العدد 1890 - الخميس 08 نوفمبر 2007م الموافق 27 شوال 1428هـ

الاستيعاب أو العزلة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يشعر مسلمو العالم عموما - بغض النظر عن التنوع في ثقافاتهم الوطنية، والفروقات الدقيقة في إيمانهم وهويتهم الشخصية - بأنهم جزء من المجتمع العالمي نفسه في الإيمان. إلا أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يكافحون أحيانا مع إيمانهم وهويتهم بأسلوب لا يفعله هؤلاء الذين يعيشون في الشرق الأوسط أو يشعرون به.

فأوروبا تمارس عموما التسامح الديني والاشتمال، ولكن هذا التقبل العام يتعرض أحيانا لتهديد من مجموعات يمينية متطرفة. نتيجة لذلك وبينما يتمتع الكثير من المسلمين في الدول ذات الغالبية المسلمة بشعور من الأمن الديني النسبي فإن نظراءهم في أوروبا يبدون أحيانا كأنهم في موقف دفاعي.

يمكن إظهار ذلك بصورة أفضل على شكل مثال من فرنسا. يُعتبر الإسلام - بحسب تقرير لـ «بي. بي. سي» - أكبر تحدٍّ للنموذج العلماني للدولة، وخصوصا هذه السنة التي تحتفل فرنسا فيها بالذكرى المئوية لفصل الكنيسة عن الدولة. وينبع هذا الخوف من العدد المتزايد لإحياء الجاليات والمجموعات العرقية في ضواحي مدن باريس، وليل وليون ومرسيليا وغيرها، حيث يوجد في بعضها مجموعات كبيرة من الجيل الثالث من المهاجرين من الجزائر والمغرب وتونس. حتى فترة وجيزة تبلغ سنوات قليلة، كان يشار إليهم بالفرنسيين العرب أو أصبح يطلق عليهم «المسلمين» بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. ويعتبر الإسلام بشكل واسع أسرع الديانات نموا في أوروبا بحيث تؤدي الهجرة ومعدلات ولادة أعلى من المعدل العام إلى زيادة سريعة في أعداد المسلمين من السكان. ويعتقد أن الهجرة الدولية التي بدأت في ستينات القرن الماضي، وسقوط الشيوعية تشكلان بعض أسباب صعود الإسلام في أوروبا. وقد نتج من ذلك أن وجد الكثير من الناس أنفسهم في بيئات تفصلهم فيها طريقة لباسهم وطعامهم وشرابهم ولغتهم وأساليب تفكيرهم ومعتقداتهم عن السكان المحليين.

وفي أوروبا أدى تنوع الثقافات والأديان المتنامي أحيانا إلى توترات ونزاعات. وتظهر هذه النزاعات أحيانا في المدارس، في الكثير من الحالات عن قضايا تتعلق باللباس والرموز الدينية. هل يجب إجبار المهاجرين على الالتزام بالعادات والتقاليد والثقافات السائدة في الدولة المضيفة أم أن من حق المهاجرين وعائلاتهم الاحتفاظ بتقاليدهم وقيمهم من دولهم الأم؟

يبحث المسلمون المقيمون في الغرب والعالم الإسلامي عن أرضية مشتركة، تدمج نواحي العولمة مع التقاليد المسلمة. وجدت النساء اللواتي يلبسن الحجاب إعرابا عن تديّنهن أحيانا منطقة رمادية بين الحداثة والتقليدية، على حين يناضلن من أجل المزيد من الحقوق للمشاركة في السياسة والمزيد من المساواة، ولكنهن يخترن الإسلام أيضا بوصلة أخلاقية. ما يعني ذلك هو أن الآمال الغربية في استيعاب كامل وانخراط في المجتمع للمسلمين في الغرب هو أمر بعيد الاحتمال من حيث التحقيق. إلا أنه يترك مجالا لبديل ثالث بين تبني ثقافات وطنهم الجديد وقيمه بشكل كامل ورفضها بشكل صارخ بديلا عن تقاليد أوطانهم وأديانهم الأم وقيمها.

* طالب يتخصص في العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1890 - الخميس 08 نوفمبر 2007م الموافق 27 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً