العدد 1932 - الخميس 20 ديسمبر 2007م الموافق 10 ذي الحجة 1428هـ

إنقلاب!

ذكر أبي الحسن بن علي بن الحسين بن علي المسعودي، في سِفْره الفريد «مروج الذهب» في جزئه الثالث: حدّثنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن داود البصري المنقري، قال: حدّثني ابن عائشة وغيره قال: سمعت أبي يقول: لمّا غلبت الخوارج على البصرة، بعث إليهم عبدالملك بن مروان جيشا فهزموه، ثم بعث إليهم بآخر فهزموه، فقال: مَنْ للبصرة والخوارج؟ فقيل له: ليس لهم إلا المُهلّب بن أبي صُفرة، فبعث إلى المهلّب، فقال: على أن يكون لي خرَاج (1) ما أجليتهم عنه. قال: إذن تشركني في ملكي. قال: فثلثاه. قال: لا، قال: فنصفه، والله لا أنقص منه شيئا، على أن تمدّني بالرجال، فإذا أخللت فلا حق لك عليَّ. فجعلوا يقولون: ولّى عبدالملك على العراق رجلا ضعيفا. وجعل يقول: بعثت بالمهلّب حتى يحارب الخوارج فركب دجلة.

نذْر بقراءة «البقرة» و»آل عمران»

في سنة سبع وسبعين، كانت للحجّاج حروب مع شبيب الخارجيّ، وولّى عنه الحجّاج بعد قتل ذريع كان في أصحابه حتى حصى عددهم بالقضيب، فدخل الكوفة وتحصّن في دار الإمارة، ودخل شبيب وأمه وزوجته غزالة الكوفة عند الصباح، وقد كانت غزالة نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلّي فيه ركعتين تقرأ فيهما سورتا «البقرة» و»آل عمران»، فأتوا الجامع في سبعين رجلا، فصلّوا به الغداة، وخرجت غزالة مما كانت أوجبته على نفسها. فقال الناس بالكوفة في تلك السنة: (من مجزوء الكامل)

وفّتْ غزالة نذرَها

ياربِ لا تغفرْ لها

وكانت الغزالة من الشجاعة والفروسية بالموضوع العظيم، وكذلك أم شبيب.

وقد كان عبدالملك بن مروان، حين بلغه خبر هروب الحجّاج، وتحصّنه في دار الإمارة بالكوفة من شبيب، بعث من الشام بعساكر كثيرة عليها سفيان بن الأبرد الكلبي لقتال شبيب، فقدم على الحجّاج بالكوفة، فخرجوا إلى شبيب فحاربوه فانهزم شبيب وقتلت الغزالة وأمه.

ومضى شبيب في فوارس من أصحابه، واتبعه سفيان في أهل الشام، فلحقه بالأهواز، فولّى شبيب، فلما وصل إلى جسر دجيل نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر، فألقاه في الماء، فقال له بعض أصحابه: أغرقا يا أمير المؤمنين؟ قال: «ذلك تقدير العزيز العليم» فألقاه دجيل ميتا بشطه، فحمل على البريد إلى الحجّاج، فأمر الحجّاج بشق بطنه واستخراج قلبه، فاستخرج فإذا هو كالحجر إذا ضربت به الأرض نبا عنها، فشُق فإذا في داخله قلب صغير كالكرة، فشُق فأصيب علقة الدم في داخله.

ذوبان من خشية الله

بلغ من خوف قيس بن سعد لله وطاعته إياه أنه كان يصلّي فلما أهوى للسجود إذا في موضع سجوده ثعبان عظيم مطوّق، فمال عن الثعبان برأسه، وسجد إلى جانبه، فتطوّق الثعبان برقبته، فلم يُقصر من صلاته ولا نقص منها شئ، حتى فرغ، ثم أخذ الثعبان فرمى به... كذلك ذكر الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا.

متطبّبٌ في عهد الرشيد

كان ببغداد رجل في أيام هارون الرشيد متطبّب يطيب العامة بصفاته، وكان دهريّا (2) يُظهر أنه من أهل السنّة والجماعة، ويلعن أهل البدع، ويعرف بالسنيّ تنقاد إليه العامة. فكان يجتمع إليه في كل يوم بقوارير الماء خلق من الناس، فإذا اجتمعوا وثب قائما على قدميه فقال لهم: معاشر المسلمين، قلتم لا ضار ولا نافع إلا الله، فلأي شئ مصيركم إليَّ تسألونني عن مضارّكم ومنافعكم؟ الجأوا إلى ربّكم، وتوكلوا على بارئكم حتى يكون فعلكم مثل قولكم. فيقبل بعضهم على بعض فيقولون: اي والله، قد صدقنا، فكم من مريض لم يعالج حتى مات، ومنهم من كان يتركه حتى يسكن ثم يريه الماء فيصف له الدواء، فيقول: إيمانك ضعيف، ولولا ذلك لتوكلت على الله كما أمرضك فهو يبرئك، فكان يقتل بقوله هذا خلقا كثيرا لتزهيده إياهم في معالجة مرضاهم.

العدد 1932 - الخميس 20 ديسمبر 2007م الموافق 10 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً