العدد 1889 - الأربعاء 07 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428هـ

معرض العمري... ألوان تعبق بعطور الطبيعة

كحصيلة مسافر يبحث في كل مكان عن الجمال الذي تحتويه الطبيعة الخلابة التي تلهمه بشكل كبير، افتُتح معرض لوحات الفنان الأردني محمد العمري في صالة البارح للفنون التشكلية، برعاية الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والتراث الوطني الشيخة مي بنت إبراهيم آل خليفة الأسبوع الماضي، الذي شكلت مجموعته نسمات تحمل في طياتها عبير أزهار البابونج وأوراق الشاي وزهر الجوري، التي كانت تداعب حواس المشاهدين بألوانها الخلابة وعطرها الروحي الذي يتآلف مع الطبيعة الإنسانية التواقة إلى التوازن الذي تغدق به الطبيعة الغناء.

فمن وسط الطبيعة، بين السماء والأرض، مشتتا بالمسافات ما بين الألوان والوصلات مكتشفا الجمال من خلال الطبيعة الخلابة المحيطة به، مضى منفردا نحو منطقته، حيث الفن والألوان، متمكنا من تصوير الأشياء عبر منظور المصور والعشق المحسوس في المناخ الذي يعيشه.

العمري، الذي كان غائبا يوم افتتاح معرضه، ذكر في حديث هاتفي مع «الوسط» أن مشروعه الذي يقدمه في معرضه هو نتاج عمل استمر ما بين الأربع والخمس سنوات، حمل عنوان الملاحة البصرية، والذي تم من خلال الرجوع للطبيعة والتفتيش عما هو غير مرئي، وإخراجه في ألوان، إذ يقول: «عملي هو المضي منفردا نحو منطقتي، حيث الفن والألوان، لأتمكن من تصور الأشياء من خلال المنظور المصور والعشق المحسوس في المناخ الذي أعيشه، متيما في لحظة الصفوة مع الألوان المتطايرة».

وكبوصلة وحدود، كانت عناصر البيئة الأربعة - الماء والهواء والرمل والنار- أدوات الفنان، الذي تأثر بالفيزياء، ودرسها خلال تنقلاته وبحثه عن اللون الطبيعي، إذ يعبر قائلا: «الطبيعة أهم فنان ينزح للتجريد بعيدا عن الفوتوغرافية التصويرية، وهناك منطقة في الطبيعة يجب أن نعود لها، بعيدا عن الموجات الحديثة في الفن التشكيلي والتي تنتقل كما الموضة، إذ لدينا في الطبيعة مواد بصرية تمكننا من إخراج أعمال جادة يفهمها ويستشعرها المشاهدون».

«أنا ملاح مصور أبحث في كل مكان عن كل لون تلتقطه عيني أو يستلطفه قلبي شغفا، بفرح خلاب بين الأفكار والعاطفة والنشوة، أبحث دوما عن كنوز الألوان هنا وهناك، وعن ولادة نهر الأردن حيث الخضرة والنقاء وخرير المياه» كذا يقول، مضيفا « أعمالي تبدأ بفوضى وتنتهي بتنظيم، تبدأ بنقطة ثم تكبر، أهجرها فترة، وأعود إليها، وهي رحلة من المتعة والعشق أعيشها حتى تلبس اللوحة ثوبها الأخير».

خياره كان التوازن المقلوب، إذ إن التوازن المعتاد للوحة بالفضاء الخالي في المنطقة العلوية كان مقلوبا لدى العمري، إذ إن «السماء المقلوبة تجعل الخفة في أسفل اللوحة، ولكنني عالجت مسألة التوازن من خلال تقنية وضع الثقل للأعلى، مستغلا بعض النقاط لأقود العين إلى مراكز تركيز محددة».

«هذه تجربتي الثانية لإصلاح الميول المختلفة داخل الطبيعة وخصوصا ما بين السماء والأرض، إذ يأتي النهر مبينا تفاصيل جديدة لألوان الأرض ومزيج العناصر الأربعة - الماء والهواء والرمل والنار - من خلال العوامل الطبيعية، معطيا صورة جديدة توضح ثقافة فنية كانت خفية ومعقدة بالأمس».

أما ألوانه التي كانت روحا نابضة بالحياة، فكانت ألوانا طبيعية، وجدها الفنان إذ لم يجد مثلها في مكان آخر، إذ يقول: «كنت أقوم بمغامرات، فلدي ارتباط كبير بالأعشاب بحكم عيشي في منطقة زراعية في وادي الأردن، وهو ما دفعني للبحث عن الألوان في قلب المواد الطبيعية، وذلك عبر نقعها بالماء وإضافة بعض المواد، فكنت أستخرج ألواني من الشاي، قشر الرمان، قشر الجوز، الورد الجوري وأزهار البابونج، إذ تعطي الأخيرة لونا اصفر كريستالي، حتى أنني تماديت وطحنت الأحجار، وأضفت عليها مواد، خرجت لي منها ألوان خاصة».

محمد العمري اختتم حوارنا الهاتفي بالقول: «العمل الفني بحث جاد حقيقي، فيه عشق ومحبة، وفي أعمالي أعمال تطمس تحتها أعمال أخرى، وأنا من خلال هذا المعرض أسعى لقياس تفاعل المشاهد البحريني المثقف والواعي، إذ كانت لي زيارات عديدة للبحرين ثبت لي خلالها القيمة الثقافية والرؤية الفنية للجمهور البحريني».

العدد 1889 - الأربعاء 07 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً