العدد 2277 - السبت 29 نوفمبر 2008م الموافق 30 ذي القعدة 1429هـ

متى يستدير الخليج شرقا؟

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يعد في وسع المسئولين الخليجيين في أسواق المال والعقار الإستمرار في إطلاق التصريحات المخدرة بشأن «نجاة الإقتصاد الخليجي من الأزمة المالية العالمية»، فقد دحضتها أرقام تهاوي قيم العقار، وانحدار أسعار أسهم الشركات المدرجة في أسواق المال الخليجية.

دبي، ونأخذ دبي نموذجا لكونها الأنموذج التنموي الذي تحدث عنه الكثيرون، وحاول كثيرون التشبه به بشكل عمياني. فقد تناقلت وكالاات الأنباء تصريحات خبراء ووسطاء ماليين وعقاريين في دبي، تقول: «إن الإمارة بدأت تشهد زيادة حادة في مبيعات العقارات التي يضطر أصحابها لبيعها بأسعار رخيصة؛ إذ إن المستثمرين يندفعون للتخلص من المنازل تحت وطأة الضغط الناجم عن أزمة الإئتمان العالمية، حتى وصل الأمر بأن ترسل شركة (إليشيان) العقارية في دبي رسالة نصية إلى حوالي 40 ألف جهاز هاتف خليوي تعلن من خلالها عرضها لبيع عقارات بأسعار تنافسية رخيصة». في الوقت ذاته انخفضت أسعار العقارات في «نخلة الجميرة»، وهي الأصغر بين مجموعة من ثلاث جزر اصطناعية على شكل نخيل تعرف باسم «جزر النخيل» في دبي، بلغ 40 في المئة من قيمتها منذ شهر سبتمبر/ أيلول الماضي»

ترافق ذلك مع وقف مؤسسات الإقراض المالية، بما فيها الإسلامية مثل (أملاك) معاملاتها لمنح قروض جديدة، على رغم تهافت المشترين من أجل الحصول على القروض. ولو التفتنا نحو أسواق المال العربية سنكتشف أن خسائرها وصلت بين 0.82 في المئة في سوق دبي إلى نحو 1.47 في المئة كما هو حال سوق الرياض.

باختصار شديد، وصلت الأزمة إلى قلب الإقتصاد الخليجي الذي بدأ يفقد، إلى جانب تلك الخسائر، نسبة عالية من مداخيله، بسبب التراجع الشديد في أسعار النفط الذي فقد ما يربو على 60 في المئة من قيمته لتتأرجح أسعاره بين 40 -50 دولارا للبرميل.

والسوال الطبيعي الذي يبرز أمام العيان هو: كيف التصرف، وما هو سبيل الوقوف في وجه هذه الأزمة التي لم يعد في الوسع تحاشيها، للخروج منها بأقل الخسائر؟

من المتوقع أن تلجأ الدول الخليجية الأكثر تضررا، كما هو الحال في دبي، أو الأقل سيولة نقدية، إلى تلك الأكثر غنى والتي تمتلك وسادة مالية احتياطية يمكن أن تستعين بها عند الحاجة الملحة. ويبدو أن هذا الخيار صعب، إن لم يكن مستحيلا وذلك لسببين، الأول هو أن الدول الباحثة عن القرض أو العون لم يعد في وسعها إعطاء مقابل العون أو ضمانات لتسديد القروض، نظرا لكون الأزمة الخليجية ما تزال في بداياتها، ومن الصعب التكهن بفترة إنتهائها. أما السبب الثاني فإن الدول المفترض فيها أن تكون مانحة مثل السعودية، أعلنت في أكثر من محفل إنعقد لمناقشة الأزمة العالمية، مثل قمة العشرين الأخيرة، عن عدم قدرتها على مساعدة الآخرين لأنها، وبخلاف أوهام البعض، هي الأخرى بحاجة إلى الإلتفات إلى مشكلاتها المالية الداخلية.

الحل الثاني هو زيادة إنتاج النفط للإحتفاظ بالرقم المطلق المطلوب توفيره كدخل، وهذا الخيار هو الآخر يصعب تحقيقه، لسببين أيضا الأول أن حجم السوق النفطية محكوم بقوانين تسمح بهامش صغير للزيادة، والسبب الثاني أن الشراة، ليسوا، بما فيهم أكبر الدول استهلاكا وغنى مثل الولايات المتحدة الأميركية، باتت ضحية تلك الأزمة وإمكاناتها الشرائية متقلصة.

الحل الثالث هو تدخل الدولة، مباشرة أو من خلال صناديقها السيادية، لشراء المؤسسات المنهارة لتوفير السيولة التي تحتاجها، أو لوقف تراجع أسعار أسهمها. هذا الخيار هو الآخر بات متأخرا لأن جزءا من الدول الخليجية المعتمدة دخولها على النفط، هي الأخرى تعاني من شحة السيولة المطلوبة لتنفيذ خططها التنموية، كما أن صناديقها السيادية ضربتها موجة الخسائر الناجمة عن استثماراتها العالمية في مشروعات وإستثمارات أعلنت إفلاسها أو في أوضاع يرثى لها. وهذا الحل نادى به مجموعة من الخبراء الإقتصاديين والماليين الذين شاركوا في جلسة عقدت على هامش جلسات مؤتمر «أسبوع مركز دبي المالي العالمي»؛ إذ طغت الأصوات الحاضة «على الدخول بقوة على خط الاستحواذات واغتنام الفرص الموجودة على الصعيد المالي الدولي».

ليس القصد هنا الوصول إلى باب موصد، فمن بين المقترحات التي خرجت بها تلك الجلسة أيضا، كان هناك مقترح رئيس مجلس إدارة ومدير عام صندوق الاستثمار الصيني الكبير، «فيرست إيسترن إنفسمنت غروب» فيكتور شو، الذي دعا إلى «إعادة إطلاق طريق الحرير الذي كان يصل تاريخيا بين الصين والشرق الأوسط

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2277 - السبت 29 نوفمبر 2008م الموافق 30 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً