إن التأكيدات التي أعلن عنها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن حمد العطية في كلمته أمام منتدى الأمن الداخلي والعالمي - الشرق الأوسط الذي بدأ أعماله أمس في المنامة بشأن قيام قادة دول مجلس التعاون بإعطاء «إشارة البدء لانطلاق مرحلة امتلاك تقنية نووية للأغراض السلمية» في إطار كامل من الشفافية والالتزام بالمعايير والقوانين الدولية إيمانا منهم بأهمية إحداث قفزة نوعية في التقدم التكنولوجي، ولاسيما في مجالي الكهرباء والمياه يعد مرحلة جديدة وخطابا جريئا لم يكن موضوعه مرغوبا في المنطقة حتى قبل شهرين.

لكن الحال تبدل... كما هو حال توجهات وخطابات الخليجيين في مبادرتهم لامتلاك النووي للأغراض السلمية، حالهم حال الإيرانيين الذين أثلج صدورهم تقرير وكالة الطاقة الذرية وشرعية إيران في استخدامه.

غير أن هذا الأمر لن يكون الوحيد بل إن إطلاق الشراكة الاقتصادية في تزويد البحرين بالغاز الإيراني لهو أيضا علامة أخرى لتوجه آخر تمر به المنطقة على رغم أنه يفهم من لغة التصريحات الإعلامية والمقابلات الرسمية منذ زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى العاصمة البحرينية بأن بعض الدول الخليجية تبدي تحفظا وتخوفا من هذه الشراكة.

كل ذلك يدفع بالقول إلى إن جدول القضايا المطروحة على أجندة قمة الدوحة المنتظرة لدول مجلس التعاون الخليجي قد تعيد طرح هذا الخطاب الموحد المعني بالنووي واستخداماته السلمية لصالح شعوب المنطقة وهو ما يعني أيضا تمهيدا للاستفادة من الخبرة الإيرانية في هذا المجال وهو ما رحبت به طهران إن طلب منها ذلك وهو ما لا تحبذ حدوثه إدارة واشنطن الذي قد يتعارض مع مصالحها في المنطقة.

لن يكون هذا الأمر هو الوحيد بل التوجه إلى شراكة اقتصادية بين دول الخليج وإيران في الاستفادة من أنواع الطاقة التي تزخر بها المنطقة على غرار دول جنوب شرق آسيا هو جانب إيجابي لأنه يبعد شبح التوتر السياسي عن الاقتصادي ويخلق استراتيجية وتكاملا إقليميا يسد احتياجات وتطلعات دول المنطقة.