العدد 1829 - السبت 08 سبتمبر 2007م الموافق 25 شعبان 1428هـ

«التربية»... شخبط شخابيط!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم أكن أدرك بأني سأدخل دهليزا طويلا مظلما حين كتبت لأول مرة عن «الدوام المرن» قبل عشرة أيام! فهذا الدوام الذي تم تصويره بأنه سينقل البحرين إلى مصاف الدول الصناعية، ويحل مشكلات المرور وغلاء الأسعار... (طلع كله فشوش)!

حتى بعض المطبّلين للوزارة، انقلبوا عليها بعد يومين فقط من الرقص والتطبيل، حين بدأوا يتلقّون ردود القراء الغاضبة على هذه البدعة التي أسموها «الدوام المرن»!

لا أخفيكم كم وصلت من المكالمات الاحتجاجية على هذا القرار الخاش باش، وعلى موضوعات أخرى كثيرة بدأت تتكشف لي عن هذه الوزارة الآخذة بالانحدار، وهي قضايا سنتناولها تباعا إن شاء الله، لتكون الحجة كاملة على جميع من سوّق وزيّن وكحّل وساهم في تلفيق هذا الاقتراح، ونقله لديوان الخدمة المدنية لتمريره من فوق رؤوس الناس، ضاربين بعرض الحائط 126 ألفا من الطلبة، و17 ألفا من منتسبي الوزارة، فضلا عن أولياء الأمور والوضع الاجتماعي والأسري بالبلاد، ثم يقال «إننا راعينا جميع الأطراف»!

شخصيا، لم أسمح لنفسي بالكتابة إلاّ بعد أسبوع من الصمت والتأمل، قرأت خلاله كل ما نُشر عن الاقتراح، وهو ما فتح عيني على عورات هذا القرار الذي تنقصه الدراسة والرزانة والاتزان. وخلال الأسبوع الماضي، كلما اتصل بي مدرّسٌ أو مدرّسة، للحديث عن مشكلاتهم في هذه الوزارة المترهلة، كنت أسألهم عن عدد الطلاب والمدرسين في مدارسهم، ثم أباغتهم بسؤال مباشر: كم من هؤلاء يؤيدون «الدوام المرن» الذي طرحته الوزارة؟ فكانت الإجابات واحدة: «لن تجد مدرسا واحدا يؤيد هذا الدوام».

وحين أرد عليهم بالحجة التي ساقتها الوزارة: «ولكن هذا الدوام سيضمن جودة التعليم»، كنت أسمع منهم ردودا وتعليقات بين الغضب والسخرية والنقد اللاذع... وإطلاق بعض الضحكات المكبوتة. وإذا عدنا لتناول الموضوع فإنما لخطورته، ولما فيه من مغالطةٍ واستهتارٍ بالرأي العام، وتزويرٍ للحقائق، وليس إحراجا لأحد، فنحن نبحث عن الحقيقة وندعم القرارات الصائبة والإصلاح... وليس للمناكفة والإحراج.

مثل هذا الدوام الفاشل لن تتضرّر منه بعض المحافظات أو الطوائف أو الفئات، ليقال بأنه تسييس ومحاصصة، وغيرها من الخرابيط! بل إن أحد المدرسين العرب المتجنسين حديثا، وصفه بأنه «قرار غبي»! ومدرّسٌ آخر استشهد ببلاده قائلا: «طُبّق عندنا في مصر وفشل وألغي، فلماذا تستوردون التجارب الفاشلة»؟

أما إذا جئتم إلى ردود إدارة العلاقات العامة والإعلام، فهي تبدأ بهذه الديباجة الكلاسيكية الموروثة من أيام أفلاطون: «يحظى المعلّم في فكر الوزارة وفي أدبياتها وبرامجها التطويرية بمكانة رفيعة، ليس فقط لكونه العمود الفقري للتعليم وحامل الراية التربوية، بل لأنه العنصر الرئيسي الأكثر أهمية في تنفيذ المشروعات التربوية والبرامج التطويرية المشار إليها، فبدون تعاونه وحماسه لا يمكن لأفضل المشروعات ولأفضل البرامج ولأفضل المبادرات أن تحقق نتائجها المرجوة على الأرض».

فإذا كنتم تحفظون هذه الديباجة، فلماذا لم تتذكّروها حين تجمع ثلاثة آلاف مدرس ومدرسة تحت أشعة شمس يوليو/تموز، ممن يحترقون كالشموع ليربّوا أطفالنا ويخرّجوا أجيالنا، ولم «يتفضّل» أحدٌ من المسئولين بالنزول من برجه المخملي ليسمع مطالبهم أقلا، فهؤلاء مواطنون وليسوا مستوطنين أو مهاجرين نازحين من جزر المالديف. وهي وصمة عار على جبين الوزارة، لن ينساها هذا الجيل من المعلمين أبدا.

الكل ينتظر ما ستقوم به الوزارة الفاضلة اليوم... هل سينزل أحد ملائكتها من السماء، أم سنقرأ غدا ردا أفلاطونيا من نوع شخبط شخابيط! انتظروا... إنا معكم من المنتظرين!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1829 - السبت 08 سبتمبر 2007م الموافق 25 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً