العدد 1904 - الخميس 22 نوفمبر 2007م الموافق 12 ذي القعدة 1428هـ

أزمة مالية تحدق بالعالم 2/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بخلاف ما يعتقده البعض، لقد بدأت فقاعة العقار بنهاية القرن الماضي، ففي السنوات الست الأخيرة منه ارتفعت قيمة العقارات السكنية في الاقتصادات المتقدمة بنحو ثلاثة ارباع لتصل قيمته الى نحو 75 تريليون دولار، أي ما يزيد على الدخل القومي لتلك الدول في تلك الفترة.

ووصل الأمر إلى أن اصبحت هناك مغالاة شديدة في القيمة الحقيقية للأصول العقارية. وطبعا تم تمويل ذلك بالديون الهائلة التي ساعد على زيادة حجمها توفر ما يعرف بالأموال الرخيصة وتسهيلات الإقراض والزيادة الهائلة في توريق الديون العقارية.

هذا الغليان أغرى المصارف ومؤسسات الإقراض إلى الدخول بكثافة في سوق الاقراض العقاري الأميركي، وتسهيل إعادة الرهن العقاري بما يسمح لاصحاب البيوت بالاستدانة على خلفية ارتفاع سعر عقاراتهم.

انطوت تلك الثروة الوهمية الهائلة على مخاطر شديدة، ولم يجر تشخيص عوامل المخاطرة بدقة ما ادى الى انكشاف المؤسسات المالية على تلك المخاطر مع بوادر هبوط اسعار العقار في أميركا.

ومع وصول الغليان الى حده، ضيقت المصارف والمؤسسات المالية من عمليات الإقراض لتحتفظ بقدر من السيولة كرهن مقابل القروض الرديئة التي يتوقع ان تشطبها مع تراجع قيمة الأصول التي اقترضت بضمانها.

وإذا كانت دورات الزيادة والهبوط في أسعار العقار مقصورة في السابق على الدول التي تمر بها من قبل، فان الفقاعة الأخيرة في قطاع العقار الأميركي أغرت المصارف الكبرى وصناديق الإستثمار على الدخول في سوق القروض العقارية الأميركي، ما أدى إلى نشر مخاطرها على نطاق أوسع.

كل هذه العوامل جعلت انهيار القطاع العقاري الأميركي وأزمة القروض العقارية السيئة فيه تتردد اصداؤها في انحاء العالم وتقود الى انكماش ائتماني تطلب تدخل المصارف المركزية، وخصوصا في أوروبا، بضخ المليارات من السيولة النقدية في القطاع المصرفي.

الملفت للنظر في الموضوع هو موقف صندوق النقد الدولي والذي أشاد متحدث باسمه بالتدخل السريع والجماعي الذي نفذته المصارف المركزية عدة مرات في الأسواق، ما ساعد على تهدئة توتر المستثمرين. وأضاف أن الصندوق يعتقد أن بالإمكان الآن احتواء كل ما ترتب على هذه الأزمة.

يأتي هذا في الوقت الذي ضخت فيه المصارف المركزية في أميركا وآسيا وأوروبا نحو 326 مليار دولار في أسواق العالم خلال أقل من 48 ساعة لضمان استمرار تدفق سريان الأموال في شرايين النظام المالي العالمي ومنعه من الانهيار.

وتعهد الاحتياط الفيدرالي الأميركي (المصرف المركزي الأميركي) بضخ أي كمية تحتاجها الأسواق من الأموال، وذلك في أول بيان من نوعه منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. وأكدت الإدارة الأميركية أن كبير مستشاري الرئيس للشؤون الاقتصادية يتابع الأزمة عن كثب.

غير أن المخاوف عادت إلى الظهور بعدما أعلن مصرف «بي.أن.بي باريبا» الفرنسي العملاق الخميس الماضي أنه جمد ثلاثة صناديق استثمارية مرتبطة بسوق العقارات الأميركي. وأعقب ذلك قيام المصارف المركزية بضخ مئات المليارات من الدولارات في الأسواق.

واذا كان شره الاقتراض الأميركي تم توزيعه على العالم عبر محافظ سندات الديون لدى المصارف الكبرى ومؤسسات التمويل، فان ذلك ربما يخفف من أثر صدمة ازمة القطاع المالي على الاقتصاد العالمي، لكنه لا يمكن أن يلغي ذلك التأثير تماما.

أكثر من 400 مليار دولار ضخت في الأسواق العالمية خلال فترة وجيزة لا تصل إلى ثلاثة أسابيع، من الولايات المتحدة، إلى أوروبا، إلى اليابان، واستراليا ونيوزيلاندا، فيما يتدخل البنك الدولي لطمأنة الأسواق بأن السيولة جاهزة للاستثمار في الأسواق المالية، ومصدرها الأساسي فائض الادخار لدى الدول المتقدمة اقتصاديا، وفي طليعتها الصين. وبينما يتوقع البنك الدولي أن يستعيد الاقتصاد العالمي عافيته في وقت قريب، ويتعمق التعاون المالي الياباني - الأميركي لمواجهة الأزمة، وتستنفر المصارف المركزية في الدول الصناعية قدرتها على التدخل في حركة الأسواق بضخ مزيد من السيولة، لا يستطيع المراقب ان يتجاهل مجموعة سلبيات متلاحقة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1904 - الخميس 22 نوفمبر 2007م الموافق 12 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً