العدد 1870 - الجمعة 19 أكتوبر 2007م الموافق 07 شوال 1428هـ

التلاعب بالأوقاف الجعفرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

سؤالٌ دائما يحيِّرني: لماذا لا نسمع عن تلاعبٍ في أراضي وممتلكات الأوقاف السنّية، بينما نسمع ونرى تلاعبا يصل إلى حد المصائب في الأوقاف الجعفرية؟

البعض يحاول أن يشرح الأمر سياسيّا ويلقي اللوم فقط على الحكومة، ولكن الواقع هو أنَّ الحكومة ربما تتسبّب في 15 إلى20 في المئة من المشكلات، ولكن البقية سببها عدد ممن عمل في الأوقاف الجعفرية منذ وفاة السيدعدنان الموسوي في 1928... فقد كان الموسوي إداريّا ناجحا وموثِّقا من الدرجة الأولى، ومازال سجلّه (سجلّ السيدعدنان) من أحسن ما خطت به أيُّ يدٍ توثيقيَّةٍ في البحرين.

لننظر إلى واقع الحال وما يجري من مآسٍ في أراضي وأملاك الأوقاف الجعفرية... أراضٍ شاسعة، زراعية وغير زراعية، مؤجَّرة بسعر التراب، وبعض الأشخاص يحصل على أفضل الأراضي بأبخس الأثمان وأخف الشروط على رغم ان بعض الأراضي ارتفع سعرها بعد أن ثارت ضجَّةٌ هنا أو هناك. ولكنَّ الاستثناءات هي التي تتحكّم في تحديد أسعار الإيجارات، وهي التي يمكن من خلالها أن يدخل الفساد بكلِّ أصنافه... ثمَّ إنَّ مُدد العقود تعتمد على الشخص وكثيرا منها ليس قانونيا، وذلك بحسب ما هو مشهور، ولأنَّ الوضع فوضى، فلا حسيب ولا رقيب. ثمَّ إنَّ المناقصات ومَنْ يمسكها والمراقبة على ما يجري فيها أمرٌ لا يرضي الله ولا رسوله ولا مَنْ أوقفت الأراضي باسمه.

المشكلة أنه حتى بعض الفاسدين ممن يسلبون الأوقاف أصبحوا يردِّدون اتهاماتٍ موجَّهة إلى الحكومة فقط، بأنها تتجاهل الأوقاف الجعفرية... وهذا صحيح؛ لأنّ الحكومة ترفض تسجيل مئاتٍ من الأراضي التي وثَّقها السيدعدنان قبل وفاته. ولكنَّ الصحيح أيضا أنَّ الأراضي الموثَّقة والعقارات والممتلكات المتوافرة حاليا أكثر بكثير، وهذه يتمُّ التصرف بكثير منها من دون رحمةٍ وكأنها غنائم حربٍ يتمُّ نهبها ليل نهار.

الواقع يقول إنَّ الأوقاف الجعفرية لديها من الثروات ما يمكنها أن تُرسل جميع الطلاب الذين لا يحصلون على فرصةٍ للدراسة بسبب التمييزٍ الطائفي مثلا، وتستطيع الثروات أن تبنيَ مئات وربما آلاف المنازل للفقراء، وتستطيع أملاك الأوقاف أن تُعِينَ كلَّ محتاجٍ بأيِّ شكلٍ كان... لكنَّ المشكلة أنَّ سياسة الاستثمار فاشلة ومردودها ضعيف، وطريقة توزيع المردود غير حضارية، وهناك من يرتبط بالأوقاف فقيرا ولكنه يتحوَّل إلى فئة الأغنياء بعد فترةٍ وجيزة، إذ يبدو أنَّ الأوقاف الجعفرية أصبح حلالا نهبها من قِبَلِ «أتباع المذهب الجعفري» أنفسهم.

كفى تعذُّرا بأنَّ الحكومة هي السبب كله... نعم هي السبب في تضييع النسبة الأصغر من الأوقاف الجعفرية، ولكنَّ النسبة الأكبر تضيع باستمرار منذ العام 1928 بسبب أتباع المذهب الجعفري أنفسهم، الذين يرفضون كشف الحسابات وعرضها على الناس أو لمن يسأل ... ثم ان إدارات المآتم والعوائل التي أوقفت الأراضي باسمها غير ممثَّلة في الأوقاف وليس لها رأي فيما يجري، وهو أمر مختلف تماما عندما نقارنه بالأوقاف السنّية التي لا نسمع ولا نرى ما نسمعه ونراه في الأوقاف الجعفرية. آن الأوان بأن يقتنع أتباع المذهب الجعفري أنهم هم الذين يتسبّبون في ضياع الأوقاف الجعفرية، كما أنَّ هناك عددا من الحُفاة والعُراة يصبحون من مُلاك العقارات لأنهم مدوا يدهم على الأوقاف. الحديث يُدمي القلب، وأكثر مايدميه اتهام الغير بشأن تضييع ثروات الأوقاف.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1870 - الجمعة 19 أكتوبر 2007م الموافق 07 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً