العدد 1815 - السبت 25 أغسطس 2007م الموافق 11 شعبان 1428هـ

«تجارة عادلة» بدلا من «تجارة حرة» (2/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مثَّل ظهور مفهوم «التجارة العادلة»(Fair Trade) في السنوات الماضية بارقة أمل جديدة لدى منتجي ومصدّري الدول النامية «الفقيرة» في تحقيق نوع من العدالة المجتمعية في التبادل التجاري الدولي الذي يميل بشدة إلى صالح الدول الغنية. وقد حاولت منظمات غربية تطبيق هذا المفهوم من خلال شراء سلع الفقراء وبيعها في دول الشمال الغنية لحصد سعر عادل للفقراء، وتم ختم هذه السلع بشعار «صُنع بكرامة» (Made in Dignity).

وتقوم فكرة التجارة العادلة أساسا على كيفية توفير فرص وسبل جيدة للمنتجين في الدول النامية لبيع سلعهم ومنتجاتهم بأسعار عادلة «قريبة» من الأسعار العالمية، وتقليل حالات الاستغلال التي يتعرض لها هؤلاء المنتجون، وخصوصا من بلدان الشمال المتقدم التي تدفع إليها قواعد التجارة التي تحكم النظام التجاري الدولي، وتؤصل لها منظمة التجارة العالمية.

وتتحقق الفكرة من خلال إحدى آليتين: أولاهما تحديد الجهات التي يمكن التفاوض معها لتحقيق أكبر عائد تجاري ممكن، بحيث تتولى جهات دولية معينة عملية التفاوض وتسهيل الشراء، بحيث تضمن تحقيق شروط عادلة للبيع، وهو ما تفعله أو تتبناه منظمات دولية منها منظمة «أوكسفام».

والآلية الثانية، هي أن تقوم هذه المنظمات بشراء جزء كبير من منتجات البلدان النامية وتتولى تسويقها بنفسها، وهو ما يتيح لها فرصا جيدة للتفاوض مع كبار المشترين، ويحقق عائدا يرضي المنتجين.

وخلافا لأنظمة الإعانات والمساعدات، فان التجارة العادلة تضمن لصغار الفلاحين في الدول الفقيرة ظروفا معيشية جيدة وذلك فقط ببيع منتوجهم الخاص. ولا يرتبط بأية دولة أو أي تمويل عالمي، انه المستهلك فقط الذي يختار مساعدة الفلاح الصغير على أن يساعد الصناعات المتعددة الجنسيات.

ومعتمدة على الرغبة في تقسيم كل السلسلة من المنتج إلى المستهلك فان التجارة العادلة تستبعد أوتوماتيكيا كل شخص يبحث عن تحقيق الربح الشخصي على حساب الآخرين. فهي تقترح نظاما عادلا للجميع.

وتمثل آليات التجارة العادلة شريكا تجاريّا يقوم على: الحوار، الشفافية والاحترام إذ يتمثل هدفها في الوصول إلى عدل وإنصاف للتجارة العالمية. وتساهم أيضا في التنمية المستديمة بتقديم أفضل الشروط التجارية وتضمن حقوق المنتجين والعمال. توجد اليوم الكثير من المقترحات في التجارة العادلة التي تقترح عدة مناهج مختلفة وكلها تضع العدل والإنصاف من أهم الأفعال ومن بين هذه المقترحات، مجموعة من القواعد التي وضعتها مبادئ التجارة العادلة من قبل المنظمة العالمية(FLO).

وبعد أن يتم منح شهادات لمنظمات صغار الفلاحين ويتحصل الوسطاء التجاريون على الموافقة، تحمل عندئذ المنتوجات العلامة المميزة للتجارة العادلة التي تضمن:

- تحديد سعر الشراء بكل إنصاف من الحاجيات الحقيقية للمنتجين الصغار وعائلاتهم (يجب أن يكون هذا السعر أكثر أو مساويا لسعر السوق الذي يجب أن يغطي على الأقل كل مصاريف الإنتاج).

- شراء المنتوجات بصفة مباشرة من صغار الفلاحين الأكثر احتياجا.

- تأسيس العلاقات مع الفلاحين على قواعد عقود الشراكة لأجل طويل.

- التزام الفلاحين بجودة الإنتاج .

- تطبيق نظام الدفع المسبق الجزئي عند الجني وذلك لمنع الاستدانة السنوية المكلفة للمربين.

- تثبيت أسعار الشراء العادل التي تمنح لمنظمات الفلاحين الصغار منحة سنوية تمكنهم من تمويل المشروعات التي تسعى إلى التطور المحلي الدائم.

- اختيار و تتبع هذه المشروعات ذات المنفعة العامة بناء على المبادئ الديمقراطية وبكل شفافية.

وقُدرت مبيعات التجارة العادلة في العام 2002 بمبلغ أعلى بقليل من 400 مليون دولار، وكان نصيب المنتجات الحرفية 25 في المئة من إجمالي المبلغ المذكور وفقا للمنظمة الدولية للعلامات اللاصقة للتجارة العادلة ومقرها بون - ألمانيا، وعلى مستوى النمو حققت مبيعات التجارة العادلة على الصعيد العالمي نموا بنسبة 43 في المئة. إن مبادرة التجارة العادلة تدفع باتجاه تحقيق نوع من العدالة النسبية وتقلل من شراسة النظام التجاري الدولي، وترفع بعض العبء عن كاهل الدول النامية، وهو ما قد يطرح سؤالا كبيرا عن مشروعية قواعد هذا النظام ونصيب الدول النامية منها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1815 - السبت 25 أغسطس 2007م الموافق 11 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً