العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ

بين «ولاية الفقيه» و«المرجع الأعلى»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مفهوم «ولاية الفقيه» ارتبط بشخص الإمام الخميني المتوفى العام 1989م والذي كان أول من طبّق المفهوم على أرض الواقع... بينما ارتبط مفهوم «المرجع الأعلى» بالشيخ مرتضى الأنصاري (المتوفى في العام 1864م) والذي كان أول من لُقِّب بهذا اللقب في حوزة النجف الأشرف.

وحاليا أيضا، يتداول الشيعة مفهوم «ولاية الفقيه» وهو المعمول به رسميا في إيران بزعامة السيدعلي الخامنئي، والآخر «المرجع الأعلى» وهو المعمول به في حوزة النجف الأشرف بزعامة السيدعلي السيستاني.

الفرق حاليا هو أن «ولاية الفقيه» منصبٌ دينيّ - سياسيّ - عسكريّ - أمنيّ، يختصّ بدولة ذات سيادة قومية معترف بها في الأمم المتحدة (إيران). بمعنى آخر، فإنّ الصفة السياسية تغلب على الصفة الدينية... أما «المرجع الأعلى» فهو منصبٌ دينيّ بالدرجة الأولى، وهو يحمل صفة «استرشادية» في السياسة، كما نراه في حالات الطوارئ والكوارث التي يمرّ بها العراق حاليا.

الشيخ مرتضى الأنصاري كان أول فقيه يوصف بـ «المرجع الأعلى»، وهذا يعني أنّ هناك مراجع آخرين معترفا لهم بالمرجعية، وأنّ المرجع الأعلى يتقدّم الصفّ ولكن ليس بطريقة هرمية صارمة. والسيستاني حاليا يمثل نسخة من أنموذج الأنصاري الذي لا يؤمن بالولاية المطلقة للفقيه، وكان الأنصاري ينأى بنفسه عن الاتصال بالانجليز، والحال أيضا مع السيستاني الذي ينأى بنفسه عن الاتصال المباشر مع الأميركان، ويتدخل فقط في الحالات التي يراها واجبة لدفع الضرر عن الأمة. وفي سنوات سابقة، حاول الشيخ محمد مهدي شمس الدين تطوير العمل السياسي في ظلال المرجعية الدينية، وطرح مفهوم «ولاية الأمة» على نفسها، ولكنّ أطروحته لم تتقدم كثيرا في أوساط الشيعة.

بين مفهومي «ولاية الفقيه» و «المرجعية الدينية العليا» فروقات واضحة في الصلاحيات التنفيذية وفي آثار تلك الصلاحيات على الناس. فالمرجع الأعلى يعتمد على مدى التأييد الذي يحصل عليه ومدى إمكانية التأثير في موضوعٍ ما قبل أن يتدخل في أمرٍ سياسيّ طارئ. أما منصب «ولاية الفقيه» حاليا فهو منصبٌ تنفيذيّ مصحوبٌ بهيكلية تنظيمية صارمة وصلاحيات واسعة (داخل حدود دولة قومية)، والتصدّي للسياسة يُعتبر واجبا دينيا، وطاعة الوليّ الفقيه واجبة ونافذة... ومع توافر السلطة، فإن موافقة الناس (سواء مباشرة أو غير مباشرة عبر النواب مثلا) على قرارٍ ما تُعتبر شأنا ثانويا، لأنّ الواجبات الدينية تتقدّم على الحقوق الدنيوية.

نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ينصّ على عدة مواد ديمقراطية، وقد حاول السيدمحمد خاتمي تطوير تلك المواد داخل نظام «ولاية الفقيه»، وسعى إلى تفعيل مفهوم «المجتمع المدني» القائم على «التعاقدية» بين أطراف المجتمع... لكنّ خاتمي تسلّم رئاسة الجمهورية ثماني سنوات حتى العام 2005، ولم يستطع التأثير في التوجّه الرسمي. وللحديث تتمة...

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً