العدد 2271 - الأحد 23 نوفمبر 2008م الموافق 24 ذي القعدة 1429هـ

حقوقيون يحذرون من استمرار سياسة التمييز والاحتقان الطائفي

طالبوا برفع دعاوى قضائية ضد من يمارسها... في ندوة «وعد»: //البحرين

أكد المشاركون في ندوة «التمييز والقمع الطائفي... واقع ممنهج» التي نظمتها جمعية «وعد» مساء أمس الأول (السبت)، أن النصوص القانونية توفر الضمانة لمنع ممارسة التمييز الطائفي في البحرين، إلا أن عدم تطبيق القانون يسمح بممارسات التمييز، محذرين من استمرار التمييز الذي يؤدي إلى الاحتقان الطائفي.

كما طالب المشاركون المتضررون من التمييز برفع دعاوى قضائية ضد من يمارس التمييز بحقهم، مشددين على أهمية التوعية بالصكوك والمواثيق الدولية التي تجرم التمييز.

وفي هذا الصدد، أكد المحامي أحمد علي حق المواطن في استخدام جميع الوسائل المشروعة ليثني الدولة عما تقوم به من تمييز، وأن من حقه أن يتظاهر للتعبير عن مطالباته من دون أن يتسبب بأي ضرر للغير.

كما أشار إلى ما يؤكده الدستور البحريني بأن المواطنين سواسية أمام القانون، مضيفا: «من المفارقات المضحكة المبكية أن الدستور يؤكد على أن الوظائف العامة يجب أن تمنح وفقا لمبادئ تكافؤ الفرص، إلا أن الدولة لا تريد أن تعهد بأمنها لمن لا تثق به، وهو الأمر المبرر بالتشكيك لولاء الآخرين».

ولفت أحمد إلى أن الدستور وقانون العقوبات وضعا أحكام ممارسة الحريات الدينية، مشيرا إلى أن المادة «22» من الدستور تنص على أن حرية الضمير مطلقة، وأنه انطلاقا من هذا النص فإن قانون العقوبات أورد في بابه السابع الكثير من النصوص التي تضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية.

ونوه بأن المادة «310» من قانون العقوبات تتحدث عن المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تزيد عن 100 دينار من طبع أو نشر كتابا مقدسا عند أهل ملة معترف بها إذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه أو حقر من أحكامه أو تعاليمه، ومن أهان علنا رمزا أو شخصا يكون موضع تقدير أو تقديس لدى أهل ملة، من قلد علنا نسكا أو حفلا دينيا بقصد السخرية منه.

كما أشار إلى أن المادة «315» من قانون العقوبات تعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة، غرامة لا تزيد عن مائة دينار من شوش عمدا على الجنازات أو المآتم أو عرقلها بالعنف أو التهديد.

وقال: «هذه النصوص توفر الضمانة لكل من يمارس معتقداته الدينية، ولكن السؤال الأكثر إلحاحا هو: هل طُبقت هذه النصوص؟ الواقع يثبت أن هذه النصوص غير مطبقة».

وتطرق المحامي أحمد إلى موضوع توزيع مجموعة من أشرطة الكاسيت التي تسيء إلى أحد المذاهب الإسلامية، محذرا من أن التغاضي عن هذه الأفعال من شأنه أن يزيد من الاحتقان، مُذكرا بما حدث من احتقان مذهبي في منطقة المحرق قبل أسابيع.

كما تطرق أحمد إلى انتشار كتاب يسيء إلى أحد المذاهب، مؤكدا أنه أشير في الكتاب إلى أنه قد أجيز من قبل وزارة الإعلام، على رغم أنه بمزيد من التطبيق يتبين من خلال نظام ترقيمه أنه يختلف عن نظام ترقيم الكتب المعتمد في البحرين.

وقال: «يعتبر انتشار مثل هذا الكاتب المسيء إلى إحدى الطوائف المذهبية إساءة بإحدى طرق العلانية التي يعاقب عليها القانون».

ومن جانبه، عرَف الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي التمييز على أنه التمييز تجاه أفراد أو مجموعات على أساس عرقي، مشيرا إلى أن ذلك يرتبط بممارسة التمييز، باعتبار أن المميز طرف أقوى ما يؤدي إلى عدم حصول شرائح من المجتمع على حقوقهم.

وأشار الدرازي إلى أن البحرين انضمت في العام 2006 إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وأنه كان على الحكومة أن تقوم بحملة لنشر الوعي بشأن العهدين الدوليين والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، باعتبارهما أساس جميع الاتفاقيات التي صدرت لاحقا.

وأكد الدرازي عدم وجود أي دعوى قضائية ضد شخص بتهمة التمييز، مشددا على ضرورة أن يقوم أي شخص يشعر بأنه مورس ضده التمييز برفع مثل هذه الدعوى القضائية.

ومن جهته تحدث رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل) نبيل رجب خلال الندوة عن أن الخلاف القائم في البحرين، ليس خلافا مذهبيا أو عقائديا على الإطلاق، وإنما خلافا بين أبناء الطائفةَ الشيعيةَ من جهة وهم الجزء الأكبر من المواطنين، وبين الحكومة، بِسببَ سياستها في التمييز والعزل الطائفي، مؤكدا أن الحكومة تحاول جاهدة أن تصور الخلاف وكأنهُ نزاعا طائفيا، بل إنها تدفع به ليكون كذلك.

واستشهد رجب بالخلاف المذهبي في المحرق، مشيرا إلى أن الغالبية من أبناءَ الطائفتين واعين ومدركين ولا يرغبون في الانسياق لمثل هذه الخلافات المذهبية».

وقال رجب: «لقد أثبت لنا التاريخ أنّ المجتمع البحريني يمتلكُ درجة عالية من التسامح الديني والتعايشَ بين جميع مكوناته، على اختلاف انتماءاتهم الدينيةَ والمذهبيةَ والإثنيّةَ، بل إننا كشعب بحريني نفتخر بهذا المزيج من المعتقدات، ونفتخر بهذا التعدّد والتجانس الثقافي، الذي ساهم وأثرى في بناء الحضارة السائدة في البلاد مُنذَ مئات السنين، بل ميّز مواطنينا عن غيرهم في منطقة الخليج العربي».

وأشار رجب إلى أن مركز البحرين لحقوق الإنسان قد أعلن نتائج تقريره الثاني عن التمييز الطائفي، وقبلهُ كان هناك تقريره الأول الذي أطلقه في العام 2003 والذي كان أحد أسبابِ إغلاق المركز.

أما عن أهم النتائج التي احتواها التقرير الأخير للمركز، فأشار رجب إلى أن أبناء الطائفة الشيعيةَ لا يتولون سوى 13 في المئة فقط من الوظائف العليا، وأغلب تلك الوظائف تتمركز في المؤسسات الخدمية أو المؤسسات غير السيادية، وأن في الكثيرَ من الوزارات والمؤسسات الحكومية يُشكل المواطنون الشيعة ما نسبته صفر في المئة من الوظائف العليا، ومن تلك المؤسسات: وزارة الدفاع، الحرس الوطني، وزارة الداخلية، وزارة شئون مجلس الوزراء، المؤسسة العامة للشباب والرياضة، الديوان الملكي، ديوان ولي العهد، الجهاز المركزي للمعلومات، جهاز المساحة والتسجيل العقاري، ومجلس الدفاع الأعلى.

وأكد رجب أن المركز لاحظ أن أبناء الطائفةَ الشيعية يشكلون 5 في المئة فقط من السلك القضائي، و16 في المئة من السلك الدبلوماسي، و7 في المئة في إدارات المواصلات، و18 في المئة في المحكمة الدستورية، و10 في المئة بوزارة المالية، و6 في المئة بوزارة الإعلام.

وأوضح رجب أن الحكومة كانت تنفي وجود التمييز الطائفي تماما في بادئ الأمر، إلا أن التقرير الذي أصدرهُ مركز حقوق الإنسان في العام 2003 قد شكل صدمة للشارع البحريني ومفاجأة للحكومة، لما احتواهُ من أرقام ومعلومات عن التمييز الطائفي.

وقال: «مُنذُ ذلك الحين، دأبت الحكومة إلى تغيير استراتيجيتها الدفاعية في هذا الصدد، بعد أن كانت تنفي وجود التمييز أصلا، أصبحت تُبررهُ محاولِة تثبيت مقولةَ نقص الكوادر والكفاءات بين أبناء الطائفة الشيعية، وتدني مستوياتِهم التعليمية».

وقال رجب: « إننا كحقوقيين لا نقبل هذه التبريرات أو الحجج المنافيةُ للمنطق، إلا إننا بحثنا في ذلك أيضا، ووجدنا أن نسبةَ أبناء الشيعة في لوائح شرف المتخرجين والمتخرجات، من مدارس المرحلة الثانوية للعامين 2006 و2007 تعادل نحو 78 في المئة، وأن أبناءَ الشيعة يشكلون 70 في المئة من طلبة الكليات، وهذا ما ينافي ادعاءات السلطة بعدم أهليتهم أو كفاءتهم لتبوأ المناصب الحكومية»، مؤكدا على أن تلك النتائج تؤكد وجود خلل واضح وفراغ كبير، في نسب وأعداد المتعلمين والمتعلمات من أبناء المواطنين الشيعة وبين توظيفهم في المؤسسات الحكومية.

وأشا رجب إلى أن طرح المركز تقاريره جاء نتيجة إدراكه لخطورة الوضع الحالي في البحرين، واحتماليةَ تحوله إلى نزاعٍ أشد عنفا من أي وقت مضى

العدد 2271 - الأحد 23 نوفمبر 2008م الموافق 24 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً