العدد 1844 - الأحد 23 سبتمبر 2007م الموافق 11 رمضان 1428هـ

تلفزيون العائلة المجهولة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

الذي ينتجه كُتاب الدراما/ المخرجون/ المسئولون - عبر تمويلهم المادي السنوي - في جهاز التلفزة البحريني هو بمثابة الصناعة الجديدة لمجتمع «مجهول». وأقول «مجهول»، إذ لا علاقة حقيقية أو واقعية بين المجتمع البحريني بماهيته الحالية وبين ما ينتجه/ يموله/ يسمح له بالظهور هذا الجهاز التلفزي أصلا.

ثمة عملية تغطية إعلامية تتم عبر جهاز التلفزة في البحرين. وسواء أكان المسئولون يدركون ذلك أم لا. يبدو مجمل الإنتاج التلفزي البحريني أفضل الأمثلة التطبيقية لما يسميه عالم الإجتماع الفرنسي بيار بورديو بـ «لعبة التغطية»، على أن التغطية الإعلامية بحسب مفهوم بيير ليست عملية «نقل الحدث» بالمفهوم الكلاسيكي في الإعلام، بل هي تغطية الحدث بمعنى حجبه وتصفيته وإبعاده وتهميشه وقمعه وستره والتستر عليه لصالح حدث آخر، يصنعه صاحب الرسالة الإعلامية وفق ما يريد ويرغب.

الذي يتم عرضه اليوم في شاشة العائلة العربية هو تشويه لحقيقة وواقع الطبقات والشرائح الإجتماعية في البحرين. ونتيجة هذه العروض الهزيلة، هو أن بعض الشرائح المكونة لهذا المجتمع (أهالي القرى/ أهالي المحرق/ البحرينيون من أصول عجمية) تتعرض لسرقة تاريخية وحضارية وثقافية، وهو تشويه لا نريد أن نكتب أننا نعتبره متعمدا، لكننا نسأل عن المسئول عن ذلك، ونطالب بإجابته عن هذه التساؤلات.

الذي يحدث اليوم، هو أن إرثا وتاريخا مشرقا لقرى البحرين في محافظتي الشمالية والمحرق يتعرض للإهمال والتشويه والإقصاء. والذي حدث أيضا، هو أن الأسماء البحرينية التي قدمت للدراما البحرينية إنتاجات مميزة هي اليوم خارج البحرين، خصوصا في الشقيقة قطر، إذ يظهر المخرج البحريني أحمد المقلة نجما متألقا في الدراما القطرية التي استطاعت عبر واقعيتها ومراهنتها على النخبة أن تتقدم على الدراما البحرينية بمراحل.

أين تلفزيون البحرين عن نضالات أهالي القرى إبان عهد الوصاية البريطانية؟، أين كاميراتهم عن أيام الإستقلال والتاريخ السياسي المشرق للبحرين حتى إعلان الإعتراف بها؟ أين تلفزيون البحرين عن حكايات أهالي المحرق والبديع، ونواخذتها؟ أسئلة تنتظر هي الأخرى إجابة المسئولين.

إن مجمل الإساءات والإقصاءات والتجاوزات التي تعرضت لها هذه الشرائح لتبعث على الاستياء الذي يصاحبه حس المساءلة أمام هذا الواقع المريض للدراما البحرينية، وأمام تلك السياسات التي تتحكم في هذا الواقع.

الذي نطالب فيه، هو أن تكون هناك حركة تقييم جدية لأوضاع هذا الجهاز وتصحيح هذه الأخطاء التي تتكرر كل عام. وأولى هذه الأخطاء هو التلاعب بلهجات أهالي القرى وتبيئتها في قوالب «كوميدية» لا معنى لها سوى أن ترسل للمشاهد من خارج البحرين صورة لا تليق بالبحرينيين في القرى، الذين هم لبنة هذه البلاد، وأهلها.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1844 - الأحد 23 سبتمبر 2007م الموافق 11 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً