العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ

الرئيس التونسي: تحقيق التطوّر الإنساني هو الضمانة الأهم ضد الإرهاب

افتتح أعمال «المؤتمر الدولي حول الإرهاب» الذي تختتم جلساته اليوم

انطلقت أعمال «المؤتمر الدولي حول الإرهاب.. الأبعاد والمخاطر وآليات المعالجة»الذي افتتحه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بقصر قرطاج وتختتم أعماله اليوم السبت بتونس العاصمة.

وشارك في افتتاح المؤتمر الدولي الذي تحتضنه تونس على امتداد ثلاثة أيام السكرتير العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، والمدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) عبدالعزيز التويجري.

وأكّد الرئيس التونسي في افتتاح المؤتمر أنّ أنجع علاج لمكافحة الإرهاب هو العلاج الوقائي الذي يبدأ بالقضاء على الأسباب الدافعة إلى ظهوره والظروف المهيئة لانتشاره اعتمادا على تطوير حياة الإنسان اليومية نحو الأفضل.

الجلسة الافتتاحية التي شهدت أربع كلمات رئيسية لرعاة المؤتمر تناولت إشكالية تعريف الإرهاب، ودعاوى ارتباط الإسلام به. وكان من الواضح ظهور تركيز خطابي بشأن ضرورة صياغة تعريف محدد للإرهاب تعترف به الشرعية الدولية.

بن علي: المؤتمر حصيلة دعوات تونسية متلاحقة

الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أكد أنّ وعي الدول اليوم بخطورة الإرهاب وانخراطها في الاتفاقيات الدولية والإقليمية من شأنه أنْ يهيىء الظروف الملائمة لإرساء تعاون دولي شامل وناجع في مكافحته وإقامة شراكة متضامنة ومتكافئة؛ لتقليص الفوارق التنموية بين الدول والشعوب.

وقال: «إنّ عالم اليوم ليس على ما يرام وإن العلاقات الدولية في وضع يبعث على الانشغال وعدم الاطمئنان نتيجة تفاقم الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية بين الدول واتساع رقعة التوترات والنزاعات وعدم إيجاد حلول مشتركة ومنصفة للقضايا الدولية العالقة علاوة على ازدواجية المعايير في التعامل مع هذه القضايا».

وأضاف بن علي «إنّ ما يقع شرقا وغربا من حوادث تصدم الضمير الإنساني بعنفها وبشاعتها تبين خطورة ما وصل إليه تنامي الكراهية والعداوة بين البشر معتبرا مشاعر الخوف والحذر التي أعقبت أحداث الـ11 من سبتمبر/أيلول 2001 قد دفعت بالعلاقات القائمة بين المجتمعات العربية والإسلامية والمجتمعات الأوروبية والأميركية الى وضع يسوده الشك وسوء الفهم».

واعتبر بن علي أنّ مواجهة هذه الظاهرة تتوقف على أساليب المكافحة داعيا إلى عدم مقابلة العنف بالعنف وعدم الاعتماد على الحلول الأمنية التي تبقى ضرورية لكنها غير كافية، فضلا عن عدم التهاون بسد الذرائع التي تتخذ منها الجماعات الإرهابية سببا لمواصلة الترويج لخطابها التحريضي وتعبئة النفوس على ردود الفعل المتطرفة.

كما شدد على «أهمية النهوض بمنزلة المرأة وتطوير أوضاعها في الأسرة والمجتمع في رقي الأمم مذكّرا في هذا الصدد بالمسار الإصلاحي العريق الذي شهدته تونس في هذا المجال والذي تعزز في عهد التغيير بمزيد الارتقاء بمكانة المرأة على مختلف الأصعدة».

وأكّد بن علي تعاظم دورالمثقفين والإعلاميين ودورالأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وقرن ذلك بالتطوّر الاتصالي والمعلوماتي خاصة، وأكّد أنّ هذا الدور يتطلب أنْ يكون الاتصاليون والإعلاميون قدوة في التواصي بقيم الحرية والعدل والتسامح داخل مجتمعاتهم وفي إشاعة المبادئ الإنسانية المشتركة والتصدّي لمظاهر الغلو والتعصب والعنصرية.

واعتبر الرئيس التونسي انعقاد المؤتمر في تونس تجسيدا للحرص التونسي على دعم كلّ المبادرات الإقليمية والدولية التي تعمل على إحلال الأمان والسلام في العالم داعيا الى اعتماد مقاربة شاملة في العلاقات الدولية تقوم على التلازم بين السلم والأمن والتنمية.

مكافحة الإرهاب وتقاسم الخبرات

من جهته، أكّد السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون في كلمته الافتتاحية أنّ مكافحة الإرهاب تفرض على الجميع تقاسم الخبرات وأفضل الممارسات على الصعيد العالمي مؤكّدا في السياق نفسه استعداد المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) لتقديم المساعدات على عدّة جبهات بما في ذلك تحديد المعايير وتقاسم الدروس المستفادة بين جميع الدول.

وشدد بان كي مون على ضرورة تنفيذ الاستراتيجية الدولية لمكافحة الارهاب في جميع أبعادها؛ لأن الجميع شركاء في هذا الشأن مشيرا إلى دور المنظمات الإقليمية مثل: منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وخبرتها بالأبعاد الثقافية.

واّد بان كي مون أن جمع القيادات في عملية متواصلة لتبادل أفضل الممارسات ونبذ الخلافات وإذكاء الوعي يمكن من تحسين التفاهم والاحترام والحوار بين المجتمعات والثقافات والأديان والأمم والعمل بفاعلية وشمولية أكبر من أجل تنفيذ الاستراتيجية الدولية.

واعتبر بان كي مون الظروف الحالية التي تعصف بالمنطقة تساعد على انتشار الإرهاب وأنها لا تزال قائمة على عدد من الجبهات. وحدد الأمين العام للأمم المتحدة تلك الظروف في النزاعات التي «لا تزال دون حل وتجريد الضحايا من إنسانيتهم وانعدام سيادة القانون وانتهاك حقوق الإنسان والتمييز على الأسس الاثنية والقومية والدينية والإقصاء السياسي والتهميش الاجتماعي والاقتصادي وانعدام الحكم الرشيد».

واعتبر بان كي مون توقيع أعضاء الأمم المتحدة الـ192 على الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب حدثا تاريخيا، عندما اعتمدوا منذ أكثر من سنة الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب كدليل واضح الرؤية وعملي للانشطة الدولية لمكافحة الإرهاب داعيا الى تنفيذ الاستراتيجية في جميع أبعادها حتى يتسنّى إحراز تقدم ملموس يعرض على الاجتماع القادم للجمعية العامّة.

وذكر الأمين العام للأمم المتحدة بأن اعتماد الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب يعد معلما بارزا؛ لأنها كانت أوّل مرة تتفق فيها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على صياغة شاملة جماعية تحظى بالموافقة على الصعيد الحكومي الدولي لمكافحة الإرهاب.

وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنّ الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الفقر والتهميش والسعى إلى تسوية الصراعات ودعم الحكم الرشيد وسيادة القانون تساعد على مكافحة الإرهاب بالتصدّي إلى الظروف ذاتها التي يمكن أنْ تؤدي إلى انتشار الإرهاب.

وفي السياق ذاته، نوه المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عبد العزيز التويجري في كلمته بالدور الذي لعبته تونس والرئيس زين العابدين بن علي في التنبيه لخطورة ظاهرة الإرهاب والدعوة إلى تضافر الجهود وتعزيز التعاون الدولي لمكافحتها وإلى وجوب اتخاذ موقف دولي لمواجهتها من خلال إجراءات تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية والسياسية والقانونية.

أمّا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي السيد أكمل الدين إحسان أوغلي فقد توجّه بالشكر للرئيس زين العابدين بن علي لاهتمامه الكبير باحتضان تونس هذا المؤتمر وما وفره من ظروف طيبة ورعاية فائقة لنجاح أعماله.

وأكّد من جهة أخرى المواقف المبدئية لمنظمة المؤتمر الإسلامي تجاه ظاهرة الإرهاب انطلاقا من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي تقوم أصوله على السلام والتسامح والذي يعتبر الإرهاب من أكبر الجرائم والفواحش مضيفا أنّ منظمة المؤتمر الإسلامي تطمح إلى تأسيس شراكة دولية لمواجهة تحديات العصر وعلى رأسها خطر الإرهاب.

يذكر أنه يشارك في جلسات المؤتمرالمغلقة نحو 120 شخصية سياسية وثقافية وعلمية دولية إلى جانب ممثلين عن 40 منظمة دولية وإقليمية تحتضنهم قاعة المؤتمرات بفندق «البلاس».

العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً