حينما يكون للوحدة معنى عميقا في صميم حياتنا، فلن يكون لحرقتها المؤلمة معنى غائر إلا في صميم حياتي الهشة التي عشتها قرابة نحو 15 عاما وانا امرأة ارملة وام لبنت واحدة وولد واحد... توفي زوجي في العام 93 بسكتة قلبية مفاجئة، وبعد وفاته بدأت اتجرع مشوار الشقاء وأخوض في طريقه، بدءا بعسر المعيشة وفقدان المواساة التي احتاج إليها في الشدة والبأساء والضراء... عشت مع ابنائي وكان عمر ولدي ابان وفاة والده سنتين، مع طفلة كان عمرها آنذاك نحو 7 أشهر.
هذه الذرية عاشت تحت ظلال وحضن ام ارملة... وكانت عيشة ميسورة ولله الحمد، اعتمدت في سد رمقها على راتب كنت اتقاضاه من عملي الذي امتهنته حرفة لي، يدر علي رزقا حلالا. عملت بشتى الاماكن على مراحل متفاوتة، مرة كنت اعمل في احدى السفريات بمهنة سكرتيرة، ومرة أخرى شغلت وظيفة في احدى الشركات، مرورا بسلم الوظائف الشريفة المعروضة في السوق آنذاك، من موظفة بمصنع للملابس، وأخيرا استقر بي الحال في العمل بمهنة منظفة في وزارة الصحة وتحديدا بمجمع السلمانية، وترقى وضعي الى مساعدة ممرضة بعدما اكملت تعلمي في دراسة دبلوم حاسوب.
كل هذا المراحل من الشقاء تحملت تبعاتها لوحدى انا مع اطفالي الذي يبلغون من العمر حاليا، نحو 15 و 17 عاما، اعيش معهما تحت ظلال شقة اسكانية حصلنا عليها في العام 95 - 96 في منطقة المحرق، وعشت جل عمري مع ابنائي بعيدة عن عائلتي التي كنت اتردد عليها بين الحين والآخر من دون ان تكلف عائلتي نفسها العناء للسؤال عن احوالي وحاجتي.
مرت الايام والسنون وكبر ابنائي وظلت فكرة الزواج تطرح علي من جانب زميلاتي بالعمل والاصدقاء، كوني ارملة واعمل في وظيفة حكومية، فانا محط أنظار وقبول لدى الرجال فلا ضير من ذلك... بداية الأمر لم اتشجع ولم اتقبل فكرة الموضوع، لكنها ظلت ترادوني فيما عسى سيؤول به حالي بعدما يستقر الحال بأبنائي وينصرف كل واحد الى حياته الخاصة، ولكني كنت على يقين من حسن تنشئة ابنائي الذين صقلت فيهم حب الناس والاخلاق الطيبة، وكانت هذه التربية التي اودعتها امانة في اعناقهم كفيلة بان تزيل الغبن المجهول عما سيكون عليه مستقبلي، بعد ارتباطهم والانصراف إلى حياتهم الخاصة، الا ان صلب الفكرة (الزواج) لم تبتعد كليا عن خاطري، فطرحت الموضوع على «خاطبة» تكون وسيطة للبحث عن زوج المستقبل الذي يحتضن ابنائي ويقبل بهم من دون اي كلل، ويعاملهم معاملة الأب الحنون.
بحثت الخاطبة عن رجل يتوافق مع وضعي سواء من الناحية الاجتماعية كوني أرملة مثلا أو من الناحية المادية... وهكذا جاء الرجل الموعود ورسم لي احلاما وردية سرعان ما انكشفت بانها كذب وافتراء حينما بدأ يستغل طيب اخلاقي ونيتي السمحة فقام بخداعي وسرق مني اموالي وظل يبتزني بوسائل لا اخلاقية، ومن ثم وبسبب سوء تصرفه اللااخلاقي اخذت الديون تتراكم علي من كل حدب وصوب ووقعت وطأتها على كاهلي لوحدي... هذا من جانب، ومن جانب آخر ما قامت به «كفالة الايتام» من قطع مكرمة اليتامى عن أبنائي، الأمر الذ زاد من ثقل المأساة التي نزلت عليّ فجأة كالصاعقة.
اصبح مدخول عملي الذي لا يتجاوز 300 دينار عاجزا عن تيسير أمورنا المعيشية، إذ المصرف يستقطع نحو 200 دينار من راتبي، فلا تبقى سوى 100 دينار توزع أصرفها على المأكل والمشرب والملبس وإيجار الشقة والكهرباء... هل تكفي 100 دينار هذه الايام في ظل ارتفاع كلفة المستلزمات المنزلية وغلاء اسعار السلع الغذائية؟!... سؤال أوجهه الى المعنيين في «كفالة الايتام» والشئون الاجتماعية، هل تسركم حال ارملة لا تحصل إلا على مبلغ زهيد تصرفه على ما تيسر لها من متطلبات وشئون حياة ابنائها الذين هم بأمس الحاجة الى العون بعد الله وبعد وفاة والدهم؟... نداء أسجله عبر هذه الأسطر لعل صداه يصل الى اسماع وقلوب اهل الخير لمساعدتي في تيسير اموري المادية والمعيشية، فهل يلقى يا ترى اذانا صاغية لدى المسئولين في هذا الشهر الفضيل، شهر الرحمة والغفران، آمل ذلك.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
العدد 1840 - الأربعاء 19 سبتمبر 2007م الموافق 07 رمضان 1428هـ