العدد 1801 - السبت 11 أغسطس 2007م الموافق 27 رجب 1428هـ

الكهرباء... سياسة الهروب إلى «الفناتق»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

آخر «الفناتق» التي لم نكن نتوقعها هو ما خرج به أحد النواب الأفاضل، في تصريحه المثير للقهقهة، من أن 50 في المئة من انقطاعات الكهرباء تكون لأسباب سياسية!

الوزارة التي توزّع وعودها الوردية على المواطنين كل عام قبل أن يهجم علينا الصيف، اعتادت واعتاد عليها الجمهور بأنها تعد فتخلف، وفي كل عام تبحث عن مشاجب تعلق عليها أخطاءها، وعن ضحايا تتهمهم بالتسبب في انقطاعات الكهرباء، ولما استنفدت كل الأطراف والشركات والجهات، لم تجد هذا العام غير اتهام المواطنين بالتسبب وراء انقطاعات الكهرباء!

مسئولو الوزارة وهم ينفون في مقابلاتهم وتصريحاتهم ومؤتمراتهم الصحافية التي عقدوها طوال هذا الموسم، كانوا يطرقون على رأس هذا الوتر اليتيم: المواطن! فالأحمال الزائدة يتحمّلها المواطن، فهو أساس البلاء والغلاء والوباء في هذا البلد، وكم يتمنى بعضهم لو يستيقظ من نومه صباحا وقد هبت موجة «تسونامي» واقتلعت كل المواطنين من أسرّتهم وقذفتهم في عرض البحر، لكي يستريحوا من الدوشة ووجع الرأس!

المواطن إذا هو السبب، والمفروض ألاّ يستخدم الكهرباء، وإذا استخدمها فعلى طريقة «قوت من لا يموت»! يعني يشغّل الكهرباء بالقطارة، نصف ساعة يشغّل المكيف ويطفيه نصف ساعة، توفيرا للطاقة الكهربائية ودعما للاقتصاد الوطني وإيثارا للآخرين على النفس... وإلاّ فما معنى الولاء للوطن؟

تكرار طرح هذا المبرّر، وإلقاء اللائمة على المواطنين، يدين الوزارة ولا يبرئ ساحتها، فما نفهمه أن من المفترض أن يكون لكل صاحب برادة أو دكان خطة للتوسع، حتى صاحب دكان السمبوسة الآسيوي عندما يفتتح دكانا صغيرا، تراه يفكر بعد عامين في توسعة دكانه، فكيف بوزارة كبيرة بدأت أعمالها منذ ستين عاما، وأصبح يعتمد عليها 750 ألف نسمة، (هذا إذا ما وصلنا مليون نسمة بعد موجة التجنيس)، فكيف لا يكون لها خططٌ مستقبلية للتوسع في توفير خدماتها للجمهور، اعتمادا على أرقام الاستهلاك الفعلي والتقديرات المتوقعة للمستقبل؟

ولأن موقف الوزارة أصبح مكشوفا، بعد عجزها عن تقديم تفسير مقبول لاستمرار مشكلة انقطاع الكهرباء على مدى ربع قرن، في بلدٍ صغيرٍ يشهد طفرة كبيرة في المشاريع الاستثمارية الضخمة، فإنها لجأت إلى خبرات أشخاص متقاعدين ليتولوا كتابة الردود الإنشائية المملة على الشكاوى التي تنشر الصحف المحلية الست يوميا، والتي لا تقنع أحدا.

في السابق كانت الانقطاعات تتركّز غالبا في الأطراف والهوامش، أمّا اليوم فوصل مسلسل الانقطاعات إلى المناطق المرفّهة، التي لا تشكو نقصا في الخدمات الأساسية أو الكمالية. وربما هذا ما دفع النائب المذكور إلى الاستنفار للدفاع عن وزارة الكهرباء، برمي الكرة على كبش فداء جديد، ربما لم يفكّر فيه الوزير أو الوكيل أو حتى المستشار الإعلامي، ليزعم أنّ 50 بالمئة من حالات قطع الكهرباء لأسباب سياسية!

نحن لا نفهم التلميحات والفذلكات والاستعارات البيزنطية، ولكن قياسا على سيرة الرجل المثير للجدل وتاريخه الملئ بالثقوب، فإنه قد يمهد لاتهام أطراف معينة محلية، أو يوحي بوجود مؤامرة دولية تستهدف أمن واستقرار البحرين، تبدأ بمخطط سري لخلخلة الموجات الكهرومغناطسية من أجل عرقلة عمل وزارة الكهرباء، وضرب شبكة الكهرباء الوطنية!

من قبل مو متحملين نظريات المسئولين في وزارة الكهرباء... فكيف سنتحمل ردود المستشارين المتقاعدين والنواب اللي ما عندهم شغل!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1801 - السبت 11 أغسطس 2007م الموافق 27 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً