العدد 1793 - الجمعة 03 أغسطس 2007م الموافق 19 رجب 1428هـ

مخطط تدمير «توبلي» مستمر ... ومحطة الصرف الصحي «تؤزم» الوضع

«الوسط» تواصل زياراتها الدورية إلى الخليج وترصد عمليات دفان جديدة

بعيدا عن التصريحات الرسمية التي تطلق من قبل المسئولين في وزارة الأشغال أو وزارة شئون البلديات والزراعة بشأن وجود خطط للاهتمام بخليج توبلي، لا يزال الوضع على الأرض كما هو، بل ينحو إلى مزيد من «التأزيم» والتدمير للبيئة البحرية في الخليج.

لا أحد يكترث، ولا أحد يسمع للشكاوى المتكررة سواء تلك التي يطلقها البحارة أو تلك التحذيرات التي عجز البيئيون والبلديون والبرلمانيون وبحت حناجرهم من إطلاقها من وقت لآخر، بضرورة الحفاظ على الثروة البيئية التي يزخر بها خليج توبلي.

من جديد، زارت «الوسط» خليج توبلي في إطار زياراتها الدورية إلى الخليج للاطلاع على الوضع هناك عن كثب، وتنقل إلى القارئ حقيقة ما يجري في خليج توبلي، وتجولت «الوسط» في زيارتها نهاية الأسبوع الماضي في أرجاء الخليج بمشاركة رئيس التحرير منصور الجمري.

الإنطلاقة كانت من المنطقة المحاذية لمحطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، المشهد لا يحتاج إلى كثير من الوصف، فالزائر للمنطقة بمجرد وصوله إلى هناك يتيقن أن مشكلة خليج توبلي تبدأ فصولها الأولى من هنا... الروائح الكريهة التي تستقبل الزوار، والمياه التي طغى اللون الأسود عليها بفعل اختلاط المخلفات التي تقذف بها المحطة يوميا، كفيل برسم صورة مخيفة عما سيكون عليه خليج توبلي مستقبلا، ولعل السؤال الذي خطه أحدهم على الجدران المحاذية لخليج توبلي «سؤال يطرح خليج توبلي إلى أين؟»، هو دلالة على أن الكثيرين أيقنوا أن الوضع في الخليج بدأ يدق ناقوس الخطر.

وتعتبر محطة توبلي هي مركز البحرين الرئيسي لمعالجة مياه الصرف المنزلية والصناعية من مناطق البحرين المختلفة، وهي أيضا مركز مراقبة تلوث المياه، بالإضافة الى إنتاج واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة من النفايات السائلة، وتم توسيع المحطة الرئيسية لخدمة المناطق الزراعية الواقعة في المناطق الشمالية والوسطى والغربية.

ومواصفات المحطة تتطلب حماية التنوع البيولوجي وتنشيط الحماية من خلال قنوات تهوية، والخزانات الموجودة في المحطة للتخزين مزودة بتجهيزات لمكافحة الروائح.

وتتسلم محطة توبلي المياه المستعملة بما في ذلك النفايات المنزلية وتبدأ عملية إزالة الأنقاض في العادم، ثم تتدفق المياه إلى برك التهوية للعلاج، ويعتمد العلاج على البكتيريا والأوكسجين المتاح فيها بما يؤدي إلى أكسدة المركبات العضوية وتحولها إلى مواد أبسط، وبالتالي تنفصل المواد الصلبة عن المواد السائلة، والماء المنتج النهائي من المفترض أن يكون نقيا ولا مانع من رميه في البحر. وبخصوص الجزء المعالج من الماء فإنه يتلقى علاج الكلور ثم تجرى له عملية التطهير، وهذه المياه المعالجة تكون صالحة لأغراض الري.

إلى أين يسير الوضع في الخليج؟، وهل سنصل إلى يوم تتعالى فيه المطالبات بدفان خليج توبلي بعد خنقه بمخلفات محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، وانبعاث الروائح الكريهة منه؟، أسئلة متوجسة رددها المشاركون في جولة «الوسط»، اختلطت بحال من الاستغراب من وضع الخليج وخصوصا أن البحرين وقعت اتفاق التنوع البيولوجي، إذ يعتبر تدمير خليج توبلي مخالفة لاتفاق التنوع البيولوجي الذي تم التفاوض بشأنه مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة في مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو (البرازيل)، وفتح باب التوقيع في 5 يونيو/ حزيران من العام 1992 في البرازيل، ودخل حيز النفاذ في 29 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1993.

وخلال الجولة التي استغرقت قرابة الساعة ونصف الساعة، تبادل المشاركون في الجولة أطراف الحديث الذي دار عن خليج توبلي وكيف كان قبل وجود محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، وأكد البحار محمد مرضي الذي رافق «الوسط» خلال الجولة أن الوضع في الخليج كان مختلفا تماما قبل إنشاء المحطة، وقال واصفا الوضع: «كان خليج توبلي جنة محاطة بالبساتين الخضراء من كل جانب، غير أن المتنفذين استحوذوا على الأراضي المحيطة بالخليج، وهو ما أدى إلى تراجع الوضع البيئي فيه، وتسببت محطة معالجة مياه الصرف في تدني الوضع في الخليج بيئيا وصحيا».

وتتمثل المشكلة الرئيسية في خليج توبلي هي عدم توافر خرائط توضح حدود الخليج بشكل واضح.

وينتظر خليج توبلي تحركات جدية لإنقاذه، وخصوصا بعد القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء وبعد الخطاب الذي رفعته الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية إلى وزارة الأشغال والإسكان والمتضمن رأيها العلمي والفني في مشكلة خليج توبلي، وقد تركزت توصيات الهيئة على المدى القصير بتنظيف الخليج من الترسبات والبقع بشكل مستمر كل ثلاثة أشهر. أما الحل بعيد المدى والمستقبلي فيكمن في توسعة محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي من أجل استيعاب الضغط الحاصل عليها الآن الذي أدى إلى إلقاء الكثير من مياه المجاري في الخليج من دون معالجتها أو بمعالجة منخفضة.

وسبق للحكومة أن أصدرت منذ العام 1941 وحتى العام 2006 (خلال 66 عاما) نحو 12 مرسوما وقانونا وقرارا يشرع حماية خليج توبلي والحياة البيئية والثروة البحرية والفطرية، إلا أن هذه القرارات لم تستطع الحد من التجاوزات والمخالفات التي يشهدها الخليج حتى الآن، ما أدى إلى تدهوره بيئيا وتهديد الثروة البحرية الموجودة فيه.

العدد 1793 - الجمعة 03 أغسطس 2007م الموافق 19 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً