العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ

مشكلة النمو السكّاني

سها السعد comments [at] alwasatnews.com

باحثة بمركز البحرين للدراسات

العلاقة بين النمو السكّاني والتنمية الاقتصادية هي دائما محل اهتمام الباحثينَ والمفكرينَ الاقتصاديين منذ أمد طويل، حيث عكفوا على دراسة النظريات والسياسات التي يمكن بها تحقيق الموازنة بين الموارد الاقتصادية والنمو السكّاني. لقد أصبحت مشكلة النمو السكّاني في المجتمعات الصغيرة والكبيرة المحدودة الموارد إحدى أهم معضلات التنمية في تلك الدول.

وقد أظهرت بعض النظريات الاقتصادية المتشائمة مثل نظرية «مالتوس» والتي بنيت على المردود المتناقص لعوامل الإنتاج ولكن التطوّر التكنولوجي أستطاع أن يتغلب على هذه الصعوبة، وأن يساهم في تطوير الإنتاجية.

وعلى الرغم من أن الابتكارات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم في شتّى المجالات أدّت إلى تخطي بعض التحديات التي ظلت تشغل بال المجتمعات المختلفة حول حتمية عجز الموارد عن تلبية حاجات الزيادات السكانية المتعاقبة، إلا أن هذه المجتمعات وخصوصا تلك الدول المصنعة والمصدرة للتكنولوجية المبتكرة لاتزال ترى بأنّ النمو السكّاني يبقى المعضلة الأهم والأكثر خطورة على تطور وتقدم البشرية.

إنّ أبعاد المعضلة السكانية لا ينحصر في زيادة الضغط على الموارد المتاحة بل يمتدّ إلى جميع المجالات الأخرى فتأثيرها يمتدّ ليشمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتأثيراتها على البيئة. فمن تأثيراتها السلبية على البيئة إذا ما تمركزت الزيادة في المدن الرئيسية بشكل خاص، فعلى سبيل المثال تفاقم التخلص من مياه الصرف الصحي وكذلك الفضلات، زيادة حركة المركبات والغازات المنبعثة من عوادمها، ما يؤدي إلى زيادة نسبة تلوث الهواء الذي يستنشقه الناس. كما تؤدى معدلات النمو السكاني المتزايدة إلى مشكلة ندرة المياه، إذ تواجه الدول العربية حاليا صعوبات في توفير مياه الشرب النقية والصرف الصحي بجانب قلّة المشاريع الاستثمارية لتوسعة وتجديد مرافق المياه والصرف الصحي. ولمعالجة هذه المعضلة لجأت دول الخليج إلى معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها لري المحاصيل غير الغذائية.

كذلك تأثير النمو السكاني وارتفاع معدلات الهجرة من الأرياف إلى المدن على العمران، فمن الطبيعي أنْ تبرز مشكلة توفير السكن الملائم الأمر الذي سيزيد من تكلفة مرافق البنية الأساسية والموارد وتكاليف الأمور الأخرى، وغالبا ما ستلجأ هذه الدول من أجل حل هذه المشكلة إلى ردم المناطق البحرية أو الصحراوية، ما يهدد الثروات البحرية والطبيعية في تلك المناطق من العالم.

أمّا من الناحية الاقتصادية فقد يؤدّي ارتفاع معدل النمو السكّاني إلى ارتفاع حجم المصروفات الحكومية، وبالتالي يؤدّي إلى عجز دائم في الموازنة الحكومية. أمّا على مستوى الأسرة فقد تؤدّي الزيادة السكّانية إلى انخفاض متوسط الدخل الفردي وزيادة معدلات الإعالة، وما يترتب على ذلك من انخفاض معدلات الإدخار التي تمثل المصدر الأساسي لمعدلات تراكم رأس المال بالإضافة إلى انتشار الفقر. ومع انخفاض معدلات تراكم رأس المال تنخفض معدلات الإنتاجية وتتردى معدلات النمو الاقتصادي، وتتسبب أيضا في زيادة كبيرة في أعداد الباحثين عن فرص عمل بمعدلات تزيد بكثير عن إمكانية توفير فرص عمل جديدة، ما يؤدّي إلى ظهور البطالة والبطالة المقنعة بمعدلات عالية.

ويمكن تلخيص عمق المعضلة السكّانية من خلال المؤشرات التالية: يتراوح عدد سكّان الأرض ما بين 6 إلى 7 مليارات نسمة, ومن المتوقع أنْ يرتفع إلى 9.3 مليارات بحلول العام 2050. كما أنّ الدول الأقل تقدّما والتي يزيد عددها على الخمسين دولة، يتوقع أن تشهد نموا سكانيا بمعدل ثلاثة أضعاف. ويعيش حوالي 3 مليارات نسمة بدخل يقل عن دولارين في اليوم, في حين يعاني من سوء التغذية أكثر من 800 مليون نسمة بينهم 160 مليون طفل. بالإضافة إلى كل ذلك هناك استغلال مسرف لثروات الأرض، إذ إنّ استغلال الثروات الطبيعية يصل إلى معدل 20% كل عام، وهذا يتعدى قدرة الأرض على تجديد هذه الثروات. وتشير التوقعات إلى أنه في حال استمرار هذا المعدل فإن استهلاك سكان العالم خلال الخمسين سنة المقبلة سيتجاوز بكثير قدرة الأرض على تجديد مصادرها البيولوجية.

وفي دول مجلس التعاون التي تتمتع بموارد نفطية هائلة تبقى مشكلة ارتفاع معدل النمو السكاني من أهم المشكلات التي تواجه الخطط التنموية الاقتصادية، إذ يبلغ معدل النمو السكّاني فيها حوالي 4.41في المئة سنويا مع تفاوت فيما بينها، فقد نما معدل السكّان في دولة الإمارات 6.5 % تلتها قطر 4.7 في المئة فالسعودية 4.4 في المئة فعُمان 4.1 في المئة ثم مملكة البحرين بمعدل 3.5 في المئة وأخيرا الكويت 3.3في المئة. وخلال الفترة من 2000 - 2006 ارتفع سكّان هذه الدول (مواطنين ووافدين) من 31 إلى 35 مليون نسمة. ويتوقع أنْ يرتفع عددهم إلى نحو 50 مليونا في العام2015. ويلاحظ أنّ الزيادة في أعداد السكّان صاحبها معدل نمو متواضع في الناتج المحلي الأمر الذي انعكس سلبا على معدلات نمو الدخل الحقيقي للفرد. وإذا ما استمر النمو السكّاني على هذا النسق فمن المتوقع أنْ تكون له انعكاسات خطيرة على الأمن الاقتصادي للمنطقة، حيث سيزيد من الضغط على استخدام الموارد النفطية، ما قد يؤدّي إلى تقليص العمرالزمني لهذه الموارد

إقرأ أيضا لـ "سها السعد"

العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:13 م

      رنا

      -0-0-0-0-0-0-0-0-0-0-0-0-0-0-0

    • زائر 3 | 8:02 ص

      مني فاهمة يا ناس

      شو العلاقة بين النو السكاني و الاقتصادي في سطرين بس مو بصفحة بليييييييييييييييييييييييييييييز

    • زائر 2 | 7:32 ص

      السلام

      شكرا على المقاله الرائعة

    • زائر 1 | 7:41 ص

      مني فاهمه يا ناس

      شو العلاقة بين النو السكاني و الاقتصادي في سطرين بس مو بصفحة بليييييييييييييييييييييييييييييز

اقرأ ايضاً