العدد 2271 - الأحد 23 نوفمبر 2008م الموافق 24 ذي القعدة 1429هـ

نصائح بشأن إيران تنهال على أوباما... والخيارات صعبة

يصبو الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما إلى إعادة صوغ تعاملات الولايات المتحدة مع إيران صاحبة الطموحات النووية، لكن هل يعرض إجراء محادثات غير مشروطة أم يظهر مزيدا من الصرامة أولا ؟

ظهر هذان الخياران واسعا النطاق من خلال مجموعة من النصائح التي وجهها ساسة وأكاديميون لأوباما بشأن التوصل إلى سبل للتعامل مع إيران أفضل من تلك التي اتبعها الرئيس جورج بوش.

لكن محو ثلاثة عقود من الزمن من المواجهة والعداء المتبادل لن يكون بالمهمّة اليسيرة حتى إذا كانت احتمالات شن الولايات المتحدة أو «إسرائيل» غارة على المواقع النووية الإيرانية قد تراجعت.

تقول مديرة المجلس الوطني الإيراني الأميركي الذي ينادي بالتفاهم المتبادل تريتا فارسي إنّه «في وجود أوباما يختفي أحد العوامل الرئيسية وهو أنّ إدارة بوش قد تفعل شيئا جنونيا تماما». وأضافت «بقية الوضع الهيكلي مطابق لما كان عليه من قبل... ومن دون مفاوضات ستتجه الدولتان نحو الصراع».

وحتى الآنَ تجاهلت الجمهورية الإسلامية التي ترسّخت مكانتها الإقليمية بعد أنْ أزاحت جانبا حرب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق العقوبات الأميركية وعقوبات الأمم المتحدة لوقف برنامجها النووي الذي تقول إنّه يهدف إلى توليد الطاقة وليس إنتاج قنبلة.

وفي عامها الأخير نحّت إدارة بوش جانبا أية فكرة عن قصف إيران وأبلغت «إسرائيل» بالتراجع عن هذه الفكرة أيضا. وتأمل «إسرائيل» الآن في أن يجبر انخفاض أسعار النفط طهران على التنازل.

وقال مسئول بارز في الحكومة الإسرائيلية طلب عدم نشر اسمه «مشكلات إيران الاقتصادية تجعلها أكثر عرضة للتأثر بالعقوبات... من وجهة نظرنا هناك الآنَ فرصة لتصعيد العقوبات على مدار تسعة أشهر والحصول على نتائج حقيقية».

وتقول بعض الأصوات في الولايات المتحدة مثل واضعي تقرير صدر عن مركز السياسة الثنائية في سبتمبر/ أيلول الماضي إنّه من الضروري «بناء قوّة» من خلال تكثيف الاستعداد العسكري وتجهيز عقوبات أكثر صرامة بالتنسيق مع القوى العالمية لضمان خوض أميركا أية محادثات مع إيران من موقع القوّة.

على النقيض نادت لجنة من 20 خبيرا جمعها معهد السياسة الخارجية الأميركي إلى إجراء مفاوضات غير مشروطة، وليس مجرد استخدام مزيد من القهر الاقتصادي أو العسكري.

وحتى في «إسرائيل» ومنذ فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية اتسع نطاق جدل هيمن عليه تقييم الخيارات العسكرية مقابل فرض عقوبات أكثر قوّة لوقف أنشطة إيران النووية.

وقال رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الميجر جنرال عاموس يالدين يوم الإثنين الماضي إنّ «الحوار مع إيران وفي الوقت نفسه الإصرار على أبعاد واضحة ومحددة لوقف البرنامج الإيراني ليس بالضرورة سلبيا».

فكيف يجب أنْ يتحرك أوباما حين يتولى سدة الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل قبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة الإيرانية وكيف سيكون رد فعل الإيرانيين؟

يتوقع مدير معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت اندروز في اسكتلندا، علي أنصاري أنْ يتبع أوباما نهْجا حذرا إلى جانب درجة من الارتباك في طهران حيث يركّز الجانبان في بادئ الأمر على المشكلات الاقتصادية الداخلية.

وقال «مثلما ذهل الغرب لوصول «الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي كذلك سيذهل الإيرانيون بوصول أوباما». لكن ما هي نصيحته لأوباما؟ «أن يكلف مبعوثا خاصة بالمسئولية عن (السياسة تجاه) إيران ومساعدته على أنْ يحيط نفسه بأفضل الخبراء وأنْ يكون شخصا له مكانة، لا يسعى لمنصب سياسي».

ويرى أنصاري أنّ الإيرانيين لن يصلوا إلى أي شيء مع الأميركيين إذا استمروا على المنهج القائم على الأيديولوجية وقال: «لكن إذا كانوا راغبين في الانفتاح فهناك مساحة كبيرة للمناورة».

لكنه شكّك في ما إذا كان الزعيم الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي مستعدا للانخراط بالفعل مع واشنطن وقال أنصاري إنّ «على خامنئي أن يتخذ القرار، ولا أعتقد أنّه مستعد تماما شخصيا أو نفسيا.»

وقال الأستاذ بجامعة كولومبيا والذي شارك في تقرير اللجنة جاري سيك، إنّ أوباما سيؤكّد استعداده لإجراء محادثات مباشرة وتحسين العلاقات وعدم التدخل. وأضاف قائلا: «سيزيل هذا بعضا من هذا الخوف الإيراني من أننا سنطيح بهم».

ونصح سيك باستخدام الفترة السابقة لانتخابات إيران التي تجرى في يونيو/ حزيران المقبل لمراجعة السياسة الأميركية وإعداد المبادرات دون تدشين أيّ منها حيث قد ينظر إلى هذا على أنه محاولة للتأثير على الانتخابات التي سيسعى فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد للفوز بولاية رئاسية ثانية.

كما اقترح تشجيع العراق وأفغانستان على تشكيل مجموعات إقليمية بمشاركة أميركية وإيرانية لمناقشة قضاياهما مثل: اعتزام الولايات المتحدة خفض وجودها في العراق.

وسيتحدى هذا طهران لتلعب نوعية الدور الإقليمي المسئول الذي تدعيه. وأضاف سيك «سيوفر هذا مناخا لا يقتصر على مجرد أنْ نوجه لهم أصابع الاتهام».

ولعبت إيران هذا الدور بعد حرب أفغانستان العام 2001 ضد حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» حيث ساعدت المسئولين الأميركيين على التوصل إلى تشكيل حكومة جديدة وتوفير مساعدات قيمتها 750 مليون دولار ليصفها بوش العام 2002 بأنّها جزء من «محور الشر».

وتقول فارسي إنّ ما يستخلص من التجربة أنّ من الضروري توضيح الهدف الاستراتيجي النهائي قبل محاولة بناء علاقة جديدة بين الولايات المتحدة وإيران قائمة على مجالات الاهتمام المشترك.

وتساءلت «ليست هناك ثقة كافية فلماذا يعملان معا تكتيكيا إذا كانت الدولتان ستعودان إلى العداوة الاستراتيجية بعد التعاون التكتيكي مباشرة؟

العدد 2271 - الأحد 23 نوفمبر 2008م الموافق 24 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً