العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ

الخدم الظروف تفرضهم ... وتنظيم الوقت يحد من مخاطرهم

كيف تفضل خادمتك، إنها الصرعة الجديدة في أحاديث النساء بل أحاديث العوائل. فما أن استنفذ الكلام حول جدوى اللجوء إلى الخدم، حتى تشكلت قاعدة معلوماتية واسعة عن طرق اختيار الخدم وتفضيل جنسيات على أخرى، وأكثر من ذلك التطرق إلى التفاصيل الداخلية لحياة أولئك الخدم. هكذا تبدو قضية الخدم في المجتمعات المحلية بين مؤيد لها ومتحفظ حولها.

لعل الظروف المادية هي أحد أهم العوامل التي تفرض على الأسر اليوم تقسيم جهودها على عدة أمور، كالعمل أو الدراسة، بالإضافة لمتطلبات المنزل والأطفال، فربات البيوت متعددات المهمات اليوم، والجبهات التي عليها تلبية حاجياتها لا تقتصرعلى البيت والأولاد والزوج، فمهامها في العمل، والمحافظة على العلاقات الاجتماعية، وغيرها من الأمور التي لا ينتظر أحدها الأخر، كلها تحتاج لتلبية ندائها في وقتها.

هذه المهمات فرضت على عدد كبير من الأسر، وتحديدا فرضت على الزوجات أن يقبلنا ويسعيين لوجود مساعدة من قبل خادم أو ما يقوم بدورهم، فإن لم يلجآن لهذا الحل ستتراكم المهمات على كاهل شخص واحد ما لم تتكاتف الأيدي في إنقاذ ربات البيوت من معضلتهن.

وفي مقابل هذه الأسر التي تطرها الظروف للاستعانة بالخدم، هناك عدد كبير من ربات البيوت المتفرغات، أو بدقة غير عاملات أو منشغلات بأمور متعددة، وعلى رغم هذا فهن يلجأن لمساعدة الخدم، في تدبير غالبية أمور المنزل ما لم تكن جميعها، سواء أكانت المساعدة في تنظيف المنزل وترتيبه، أو إعداد الطعام، وصولا إلى الإشراف على تربية الأطفال، حتى أنه في بعض الأسر، يكون إيصال الأطفال للمدارس من مهمات الخدم السائق والخادمة، وبالتأكيد الاستعانة بأستاذ أو مدرسة خصوصا لمراجعة الدروس مع الأطفال بعد المدرسة حتى لطلاب المراحل الابتدائية، ليس بالأمر النادر الآن.

فهل أفقد الخدم بتنوع تخصصاتهم الأهلي لأدوارهم، وبدأوا بتنشئة جيل سيفتقد للكثير من الأمور والصفات والأخلاقيات، التي كان من الممكن اكتسابها لو كان مرجعه في أمور حياته الأساسية هما والداه.

قضية الخدم لا تقتصر على الإشكاليات التي قد تأتي عبرهم، خصوصا فيما يخص نشأة الأطفال، فوجود الخدم في المنازل اليوم لم يعد يقتصر على من ضاق وقته بالأعمال فلجأ للمساعدة، إنما تحول في كثير من البيوت لمظاهر و(برستيج) فلا تكتمل أناقة ديكور المنزل ما لم توجد خادمة أو أكثر بالإضافة لسائق، ليوفرون ما قد يفوق حاجة الأسرة من الرفاهية المبالغ فيها في كثير من الأحيان.

في حين أن الكثيرين يبررون استقدام الخدم وتشغيلهم في منازلنا، فإن البعض يدعو لإيجاد حلول بديلة توفر على الأسر المشكلات والآفات التي تأتي من غريب قد لا يفهم نمط حياتنا، فيعرض الكثير من خصوصياتنا وأساليب حياتنا الخاصة للخطر، من أهم الحلول والأساليب التي قد تمكن الأسرة من تجنب هذا الأمر، هو محاولة تنظيم الوقت والتعاون المقسم بين أفراد الأسرة لتقليل الحاجة للمساعدة للحد الأدنى، خصوصا عندما يوجد في المنزل أطفال صغار يتلقون من حولهم التصرفات ويحاولون محاكاتها، ووجود غرباء من هذا النوع قد يترك أثرا كبيرا فيهم.

فمن الممكن اعتماد تنظيم الوقت بحيث ترتب بعض الأعمال في عطلة نهاية الأسبوع كتحضير جزء من لوازم الطعام، ما يوفر لربة البيت التي تعمل بعض الوقت في وسط الأسبوع، كما أن تقسيم العمل ما بين الزوجين يساعد بشكل كبير، فيمكن للزوج تولي أمور إيصال الأطفال للمدارس، ومساعدتهم في بعض واجباتهم، فيتقاسم الوالدان مهمات التدريس كلا بحسب قدراته، وبالتأكيد في مثل هذه الحالة لابد من تقديم بعض التنازلات من قبل الوالدين لصالح أسرتهما وإدارة أمور المنزل، و يطرح البعض فكرة أن تتفرغ الأم في السنتين أو الثلاث الأولى من عمر طفلها له، كونها من المراحل التي لا غنى للطفل عن أمه فيها، وإذا كان لابد من عملها فيمكنها اختيار عمل يتلاءم ومهمتها كأم لطفل يعتمد عليها بالكامل.

ويطرح البعض فكرة أن لا يكون دوام الخدم في المنزل على مدار اليوم، أو طوال الأسبوع، ما يخفف من احتكاك الأطفال بهم وبأساليبهم على مدار الساعة، ولعل هذه الطريقة قليلة نسبيا في منطقتنا لأن غالبية العمالة ما لم تكن بالكامل هي عمالة وافدة من دول بعيدة كدول شرق آسيا، ما يفرض على الأسرة إبقائهم في مكان خاص لها في المنزل.

ويبقى الهدف الأول من مقترحات كل الأطراف هو تقليل تدخل المربيات والخدم في تكوين شخصية الطفل، فإذا كان لا بد منهم فالكثيرون يجمعون على أنه لابد أن تدار أمور الأطفال لمن قبل والديهم حصرا، كي نضمن على الأقل أن الجيل القادم سيتحدث العربية من دون أن تشوبها كلمات من لغات آسيوية لا نعرف لها معنى.

العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً