العدد 1887 - الإثنين 05 نوفمبر 2007م الموافق 24 شوال 1428هـ

دروس من بلجيكا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حظيت زيارة ولي عهد بلجيكا الأمير فيليب للبحرين (من 3 إلى 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري) باهتمام خاص على المستوى الرسمي، ولاسيما أنّ الوفد الزائر ضمَّ مسئولين رفيعي المستوى ورجال أعمال بحثوا سبل دعم وتعزيز التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات وخصوصا الاقتصادية والتجارية، وتمّ التوقيع على اتفاق بين البلدين بشأن تجنُّب الازدواج الضريبي ومنع التهرُّب المالي من الضرائب المفروضة على الدخل ورأس المال.

وبلجيكا لها أثر في عدد من تجارب المنطقة التي كانت تبحث عن دستور للملكية الدستورية المتضمنة نظاما برلمانيّا وإدارة متماسكة تجمع فئات المجتمع المختلفة. على أنّ بلجيكا لديها تجربة ناجحة أخرى غير الملكية الدستورية، وهي تجربة الاتحاد الأوروبي. فهذه الدولة الصغيرة (بالمستوى الأوروبي) كانت واحدة من ثلاث دول (كانت معها هولندا ولوكسمبورغ) اتفقت في العام 1957 على تأسيس ما كان يُسمّى آنذاك بـ «السوق الأوروبية المشتركة». وسرعان ما انضمّت دول أخرى (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا) إلى هذه السوق، ومن ثمّ توسّعت في مطلع السبعينات لتشمل بريطانيا ودولا أخرى.

السوق الأوروبية المشتركة هي أنجح سوق مشتركة في العالم، وكانت تعتمد في قراراتها على الإجماع، وكانت قراراتها بطيئة، حتى العام 1986، عندما اتفقت الدول الأوروبية على نظام التصويت، وعلى «توحيد السوق»، والانتقال بذلك إلى درجة أعلى من السوق المشتركة، ولذلك تحوَّل الاسم حينها إلى «المجموعة الأوروبية».

توحيد السوق أنتج أفكارا عدّة، وتحوَّلت هذه الأفكار إلى أفعال في العام 1992 مع تأسيس «الاتحاد الأوروبي»، الذي أصبح أكثر من سوق موحَّدة، إذ يشمل حاليا العملة الموحَّدة والنظم الاجتماعية والأمن والهجرة وجوانب معينة من الشئون الخارجية.

وبلجيكا تحتضن أكثر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، والعاصمة البلجيكية هي من الناحية الفعلية عاصمة للاتحاد الأوروبي، كما أنها مقرّ لقيادة حلف الناتو، وبذلك فإنّ تجربة بلجيكا مفيدة لنا في البحرين وفي دول مجلس التعاون، إذ إنها توضِّح كيف يمكن لبلد صغير (مقارنة بجيرانه) أنْ يلعب دورا أكبر بكثير من حجمه... ونحن في البحرين بإمكاننا أنْ نلعب دورا في وسط الخليج، تماما كما تلعب بلجيكا دورها في وسط أوروبا.

بلجيكا يتكوّن شعبها من فئتين رئيسيتين (الفلاندرز والوالون) تتحدثان لغتين مختلفتين، ولكنّ المؤسسات الدستورية تحميهما، على رغم الصعاب التي تمرُّ بها العملية السياسية هناك بين الفترة والأخرى. النقطة المهمة في كلِّ ذلك هي أنّ تطوُّر البلاد اعتمد على إجماع مختلف فئات المجتمع على ترتيبات فيما بينهم تحفظ النظام الملكي في إطار دستوري، وكذلك اعتمد التطوُّر على تأسيس أطر وحدوية مع دول الجوار، بدأت سوق مشتركة بين ثلاث دول وانتهت باتحاد يجمع 27 دولة، 500 مليون نسمة، يمثلون 31 في المئة من الاقتصاد العالمي (ناتج قومي مشترك يبلغ نحو 17 تريليون دولار في السنة).

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1887 - الإثنين 05 نوفمبر 2007م الموافق 24 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً