العدد 1822 - السبت 01 سبتمبر 2007م الموافق 18 شعبان 1428هـ

التآمر لنزع فتيل النزاع الديني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يعمل هؤلاء الذين يعرّفون الحرب على الإرهاب بأنها نزاع ديني بين الإسلام من ناحية والمسيحية واليهودية من ناحية أخرى، لصالح «القاعدة» والزعامة الحالية في إيران. النجاح النهائي لمخططي هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كان بالذات مباشرة نزاع ديني كهذا وتعريف أنفسهم كمسلمين حقيقيين يحاربون «الكفرة»، أي اليهود والمسيحيين. الحرب الدينية هي ما أراده تنظيم «القاعدة» لتحقيق السلطة والحرب الدينية هي ما يجب ألا يحصلوا عليه. يجب عزل أتباعه وتعريتهم ودحرهم. وفي الدرجة الأولى يجب حرمانهم من الادعاء بتمثيلهم للعرب والمسلمين. يجب مواجهتهم سيايا واقتصاديا ودينيا وعقائديا وعسكريا.

جدلهم الأساسي هو أن الغرب المسيحي، وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة بمساعدة «إسرائيل» تكره المسلمين وقد انطلقت لتقوم بإذلالهم واحتلال أراضيهم. وهم يجادلون بأن ذلك يشكل حربا صليبية جديدة ترتكز على العقيدة الدينية للقيادة الأميركية. وهم يذكرون فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها من النزاعات الأقل حجما لإثبات موقفهم. وطالما كانت فلسطين هي الرمز النهائي للمواجهة الدينية والعرقية والاقتصادية والثقافية والفعلية، مثيرة للمشاعر العاطفية، ويحاول المتطرفون قصارى جهدهم للحصول عليها. لقد وفر النزاع الفلسطيني الإسرائيلي مكونات الاستغلال، ولا يؤدي أي حدث إلى إيذاء المتطرفين مثلما يؤذيهم حل هذه القضية.

أما في الغرب فقد ظهرت المشاركة في هذه القضايا على مستويين اثنين. على المستوى الرسمي كانت هناك تعبيرات عن احترام الإسلام كدين. إلا أنه على الصعيد العام صور العديدون في وسائل الإعلام الإسلام كدين عدم التسامح والتطرف والعنف وكدين لا ينسجم مع الديمقراطية، بغض النظر عن قبول من وقت لآخر من قبل بعض الجهابذة مفاده أن هناك فعلا أصواتا مسلمة تعارض هذا التعصب الأعمى.

إلا أن كلا التوجهين يمعن في التأكيد على البعد الديني للنزاع في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها. القضايا الرئيسية التي تبرز النزاعات المتعددة قيد البحث سياسية الطابع ولكنها تحمل في طياتها كذلك أبعادا ثقافية واقتصادية وتعليمية وحكومية. تكتيل هذه القضايا جميعها معا بحيث تعتبر مجرد نواحٍ مختلفة لنزاع عالمي ديني هو تبسيط مأسوي للواقع.

إلا أنه من الأهمية بمكان فضح زيف جدل «الحرب الصليبية المسيحية اليهودية» منذ البداية. في الأيام الحديثة شاركت الولايات المتحدة في نزاع مسلح لإنقاذ المسلمين في البوسنة ضد قوة مسيحية وفرضت عودة اللاجئين المسلمين إلى ديارهم في وجه معارضة كبيرة. ومازالت الولايات المتحدة منخرطة في صنع السلام في البوسنة. وحاليا تحارب الولايات المتحدة من أجل استقلال إقليم كوسوفو المسلم بشكل رئيسي ضد معارضة قوات مسيحية. كما عملت موجة المد البحري الآسيوية التسونامي العام 2004 على حشد حملة أميركية كريمة وفاعلة لتخفيف معاناة المسلمين الإندونيسيين. جميع هذه الحوادث تدحض الاعتقاد بحملة صليبية ضد المسلمين، ومن التحديات التي تواجه صانعي السياسة في الولايات المتحدة الإتيان بمزيد من الأمثلة في المستقبل.

لا تستطيع أية صورة استبدال السياسة. إلا أن حملة دبلوماسية فاعلة نحو العرب والمسلمين يجب أن تحتوي على عدد من الإجراءات.

الأول هو تحدٍ نشط ضد الاتهامات المسيحية العنصرية الموجهة ضد المسلمين والعرب، يرافقها إبراز متعمق للمساهمات الإيجابية التي قامت بها الولايات المتحدة تجاه أرواح المسلمين والعرب. يجب أن يشكل ذلك جزءا من رسالة أكثر اتساعا تنادي بتفاهم واحترام وتعاون متبادل. تعمل الأصوات الأميركية ذات النغمة العالية التي تنادي بالرهاب الإسلامي والعنصرية على إفشال هذه الإستراتيجية ويجب دحضها على أعلى المستويات. كما يجب تعريتها على أنها لا تعكس السياسة الرسمية للولايات المتحدة أو مواقف الشعب الأميركي.

ثانيا، يجب على حوار عام جاد للشكاوى الحقيقية الصادقة للعرب أن تعمّق فهما أميركيا لمشكلتهم، وسعيهم لإنهاء احتلال أراضيهم ومن أجل الكرامة والفرص الاقتصادية والحكم الجيد.

ثالثا، يجب تقديم شرح صادق للنظام الأميركي باللغة العربية وللعرب يعكس القيم التي بنيت عليها الولايات المتحدة. يتوجب تقديم مفاهيم مثل حكم القانون وفصل السلطات وحرية التعبير والفرص الاقتصادية والمشاركة الاجتماعية وعمل الخير كأمثلة حيّة يمكن للمشاهدين والقراء أن يفهموها. كما يجب بحث قضايا صعبة مثل العنصرية والفقر والفساد بالقدر نفسه الذي يجري فيه بحث الجهود للتعامل معها. باختصار يجب تقديم أميركا الحقيقية بدلا من أميركا الأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية. شرح النظام الأميركي ونزع صفة اللغز عنه يفشل نظريات المؤامرة ويفتح طرقا باتجاه التفاهم والتمكين.

رابعا، يجب القيام بجهد صادق لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى جانب الإعانة المنظورة للفلسطينيين. وبينما تتطور شراكات سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتوجب تقديم حزمة من المعونة المالية المعتبرة وبسرعة. يجب التفكير بمبلغ مليار دولار كجزء من موازنة الحرب على الإرهاب، تقدم لأجل مشروعات إعادة الإعمار في الضفة الغربية ومعونة إنسانية إلى غزة، بمساءلة كاملة وعرض إعلامي عالمي.

يجب أن يعمل أناس ذوو عقليات متشابهة وصدقية واستقامة وبصيرة لنزع فتيل النزاعات ورعاية التفاهم. لتكن هذه هي المؤامرة الوحيدة التي تثبت صحتها.

* رئيس فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1822 - السبت 01 سبتمبر 2007م الموافق 18 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً