العدد 2277 - السبت 29 نوفمبر 2008م الموافق 30 ذي القعدة 1429هـ

الشملاوي يطلب من القضاء ندب خبير محاسبي لبيان سوء توزيع الدوائر الانتخابية

«المحرّق» الكتلة الوحيدة التـي رُوعيت فيها العدالة التقريبية //البحرين

تقدّم المحامي عبدالله الشملاوي وكيلا عن أحد المواطنين باستئناف حكم محكمة أول درجة القاضي برفض دعوى الطعن في ترسيم الدوائر الانتخابية.

وطالب المحامي الشملاوي من محكمة الاستئناف العليا (الدائرة الإدارية) بقبول الاستئناف شكلا لرفعه مستوفيا أوضاعه القانونية، وفي الموضوع (أصليا) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى، والقضاء بإلغاء المرسوم رقم 29 لسنة 2002 م بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها واللجان الفرعية للانتخابات العامّة لمجلس النوّاب كاملا، لارتباط أحكامه ارتباطـا غير قابل للتجزئة.

وطالب الشملاوي (احتياطيا) وقبل الفصل في الموضوع بـ:

1) تكليف دائرة الشئون القانونية بتقديم المعايير والاعتبارات كافة التي رسمت على أساسها جميع الدوائر، مع بيان شواهد توافر هذه المعايير في خصوص الدوائر التي تمت مراعاتها فيها، وعدم توافرها في خصوص الدوائر التي لم تطبق فيها.

2 ) ندب خبير رياضي (محاسبي) لبيان الدوائر الانتخابية التي يكون فيها الفرق بين أعداد الناخبين في حدود 20في المئة، والدوائر الانتخابية التي يزيد أو يقل الفرق فيها بين عدد الناخبين عن 20في المئة، ومقارنة نسبة زيادة عدد الناخبين في دائرة المستأنف مع غيرها من الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق الانتخابية وفقـا لترسيم الدوائر الانتخابية الحالي.

وعلى سبيل الاحتياط الكلي طالب المحامي الشملاوي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم دستورية المادة 17 من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، والتصريح للمستأنف بالطعن أمام المحكمة الدستورية على دستورية المادة 17، ووقف الدعـوى لحين الفصل في الدعوى الدستورية.

وقال: يتضح أنّ الكتلة الانتخابية الوحيدة التي تمت مراعاة العدالة التقريبية فيها على مستوى المناطق الانتخابية، هي: محافظة المحرّق فقط.

وأرجع الشملاوي أسباب تقدمه بالاستئناف إلى خطأ الحكم الطعين في تحصيل وقائع الدعوى وأسبابها، موضحا أنّ محكمة أوّل درجة «لم توفق في تحصيل وقائع الدعوى وأسبابها، إذ نسبت إلى المستأنف أنّه نعى على المرسوم موضوع الطعن استناده إلى معاييرغير فعّالة في تحقيق الغاية من ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية».

رادا على ذلك بالقول: «إنّ المستأنف ناقش مدى قيام السلطة التنفيذية في إصدارها للمرسوم الطعين بتطبيق المعايير التي ادعتها بشكل منضبط أم لا، من دون أن يخوض في مدى فعاليتها، في حين أنّ الظاهر من أسباب الحكم أنّ محكمة البداية لم تحصل أسباب الدعوى بهذا الشكل، فأرجعت جميع حجج المستأنف وأدلته إلى أنّه يُماري في فعالية المعايير لتحقيق الغاية من ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، وهو الأمر الذي تكشف أوراق الدعوى عن مجانبته لواقع الدعوى وأسبابها».

الشملاوي: أثبتنا عدم تطبيق المعايير بشكلٍ منضبط

وأضاف الشملاوي «إنّ السلطة التنفيذية لم تقم بتطبيق المعايير التي ادعتها بشكل منضبط، فتوقف المستأنف أمام معيار الطوائف الذي كشفت عنه (القانونية) طالبا منها تأكيد ما إذا كانت تقرّ بهذا المعيار أساسا في تقسيم الدوائر أم لا، ومعيار السيادة، كما واستعرض معيار المساحة التي ادعت (القانونية) بأنّها خصصت نائبا لجزر حوار على أساسه، إذ بينت أنّ مساحة جزر حوار تجعلها مستحقة؛ لأنْ يكون لها نائب يمثلها، وقد أثبت المستأنف أنّ معيار المساحة لم يُراع في رسم جميع الدوائر، إذ أنّ مساحة جزر حوار تقارب مساحة جزيرة أم النعسان وجزيرة المحرّق، إلاّ أنّ المرسوم الطعين لم يطبّق معيار المساحة على نحو واحد في خصوص المناطق الثلاث (جزر حوار، جزيرة أم النعسان، جزيرة المحرّق)، فقد خصص 8 دوائر لجزيرة المحرّق، في حين خصص دائرة واحدة فقط لجزر حوار، ولم يخصص أية دائرة لجزيرة أم النعسان، وأثبت المستأنف أمام محكمة أوّل درجة، من خلال هذا العرض، أنّ المرسوم الطعين لم يطبق معيار المساحة بشكل منضبط؛ إذ أنّ مناط الانضباط في رسم الدوائر الانتخابية أنْ يطبق المعيار في جميع الحالات المتشابهة، عملا بقاعدة أنّ حكم المتماثلات واحد فيما يجوز وما لا يجوز».

وأردف «كما بين المستأنف عدم مراعاة المرسوم الطعين لمعيار الطبيعة الاجتماعية، الذي ادعت (القانونية) بأنّه قد تم رسم الدائرتين الرابعة والخامسة من المحافظة الجنوبية على أساسه، ولم توضح المقصود بالطبيعة الاجتماعية، وبيّن المستأنف فساد ما تدعيه (القانونية) من أنّ الطبيعة الاجتماعية معيار تم اللجوء إليه في جميع الحالات المتماثلة، إذ لم يطبّق هذا المعيار في خصوص الدائرة الثامنة من المحافظة الوسطى، إذ ألحق مجمّعين من قريتي المعامير والنويدرات بمجمّعات أخرى في منطقة الحجيات التابعة للرفاع، رغم أنّ المجمّع الذي تم سلخه من قرية المعامير لا يفصله سوى شارع فرعي عن الدائرة الخامسة، ما قسّم العائلة الواحدة والمجتمع الواحد، كما أنّ هذا المعيار لم يُراع في خصوص إلحاق المجمّع 816 بمدينة عيسى بقرى توبلي وجرداب والكورة، بل أنّ هذا المعيار لم يُراع مطلقا في خصوص قرية سند التي وزعت مجمّعاتها السكنية على ثلاث دوائر؛ ما يؤكّد أنّ معيار الطبيعة الاجتماعية لم يطبّق، كغيره من المعايير، بشكل منضبط في جميع الحالات التي تتوافر المبررات العقلائية لتطبيقه، كما ساق المستأنف أمثلة أخرى لذلك في خصوص الجسرة والدائرتين الثانية و الثالثة بمحافظة المحرّق».

وذكر المحامي عبدالله الشملاوي في رده على حكم المحكمة «بيّن المستأنف عدم تطبيق معيار التوسّع العمراني بشكل منضبط في جميع الحالات التي تتساوى فيها الظروف، فبينما تمت مراعاته في خصوص الدائرتين الرابعة والخامسة بالمحافظة الجنوبية على الرغم من عدم وجود أيّ توسع عمراني على أرض الواقع، إلاّ أنّه لم يُراع في خصوص المدينة الشمالية بالمحافظة الشمالية، كما لم يُراع في خصوص جزر أمواج بمحافظة المحرّق، ولا المشروعات السكّانية المتعددة التي هي في طور الإنشاء بمحافظة العاصمة».

وتابع «كما وبين المستأنف أيضا عدم تطبيق معيار البعد في خصوص جميع الحالات المتشابهة، فبينما زعمت (القانونية) بعد المسافة بين الدائرتين الرابعة والخامسة من المحافظة الجنوبية عن باقي دوائر المحافظة، إلاّ أنّ المرسوم لم يُراع البعد في رسم الدائرة الواحدة، فجمع بين البديع والجسرة رغم البعد الكبير بين المنطقتين، وهو بعد يعد أكثر مسافة من البعد بين الدائرتين اللتين اعتبرتهما (القانونية) نموذجا لمعيار البعد».

وقال في ذلك: «إنّ الهدف من تقسيم الدوائر الانتخابية هو تمثيل المواطنين والتوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وليس أي جوانب تتصل بالسيادة أو استقرار التقسيم المستقبلي، وليس تمثيل الرمال والجبال وغيرها من المساحات الفارغة من السكّان».

تقسيم الدوائر لابدّ أنْ يكون بقانون صادر من «التشريعية»

واسترسل «بل أنّ محكمة البداية لم تحصل أسباب الدفع بعدم الدستورية بشكل صحيح، فانتهت في حيثيات حكمها إلى أنّ المرسوم الطعين لا يتعارض مع حكم الفقرة (هـ) من المادة (1) من الدستور لكونها لم تحرم أحدا من المواطنين من المشاركة والتمتع بالحقوق السياسية وحق الانتخاب والترشيح، إذ أنّ وجه عدم الدستورية، هو أنّ الدستور في هذه الفقرة قد قرر حجز تنظيم ممارسة حق الانتخاب إلى المشرع العادي، إذ جاء في عجز الفقرة ما نصه (وذلك وفقـا لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون)، وهو ما يفيد، حتمـا، بأنّ تنظيم حق الانتخاب بجميع جوانبه وعلى رأسها تقسيم الدوائر التي يمارس من خلالها المواطنون هذا الحق لابدّ أن يكون بقانون صادر من السلطة التشريعية يتضمن هذه الأوضاع بشكل كافٍ، وبما يمنع تناول تنظيم أوضـاع هذا الحق في أيّ جانب من جوانبه بلوائح تنفيذية صادرة من السلطة التنفيذية».

وعن العدالة الحسابية، أفاد الشملاوي: «قامت (القانونية) وهي في سبيل الدفاع عن القرار الطعين بالقول إنّها اعتمدت المساواة وعدم إهدار الثقل النسبي للصوت الانتخابي كأصل في ترسيم الدوائر الانتخابية، واعتبرت ذلك أساسا في تقسيم الدوائر، معلنة أنّ النسبة المقبولة للتفاوت بين أعداد الدوائر الانتخابية هي نسبة 20في المئة، وأنّها اضطرت للخروج على هذا الأصل لاعتبارات معيّنة؛ أي أنّ مَن قال بمبدأ المساواة وعدم إهدار الثقل النسبي للصوت الانتخابي هي (القانونية) وليس المستأنف».

مخالفة الحكم الابتدائي لمبادئ القانون

وذكر المحامي عبدالله الشملاوي في طعنه على الحكم الابتدائي أنّه «خالف مبادئ القانون، وما تواتر عليه الفقه والقضاء من مبادئ، وجاء في صورة ظاهرة الحيف مبنيا على أسس لا يقول بها أحدٌ، فقد انتهى الحكم المستأنف إلى نتائج بنى عليها حكمه وهي ما يلي:

1 – عدم خضوع الإدارة في إصدارها اللوائح والقرارات إلى مبادئ القانون.

2 – أنّ القضاء لا يمد رقابته إلاّ حيث تتوافر إمارات الانحراف في استعمال السلطة.

3 – أنّ القضاء الإداري لا يراقب الوجود المادي والتكييف القانوني لأسباب القرار، وإنْ كشفت عنها الإدارة.

وعلّق الشملاوي «لما كان ما جاء محمولا عليه الحكم الابتدائي يُخالف مبادئ القانون، فإنّ المستأنف يبيّن فساد هذه الحيثيات على النحو الآتي:

خضوع الإدارة في إصدارها اللوائح والقرارات إلى مبادئ القانون:

إنّ من واجب القاضي أنْ يبذل جهده الأكبر في استخلاص حدود السلطة التقديرية التي هي لابدّ أنْ تكون موجودة لعدم وجود سلطة تقديرية مطلقة لجهة الإدارة، لما في ذلك من خروج على مبدأ دولة القانون، وتوجه غير مقبول في القضاء الإداري لما يتضمنه من منْح الضوء الأخضر للسلطة التنفيذية؛ لأنْ تمارس سلطتها هذه بعيدا عن رقابة القضاء، ومن دون أي قيد قانوني، ونكوصا عن الواجب الأساسي للقاضي الإداري المتمثل في ضبط سلوك جهة الإدارة ورده للشرعية دائما، كون أنّه لا ضابط لممارسة السلطة ولا رقابة للقضاء على قيام الإدارة بهذا الدور إنما يوجب الخشية من السلطة التنفيذية، وزرع الرهبة في نفوس المواطنين، ومدعى للخشية والحذر من مسلك الإدارة وما تصدره من قرارات باستعمال هذه السلطات، وموضع خشية للنيل من جوهر الحقوق والحريات العامّة، وبحصانة منقطعة النظير، ففي حين تكون جهة الإدارة خاضعة لرقابة القضاء حيث السلطة المقيّدة، فإنّ هذا القول من محكمة البداية ينتهي إلى تحصين قرارات جهة الإدارة من الطعن عليها أمام القضاء، ولا رادّ لعدوانها على حريات الأفراد وحقوق المواطنين. و لا شك أنّ النتيجة النهائية لما انتهت إليه محكمة البداية من قول لا يستقيم مع قيام دولة القانون؛ ذلك أنّ مناط قيام دولة القانون وجود قضاء يتحقق من التزام جهة الإدارة بالقانون.

وأضاف الشملاوي: إنّ من مبادئ القانون التي لابدّ أن يبسط القضاء الإداري رقابته بشأنها على القرار المطعون فيه ليتأكّد من انسجامه معها ما يلي:

1. عدم إهدار الثقل النسبي لصوت الناخب، وقد قررت محكمة البداية في حيثيات حكمها مبدأ العدالة في تقسيم المناطق والدوائر الانتخابية، كمصداق لمبدأ عدم إهدار الثقل النسبي لصوت الناخب.

2. ضمان تمثيل الشعب تمثيلا حقيقيـا من خلال تأسيس التقسيم على معايير تتوافق وتحقيق هذه الغاية، باعتبار أنّ الدوائر الانتخابية يجب أنْ تكون مرآة عاكسة بصورة حقيقة لجميع توجهات المجتمع وأطيافه.

3. تطبيق المعايير التي تستند عليها جهة الإدارة في إصدار القرار بشكل منضبط في جميع الدوائر التي تتشابه فيها الظروف.

4. ألا ينال التنظيم من جوهر حق ممارسة الحقوق السياسية.

وقال: الجدول رقم (1) يستمدّ أرقامه من الأرقام الرسمية الواردة في إجابات الحكومة على أسئلة النوّاب، علما أنّ احتساب العدد المفترض للدوائر عبارة عن عملية قسمة مجموع كتلة الناخبين على أعداد الدوائر المحددة في الدستور والقانون وهي 40 نائبا من 40 دائرة، يتضح أنّ الكتلة الانتخابية الوحيدة التي تمت مراعاة العدالة التقريبية فيها على مستوى المناطق الانتخابية، وهو الأصل ، هي محافظة المحرّق فقط ، إذ تقرر تقسيمها إلى ثماني دوائر، في حين أنّها وفقـا لأعداد السكّان يجب أن تقسم إلى سبع دوائر، وزيادة دائرة واحدة لا يجاوز نسبة 20في المئة وهو الحد المقبول لدى (القانونية)، كما أنّ الجدول السابق يبين أدنى وأقصى حد لعدد دوائر كلّ منطقة انتخابية بحساب عدم تجاوز الفارق نسبة 20في المئة، كما أقرت بذلك (القانونية).

وتساءل: فكيف تأتى لمحكمة البداية أن تقرر أن المرسوم الطعين قد التزم العدالة أو المساواة النسبية في حين أنّ أعداد الناخبين تشير إلى وجوب تقسيم المنطقة الجنوبية إلى دائرتينِ فقط، بينما المرسوم قسمّها إلى ست دوائر، ومنحها بموجب ذلك الحق في إيصال ستة نوّاب للمجلس النيابي بزيادة عن الأصل تساوي 168في المئة؛ أي ما يُقارب ثلاثة أضعاف النسبة المقبولة لدى (القانونية) التي يفترض بأنّ جهة الإدارة قد اعتمدتها وهي تجري التقسيم وراعتها؟

وكيف جاء منح المنطقة الجنوبية لأربعة مقاعد فوق مستحقاتها وفقـا لمبادئ العادلة التقريبية ونسبة 20في المئة التي أكّدت (القانونية) بأنّها هي التي اعتمدت عند إجراء التقسيم، بشكل استقطع معه عدّة دوائر من حق ناخبي المحافظة الشمالية التي تستحق أنْ يمثلها 12- 13 نائبـا بموجب نسبة 20في المئة التي تتمسك بها (القانونية) ليتقرر لها تسعة نوّاب فقط، وكذلك مع المنطقة الوسطى، إذ استقطعت عدّة دوائر من حق ناخبيها كونها تستحق أنْ يمثلها 12 نائبـا بموجب نسبة 20في المئة بينما منحت 9 نوّاب.

وخلص الشملاوي في هذا الصدد إلى القول: «إن البيّن من استعراض ما سبق بأنّ أعداد الناخبين غير متجانسة وغير محققة للمساواة التقريبية وفقـا للنسب التي حددتها جهة الإدارة ذاتها، فكيف جاز لمحكمة البداية أنْ تعتبر أنّ المرسوم الطعين قد جاء محققــا المساواة التقريبية؟ وهل يمكن أنْ تقبل المساواة التقريبية باقتطاع أربعة مقاعد من منطقة انتخابية ومنحها منطقة انتخابية أخرى وبنسب غير متناسبة ألبتة مع النسبة التي تقرها جهة الإدارة ذاتها؟».

وأضاف «إنّ المعروض أمام محكمة البداية لغة أرقام، وإنْ كان احتسابها يُعتبر من المعلومات العامّة التي يجب على القاضي أنْ يحصلها، فإنه ومع ذلك، فإذا تعذر عليه ذلك فإن له أن ينتدب خبيرا رياضيا ليقرر مدى تقارب التوزيع الذي تضمنه المرسوم الطعين للدوائر الانتخابية مع النسبة المقبولة، ومدى انسجام هذه الأرقام مع مفهوم العدالة التقريبية التي تقرّ بها جهة الإدارة ذاتها بعد أنْ أفصحت عنها».

وقال إن المتوسط الحسابي لعدد الناخبين في كلّ الدائرة بلحاظ الدوائر الانتخابية، والذي يحقق المساواة الحسابية المطلقة هو 7392 ناخبا على أساس أنّ كتلة الناخبين في انتخابات 2006 قد بلغت 295686 ناخبــا، وبقسمة هذه الكتلة على أربعين دائرة بعدد أعضاء مجلس النوّاب، فإنّ العدد المذكور أعلاه يمثل العدد الذي يحقق العدالة والمساواة المطلقة، وإذا أخذنا بمعيار المساواة والعدالة التقريبية وطبقا لنسبة 20في المئة التي تمسكت (القانونية) بأنّ جهة الإدارة طبقتها، فإنّ نسبة الفارق بين هذا العدد والعدد الفعلي لناخبي كلّ دائرة يجب ألا يجاوز 20في المئة وفقا للنسبة التي قررتها جهة الإدارة على لسان (القانونية)، وباستعراض الدوائر الانتخابية وفقــا لانتخابات 2006 نجد 10 دوائر فقط من الدوائر السابقة هي الدوائر التي يكون فيها النقص أو الزيادة عن المتوسط في حدود 20في المئة، وهي النسبة التي اعتمدتها جهة الإدارة أثناء التقسيم كنسبة مقبولة؛ لتحقيق المساواة التقريبية بحسب ما تمسكت به (القانونية). أمّا الدوائر باللون البرتقالي، فإنّ الزيادة أو النقص فيها عن المتوسط قد تجاوز 21في المئة إلى 50في المئة، وتمثل 15 دائرة وجميعها لا تحقق العدالة التقريبية وفق المعيار الذي أقرته جهة الإدارة ذاتها على لسان (القانونية). ويظهر عدم تحقق مبدأ العدالة التقريبية الذي تقره محكمة البداية و(القانونية) بصورة واضحة إذ يتجاوز عدد الناخبين في 5 دوائر 51في المئة و -51في المئة عن المتوسط ملوّنة باللون الأحمر، ويصل مدى عدم العدالة في خصوص دائرة المستأنف لتصل الزيادة إلى 109في المئة وهي نسبة لا تعكس بالقطع العدالة التقريبية ولا الحسابية ولا أي مصطلح من مصطلحات العدالة، علما بأن نسبة الـ20في المئة كفرق للأعداد أقرت به (القانونية) توجب أنْ يكون الحد الأدنى لعدد الناخبين في كلّ دائرة هو 5914 ناخبا، و ألا يزيد عدد الناخبين في كل دائرة عن 8871 ناخبا.

وأضاف الشملان يجدر التساؤل هنا: هل أنّ التزام المرسوم بتحقيق المساواة التقريبية في خصوص 10 دائرة فقط من 40 دائرة يشير إلى أنّ المرسوم قد صدر متفقــا مع صحيح القانون؟ ومن أين تأتي لمحكمة البداية أنْ تصل إلى هذه النتيجة؟ والتي لا شك أنّها تخالف المنطق السليم بشأن تطبيق الأصل والاستثناء عليه وتجعل النتيجة التي انتهت إليها جديرة بالالتفات عنها.

وأردف أنه بعد هذا العرض الحسابي البحت، باعتبار أنّ المساواة التقريبية وفقــا للمعيار الذي أقرت به (القانونية) عملية رياضية، وما يظهره من وجود فرق كبير بين عدد ناخبي دائرة المستأنف وعدد ناخبي 38 دائرة يتجاوز نسبة 20في المئة التي يفترض بأن ّجهة الإدارة اعتمدتها كنسبة مئوية مقبولة للفارق تتحقق بموجبها المساواة التقريبية كما تمسكت به (القانونية)، ووجود دائرة واحدة كان الفارق بين عدد ناخبيها وعدد ناخبي دائرة المستأنف لا يتجاوز 20في المئة وهي الدائرة المحددة باللون الأصفر في الجدول أعلاه، كما أنّ 7 دوائر فقط من الدوائر فيها الفرق بين أعداد الناخبين ودائرة المستأنف نسبة تتراوح بين 21في المئة - 50في المئة و -21في المئة - -50في المئة، وهي الملوّنة باللون البرتقالي، ويظهر واضحـا من الجدول أعلاه أنّ الفوارق بين عدد ناخبي الكثير من الدوائر كان يتجاوز -50في المئة، وقد بلغ عدد هذه الدوائر 31 دائرة من أصل 40 دائرة، بل أنّ نسبة الفرق تزيد في بعض الدوائر عن -100في المئة ويصل في بعضها إلى ما يفوق -300في المئة، و لا يمكن إلاّ القول أمام ما يفقأ العين من خلال ما يظهره الجدول من نتائج بأنّ ما انتهت إليه محكمة البداية من القول إنّ المرسوم الطعين قد حقق المساواة التقريبية باطل تدحضه العمليات الرياضية البسيطة.

وقال ان النسبة المقبولة للتفاوت العددي بين أعداد الناخبين في نطاق الدوائر والمناطق الانتخابية الذي أقرت به (القانونية) لم يلتزم حتى في نطاق المنطقة الواحدة ذاتها، ولذا يمكن المقارنة بين عدد الناخبين في أكبر دائرة في المنطقة الانتخابية، وبين الدوائر الانتخابية في ذات المنطقة الانتخابية، ونستعرض في الجدول التالي هذا الفرق الذي أيضــا لا يطابق النسبة التي أقرت بها (القانونية).

وتابع: من خلال الاستعراض للجدول السابق، نجد أنّّ عدد الدوائر التي كان الفرق بين الناخبين في الدوائر الأخرى وأكبر دائرة في كل منطقة في حدود النسبة التي أقرت بها (القانونية) هي 3 دوائر فقط محددة باللون الأصفر، أمّا الدوائر التي كان الفرق فيما بينها وبين أكبر دائرة في المنطقة الانتخابية في حدود – 20في المئة- - 50في المئة وهي المحددة باللون البرتقالي هي 12 دائرة فقط، وبملاحظة الفرق بين عدد أكبر دائرة من حيث الناخبون في كلّ منطقة انتخابية بالدوائر الأخرى في ذات المنطقة والذي يجاوز – 51في المئة فقد بلغ 20 دائرة ، ونجد أنّ المنطقة الانتخابية الجنوبية التي ادعت (القانونية) بتوافر بعض الاعتبارات لها فإنّ جميع دوائرها تجاوز حاجز الـ20في المئة كفرق بينها وبين الدائرة الأولى من المنطقة الانتخابية ذاتها.

واستطرد: هذا الاستعراض، فأنا وكيف تأتى لمحكمة البداية أنْ تقرّ بتوافر العدالة النسبية، بينما أنّ العدالة النسبية لم تكن متحققة حتى في المنطقة الانتخابية ذاتها.

وأضاف: بمقارنة أخرى بين عدد الدوائر في كلّ منطقة انتخابية والمتوسط الحسابي لعدد الناخبين في كلّ دائرة بالنظر لعدد كتلة الناخبين في المنطقة الانتخابية، فإننا نستعرض الجدول رقم ( 5 ).

وختم بالقول: بملاحظة الجدول يتضح أنّ عدد الدوائر التي يكون فيها الفرق بين عدد الناخبين والمتوسط في المنطقة الانتخابية في حدود النسبة التي تقرّها (القانونية) 21 دائرة، وقد تجاوز الفرق بين أعداد الناخبين في الدوائر عن المتوسط الحسابي في المنطقة الانتخابية والتي في حدود 21في المئة - 50في المئة و -21في المئة - -50في المئة في 12 دائرة . وقد تجاوز الـ50في المئة أو -51في المئة في 7 دوائر .. وهنا يجدر التساؤل: كيف تأتي لمحكمة البداية أنْ تقول بتوافر العدالة التقريبية فضلا عن الحسابية، وبأيّ وجه صادف المرسوم الطعين صحيح القانون؟

العدد 2277 - السبت 29 نوفمبر 2008م الموافق 30 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً