعوام القليلة الماضية. وافتتحت الصين مركزها البحثي في جزيرة سبيتزبرغن.

من جانبها أعلنت الدنمارك قبل أعوام أن القطب الشمالي جزء من الأراضي الدنماركية لكونه امتدادا طبيعيا لجزيرة غرينلاندا التابعة إليها. ونصب حرس الحدود الروس في العام 2002 علامة حدودية في منطقة القطب الشمالي. ولا بد من الإشارة إلى أن روسيا تتخذ من أرض فرنسوا جوزيف مربضا لقواتها النووية الإستراتيجية. وتحتضن إحدى جزر أرض فرنسوا جوزيف أهم مركز روسي للبحوث النووية. ما يؤكد أهمية نفط بحر الشمال كونه طرح على طاولة نقاشات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس العام 2006، الذي سيطرت قضايا الطاقة على مناقشات اليوم الأخير من أعماله، إذ رأى خبراء أن القطب الشمالي باحتياطاته الهائلة، يبدو الحل الممكن للصعوبات في الحصول على الطاقة في العالم.

وأضافوا، لكن ما زالت هناك شكوك في مدى تأثير ذلك في البيئة والمسألة الشائكة التي تشكلها حقوق الملكية، إذ إن ثماني دول تطالب بحصتها في المنطقة ودول أخرى تحاول دخول المنافسة لذلك. ورأى رئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية النرويجية (شتات أويل) أن القطب الشمالي قد يمثل ربع الثروات التي لم تكتشف من النفط والغاز أي ما يساوي 375 مليار برميل من معادل النفط. ويرى المحللون أن هذه المنطقة جذابة جدا نظرا إلى قرب موقعها من أوروبا والولايات المتحدة ما يسمح بخفض نفقات النقل ويشكل ضمانا جيدا لأمن الإمدادات مقارنة بالشرق الأوسط، كما أن ارتفاع حرارة الأرض يؤدي إلى ذوبان جبال الجليد ويسمح بفتح طريق للنقل البحري والوصول إلى الثروات الطبيعية. تذكِّر تلك الصراعات وضلوع دول مثل روسيا والولايات المتحدة فيها العالم بأجواء الحرب الباردة، لكن رياحها لن تهب هذه المرة من الشرق الأوسط أو وسط أوروبا بل من حقول نفط بحر الشمال.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1792 - الخميس 02 أغسطس 2007م الموافق 18 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً