العدد 2273 - الثلثاء 25 نوفمبر 2008م الموافق 26 ذي القعدة 1429هـ

الجميع مسئولون عن إنهاء العنف ضد المرأة

بان كي مون comments [at] alwasatnews.com

الأمين العام للأمم المتحدة

في جميع أنحاء العالم، وفي بلدان غنية وفقيرة، تتعرض النساء للضرب والاتجار والاغتصاب والقتل. وهذه الانتهاكات لحقوق الإنسان لا تنال من الأفراد فحسب، بل تقوض التنمية والسلام والأمن في مجتمعات برمتها.

والنساء في كل مكان عرضة للخطر، لكن من يعشن منهن في مجتمعات بها نزاعات مسلحة يواجهن خطرا أكبر. وقد تطور العنف الجنسي في نمطه مع تعقد النزاعات. فالنساء لم يعدن عرضة للخطر خلال فترات القتال الفعلي فحسب، بل يمكن بالقدر نفسه أن يتعرضن لاعتداء أثناء فترات الهدوء على أيدي جيوش أو مليشيات أو متمردين أو عصابات إجرامية أو حتى على أيدي أفراد في الشرطة.

ولا نعلم العدد الحقيقي للضحايا، لكننا نعلم أن عدد الجرائم المرتكبة يزيد بكثير عما يُبلغ عنه، وقلة قليلة هي التي يكون مآل مرتكبيها الاعتقال. ومازال الاغتصاب في عدد كبير للغاية من الأماكن ينطوي على وصمة العار التي تضطر النساء إلى تجنب اللجوء إلى المحاكم الموجودة لحمايتهن. وفي بعض البلدان، تعامل النساء بقسوة ووحشية مرتين: الأولى أثناء ارتكاب الجريمة نفسها والثانية في نظام العدالة حيث قد يواجهن تهما ملفقة بـ»الزنى» وإمكانية إنزال العقاب بهن لاحقا.

وحتى عندما تحدد هوية مرتكبي الجرائم، فكثيرا ما يفلتون من العقاب، وبخاصة إذا كانوا يعملون في صفوف الشرطة أو الجيش. وأحيانا، تكون هذه الجرائم فظيعة للغاية. ففي مقاطعة كيفو الشمالية المضطربة التابعة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية التي يبلَّغ فيها شهريّا عن نحو 350 حالة اغتصاب، تتعرض النساء الضحايا لتشويه أعضائهن التناسلية أحيانا أيضا.

والأدهى سِنُّ العديد من الضحايا. ففي بعض مناطق هايتي التي تعاني من أعمال العنف، تعرض نصف الشابات من النساء للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي. وثلث القلة من النساء الشجاعات الضحايا اللائي يلجأن إلى العدالة تقل أعمارهن عن الثالثة عشرة. وخلال شهر سابق اتسم بالعنف الشديد هذه السنة في ليبريا، استهدفت غالبية عمليات الاغتصاب فتيات تقل أعمارهن عن الثانية عشرة، وبعضهن لم يبلغ بعد الخامسة من العمر.

وتأتي هذه الأمثلة من بلدان للأمم المتحدة فيها وجود لحفظ السلام. وبفضل القرار الرائد (1820) الذي اتخذه مجلس الأمن في يونيو/ حزيران، بات يسلم الآن باعتماد العنف الجنسي تكتيكا حربيّا باعتباره مسألة من مسائل السلام والأمن الدوليين.

ووفقا للقرار، يجب الآن على بعثات حفظ السلام، وبخاصة تلك التي أسندت إليها ولاية حماية المدنيين، أن تدرج مسألة حماية النساء والأطفال من جميع أشكال العنف في تقاريرها عن حالات النزاع.

كما طلب القرار (1820) تكثيف الجهود لتنفيذ السياسة المهمة التي تقضي عدم التسامح مطلقا إزاء الاستغلال الجنسي من جانب موظفي الأمم المتحدة، وحث البلدان المساهمة بالقوات وبأفراد الشرطة على ضمان المساءلة التامة في حالات سوء السلوك.

ويندرج اتخاذ القرار (1820) في إطار اتجاه عالمي للتصدي لهذه الآفة. وما عقد منتدى فيينا لمكافحة الاتجار بالبشر في فبراير/ شباط الماضي ومواصلة الجمعية العامة اضطلاعها بدور ريادي إلا دليلان إضافيان على الزخم الدولي.

وعلى الصعيد الوطني، يفي عدد متزايد من البلدان بالتزاماتها بحماية النساء من خلال سن تشريعات شاملة، وتحسين الخدمات المقدمة للضحايا، وتعزيز الشراكات وزيادة الجهود لإشراك الرجال والفتيان في معالجة هذه المشكلة.

وهذا التقدم جدير بالترحيب، لكن مازالت هناك ثغرات. إذ نحتاج إلى القيام بالمزيد لإنفاذ القوانين والتصدي للإفلات من العقاب. ونحتاج إلى التصدي للمواقف وأنماط السلوك التي تتغاضى عن العنف المرتكب ضد المرأة أو تتسامح معه أو تغتفره أو تتجاهله. ونحتاج إلى زيادة تمويل الخدمات التي تقدم لضحايا العنف والناجيات منه.

وإني عاقد العزم على تعزيز هذه الجهود، من خلال قنوات منها حملتي العالمية المعنونة: «فلنتحد لإنهاء العنف ضد المرأة» التي ترمي إلى إذكاء الوعي العام وزيادة الإرادة السياسية والموارد وإيجاد بيئة تساعد على الوفاء بما هو قائم من التزامات على مستوى السياسات. وتقع على عاتقنا جميعا - رجالا ونساء، جنودا وحفظة سلام، مواطنين وقادة - مسئولية المساعدة في إنهاء العنف ضد المرأة. ويجب على الدول أن تفي بالتزاماتها بمنع العنف، وإحالة الجناة إلى العدالة، وتوفير سبل الانتصاف للضحايا. ويجب علينا فرادى أن نجهر بالموضوع في أسرنا، وأماكن عملنا، ومجتمعاتنا، حتى تتوقف أعمال العنف ضد المرأة.

إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"

العدد 2273 - الثلثاء 25 نوفمبر 2008م الموافق 26 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً