العدد 2270 - السبت 22 نوفمبر 2008م الموافق 23 ذي القعدة 1429هـ

لم غيابنا عن قائمة الصاعدين؟

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

لا أعرف إن كان المسئولون العرب الكبار يتابعون المناقشات الجارية في مختلف وسائل الإعلام الغربية عمَّن سيخلف الاقتصاد الأميركي المأزوم أو على الأقل ينافسه في القدرات وفي التأثير الفعَّال على الساحة الاقتصادية الدولية.

ذلك أن مقولة «مات الملك، يعيش الملك» الشهيرة مثلما تنطبق على عالم السياسة فإنها كذلك تنطبق على عالم الاقتصاد. ولا أدري إن كان أولئك المسئولون يشعرون بالحسرة والمهانة مثلنا عندما يسمعون قائمة أسماء الدول المرشّحة للصعود الاقتصادي خلال النصف الأول من هذا القرن فلا يجدون من بينها أيّا من أقطار الوطن العربي ولا أيا من تكتلاته الإقليمية بما فيها تلك التي تسبح في بحر من الثروة النفطية.

المناقشات تلك تمثٍّل إشارة رمزية جديدة إلى الهوان العربي المتعاظم وتستجدي الإجابة على ما تطرحه من أسئلة. إذ كيف تفشل أمة في الدُّخول في السِّباق الاقتصادي مع الأمم الأخرى الناشئة الصاعدة، من مثل الصين والهند وكوريا والبرازيل وغيرها، وهي الأمة التي سيكون دخلها من النفط وحده خلال نصف القرن المقبل عشرات التريليونات من الدولارات، وهي الأمة التي فيها قوى بشرية مؤهلة معقولة، وفيها ثروات طبيعية وغير طبيعية متكاملة كثيرة أخرى؟ التحدِّيات والأسئلة التي تطرحها مناقشات الآخرين وتجاهلهم التَّام لأية إمكانيات مستقبلية في بلداننا يجب أن تكون الخلفية التي ستنطلق منها مداولات رؤساء الدول سواء في قمة دول مجلس التعاون أو في قمة الدول العربية جمعاء. فالتهميش الذي فرضه الآخرون علينا وفرضناه نحن على أنفسنا أصبح محنة يجب تجاوزها.

دعنا نمعن النظر في النقاط الآتية:

أولا: قبل انعقاد مؤتمر قمة العشرين في واشنطن للتداول بشأن الأزمة المالية العولمية الحالية نشر أربعون من كبار المفكرين والأساتذة الاقتصاديين الأميركيين كتابا مفتوحا موجّها إلى المجتمعين في واشنطن تضمّن 3 توصيات أساسية، الأولى: تشير إلى ضرورة الانتهاء من عصر هيمنة أية عملة، مهما تكن قوتها، على نظام النقد الدولي. والثانية: تحذِّر من السماح لأنظمة تحرير التجارة الدولية تعطيل القدرات الاقتصادية المحلية. والثالثة، المرتبطة بالثانية، تؤكِّد أهمية عدم السماح لحرية انتقال الشركات الدولية من أن يؤدِّي إلى زيادة في البطالة وأن يكون هدف الحكومات هو عدم وجود أية بطالة بين القوى العاملة في مجتمعاتها.

تلك توصيات صدرت عن أناس اكتووا بنار الليبرالية العولمية المتوحِّشة التي أطلقتها بلادهم ويمكن أخذها على محمل الجد. فبلدان النفط العربية يجب أن تخرج من ربط عملاتها بالدولار الأميركي الدائم التذبذب والمشاكل. وبلدان الأمة العربية يجب أن تحمي مؤسساتها الوطنية الضعيفة الناشئة من مزاحمة وَنَهم المؤسسات الدَّولية العملاقة العابرة للقارات. وعند جذبها للاستثمارات الخارجية مطلوب ألا تكون قط على حساب القوى العاملة الوطنية ومؤدية إلى زيادة في البطالة. ولعلّ القادة العرب يتخذون قرارا بالانضمام الى الذين يودون إجراء مراجعة جديدة لكل الأسس التي قام عليها النظام الاقتصادي العولمي عبر العقود الثلاثة الماضية، بما فيها مراجعة جادة لمقررات منظمة التجارة العالمية واتفاقات مناطق التجارة الحرة مع هذه الدولة أو تلك.

ثانيا: ليحاول القادة التمعُّن في هذا السؤال: لو أن أموال النفط الفائضة وأموال مؤسسات وصناديق العرب الاستثمارية توجّهت إلى الأرض العربية وحاولت المساهمة في تنمية الزراعة والصناعة والبنية التحتية والسياحة والتنقل والتواصل المعرفي وغيرها، وذلك بدلا من توجٌّهها نحو البورصات العالمية والمغامرات العقارية في كل أصقاع العالم وبنوك الاستثمارات المخاطرة المغامرة المجنونة، أما كانت تلك الأموال اليوم في مأمن ممٌّا أصاب العالم من الخسائر الهائلة التي امتدت لتشمل الاقتصادات العربية؟ أليس في ذلك عبرة لأن نبدأ بالتفكير الجدِّي في وظائف الثروة العربية وفي الاستفادة منها للدخول في قائمة القوى الاقتصادية الصاعدة التي يتحدث عنها العالم الآن؟

نعلم أن بصيرة المسئولين العرب لم تستطع بعد أن تفهم طبيعة قوى العصر الذي نعيش، ولكن الأزمة العالمية الحالية لا تحتاج إلا لبصر يرى ما حوله، فهلا فتحنا عيوننا لرؤية ما أصبح بديهيّا من مصلحتنا؟

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 2270 - السبت 22 نوفمبر 2008م الموافق 23 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً