تقدّم مواطن بحريني إلى المحكمة الشرعية السنية طالبا منها الحكم له بنفي نسب ابنه له، بدعوى عدم ثبوت بنوته، داعيا المحكمة إلى التأكّد من ذلك بإجراء الفحص الطبي على الجينات الوراثية، في حين طالبت والدة الابن موضوع الدعوى عن طريق موكلتها برفض الدعوى اعتمادا على سقوط الحق في إقامة الدعوى بسبب التقادم ولعدم الاختصاص، وذلك لكون المحكمة المدنية أصدرت حكما ألزمت فيه وزارة الصحة باستصدار شهادة ميلاد للولد. وعليه قررت المحكمة رفض الطلبات الواردة في لائحة الاستئناف والتي تقدّم بها المدعي والد الابن، وتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض هذا الاستئناف.
وبررت المحكمة حكمها في أنّ محكمة أوّل درجة لاحظت أنّ الولد موضوع الدعوى قد ولد في غضون شهر مارس/ آذار للعام 1997، وأنّ المدعي تزوّج المدعى عليها مرة أخرى في غضون شهر أغسطس/ آب للعام 1996، وذلك بعد أنْ طلقها في شهر مايو/ أيار للعام 1996، وأنه قام بتطليقها مرة ثانية في غضون شهر ديسمبر/ كانون الأوّل للعام 1996، ما يعني أنّ مدة الحمل هي تسعة أشهر وأيام، وهي المدة الطبيعية لأغلب الولادات.
وأضافت المحكمة «وحيث أن دعوى المدعي لعدم المساس لا يجدي في هذا الموضوع، إذ أنّ المقرر شرعا أنّ أقل مدة الحمل هي ستة أشهر قمرية وهي مستوعبة، والثابت أنّ الولد قد ولد على فراش الزوجية، وأنّه لا سبيل لنفيه إلاّ بلعان لا يمكن الصيرورة إليه في هذه الدعوى؛ وذلك لانعدام شروطه، موضحة «وحيث إن المقرر لدى المجامع الفقهية أنّ الفحص الجيني يمكن الاستعانة به في حال الإثبات لا النفي، لهذا قررنا قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع حكمنا برفض الطلبات الواردة في لائحة الاستئناف، وتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض هذا الاستئناف».
وتشير تفاصيل القضية حسبما روتها زوجة المدعي الثانية لـ «الوسط» أنّه و «خلال العام 1996 تزوّج زوجي (بطليقته الأولى) وعاش معها ثم طلقها وعاد إليها مجددا، وعقد عليها، لكن عادت إليه وهي تحمل جنينا في أحشائها هو ولد لعشيقها الذي أخفت أمره عليه، وحينما نما الجنين داخل رحمها وبلغ عمر الثمانية أشهر طلبت الطلاق فتركها زوجي وطلقها على أمل - بحسب ما كانت تظن - أنْ تعود إلى أحضان العشيق وتنجح محاولاتها المضنية في إثبات نسب الطفل الذي ولدته بعمر السبعة أشهر وهي للتو قد وقّعت عقد نكاحها على عشيقها الذي أصبح حينها زوجها بموجب عقد نكاح كان في شهر يوليو/ تموز 1997، وقد أقر العشيق أنّ الولد ولده وأنه نتج عن علاقة غير شرعية بينه وبين أمّه، ولأجل ذلك خاضت الأم (العشيقة) جولات ماراثونية فاشلة في أروقة المحاكم لإثبات نسب الطفل إلى عشيقها، ولكن نص القانون يقول: «إنّ الطفل الذي يُولد من دون عقد نكاح فإنّه لا ينسب».
وأضافت الزوجة «ومن هذا المنطلق وجدت العشيقة كلّ الطرق أمامها مسدودة فلم تجد إلاّ طريق الخديعة والنصب الذي تفننت به واختلاق دعاية استطاعت أنْ توهم القضاة - للأسف الشديد -على أنّ الطفل الذي ولدته سفاحا هو ابن لزوجي (أنا زوجته الثانية)، وذلك اعتمادا على ورقة العقد التي بينها وبين زوجي قبل أنْ يطلقها، وكان حينذاك جنينها يبلغ من العمر الشهرين في أحشائها كدليل توهم به القضاة وليثبت صحة نسب الطفل لزوجي الذي أقرّ أنّه لم يُلامسها وأنكر أبوته له على رغم اعتراف العشيق وشهادته في أوراق المحاكم الموثقة أنّ الطفل هو أبوه والذي نتج عن علاقة غير شرعيه، كما أنّ تحليل الدم و كلّ تلك الأمور تثبت هوية ونسب الطفل إلى عشيقها».
وتابعت «لكن لم نتوقع بلحظة غابرة أنْ تتمكن الطليقة وتنطلي أكذوبتها وتقنع القضاة ويصدّقون كذبتها منذ الوهلة الأولى وينساقون وراءها حتى يتخذون قرارا ويصدرون حكما نهائيا يُثبت نسب الطفل إلى زوجي على رغم كلّ الإثبات التي بين يدي وأيدي القضاة لكنها لم تفلح في إثناء نظرهم (القضاة) وهم أهل العدل والاختصاص في إصدار ذلك الحكم الذي سيجنى من ورائه أطفالي - بناتي الثلاث - الذين سيكونون تحت رحمة مستقبل مجهول بمعية أخ أجنبي لا يمت لهم بأية صفة شرعية وقانونية سوى كلمة قاضٍ حكم على مصير أسرة مستقرة ومصير بنات يترصدهنّ المستقبل المجهول المظلم، وما عسى أنْ يكون من وراء ظهور ذلك الأخ الذي لا ينسب لهنّ بأية صلة سوى صلة مسجلة بحبر على الورق يأتي فجأة ويشاركهنّ في حقوقهنّ.
وناشدت الزوجة «المسئولين في وزارة العدل بإعادة النظر بجدية وحزم نحو هذا الموضوع الحسّاس»
العدد 2277 - السبت 29 نوفمبر 2008م الموافق 30 ذي القعدة 1429هـ