العدد 2280 - الثلثاء 02 ديسمبر 2008م الموافق 03 ذي الحجة 1429هـ

«بحرين بولتكنيك» الطريق الأمثل نحو سوق العمل

هشام عبدالله الغتم comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت أصداء الأزمة المالية العالمية تتواتر في بعض دول الخليج العربي. وقد لاحظنا أن الفترة نفسها شهدت العديد من التقارير والأخبار الصحافية التي تشير إلى امتلاك الاقتصاد البحريني للمقومات التي تمكنه من اجتياز هذه الأزمة، أو حتى عدم تأثره بها أساسا.

وإنه ليسرني أن من يعتبرون منطقة الخليج ملاذا للاستقرار المالي في هذه المرحلة العصيبة في الاقتصاد العالمي، كما أشارت لذلك صحيفة «الفايننشال تايمز» المرموقة، مهتمين للغاية بالاستثمار في البحرين. وليس أدل على التزامنا بالاصلاح ووضع القوانين المالية الملائمة من تأكيد ستاندرد آند بورز العالمية أن التصنيف الائتماني لدولة البحرين من الفئة A.

وكان محلل الائتمان في ستاندرد آند بورز قد صرح الأسبوع الماضي بأن البحرين: «تواصل الاصلاحات الهيكلية مع إيلائها أهمية خاصة لسوق العمل». قبل أن ينبه إلى أن «الحاجة إلى مزيد من تنويع النشاط الاقتصادي مازالت حاجة مستقبلية أساسية، وخصوصا مع الحاجة إلى زيادة توظيف القوى العاملة البحرينية في القطاع الخاص مع تزايد عدد الخريجين الذين يدخلون سوق العمل خلال السنوات المقبلة».

وأعتقد أنه يمكننا استنتاج أمرين أساسيين من هذا التحليل.

الأمر الأول، هو معرفة المحللين والخبراء الاقتصاديين أن البحرين تختلف في عوامل أساسية عن غيرها من دول الخليج المجاورة، وسأوضح ذلك لاحقا.

أما الأمر الثاني، هو أن التركيز على التغيرات الديموغرافية الكبيرة التي ستشكل اقتصاد البحرين خلال السنوات المقبلة، وذلك بعد أن تهدأ الرياح التي تعصف بالأجواء الاقتصادية العالمية، يساهم في إيجاد تعريف دقيق للفرص الكبيرة التي يقدمها الاقتصاد البحريني والتحديات التي سيواجهها.

وكانت هذه العوامل المحرك الرئيسي وراء إطلاق البحرين للرؤية الاقتصادية 2030، والتي تعمل على تطبيق نطاق واسع من الاصلاحات وإجراءات التطوير لتوفير حياة أفضل لكل بحريني.

وقد بدأت عمليات الإصلاح من خلال مجموعة من البرامج التي تم طرحها ضمن مبادرات إصلاح التعليم الوطني، بدءا من المدارس الثانوية ومرورا بالتعليم العالي وانتهاء بالتطوير المهني المستمر.

وما يميز هذه المبادرات تركيزها على التدريب المهني، كما وتمثل مدخلا شاملا للاصلاح يهدف إلى توفير جيل من القوى العاملة المثقفة والمدربة والتي تمتلك المهارات اللازمة لتصبح الخيار الأول للتوظيف في سوق العمل.

لطالما كان التعليم المهني من الأمور القريبة إلى قلبي. فخبرتي التعليمية كانت محصورة في التدريب المهني، حيث حصلت على فرصة التدريب في شركة نفط البحرين في عمر الخامسة عشر. ولم أكن لأصل إلى الموقع الذي أنا فيه اليوم، وفرصة المساعدة في صياغة طرق تعليم الأجيال القادمة في البحرين، دون ما تعلمته من انضباط ومهارات خلال هذا التدريب.

لا تحتاج مملكة البحرين إلى المزيد من حملة الشهادات الجامعية فقط، بل تحتاج إلى المزيد من الكفاءات الماهرة. ويشكل هذا الفهم الركيزة الأساسية في رؤيتنا للتعليم. فبدون المهارات، كيف سنستطيع التعامل مع المتطلبات المستقبلية التي تؤكد الحاجة إلى قطاع خاص أكبر يقوم بتوظيف المزيد من البحرينيين القادرين على مواجهة تحديات اقتصاد العولمة الحديث؟

ولا يقتصر هذا التحدي على نظامنا التعليمي فقط، ومع ذلك لابد من التركيز على توفير المهارات المهنية للشباب البحريني.

ومما يحتل أهمية مماثلة أن يلعب القطاع الخاص دوره في تحقيق النمو، بدلا من الاعتماد على التشريعات والسمعة الطيبة التي تمتلكها مملكة البحرين كوجهة محببة للشركات العالمية.

وإن لم يلعب القطاع الخاص هذا الدور في الماضي، فإن دوره يبدأ الآن حسب ما تتضمنه الرؤية، حيث يحتل القطاع الخاص المحور الرئيسي في تطوير وتنويع الاقتصاد البحريني.

وقد عبرت الحكومة بشكل واضح عن رؤيتها لدورها الذي يجب أن تقوم به، حيث ستقوم بمهام الحكم فيما يقوم القطاع الخاص بالنشاط التجاري، مشكلا المحرك الرئيسي لنمو المملكة.

ويشكل كل ذلك النقاط الفارقة في الاقتصاد البحريني التي تمدني بالثقة في أننا سنحقق النجاح في برامجنا الإصلاحية، كما سنستطيع تحويل أهداف الرؤية 2030 إلى حقيقة واقعة.

نمتلك في البحرين تاريخا عريقا من الفخر والاهتمام بقيمة العمل في كل المستويات. كما يمتلك البحرينيون حسا نقديا يمكنهم من انتقاد الواقع واتخاذ قرارات مستقبلية للأمة، بدلا من الانصياع إلى الأوامر العليا.

وبسبب هذا التاريخ أستطيع التأكيد أن برامج الإصلاح التي بدأت في العام 2005 لم تكن سياسية فقط، بل استندت إلى فهم عميق للحاجة الحقيقية للتغيير والحاجة إلى الشجاعة الكافية لتحقيق هذا التغيير.

شعرت أن المسيرة الحقيقية للتغيير قد بدأت على المسار الصحيح في حفل افتتاح أول كلية بولتكنيك في البحرين. فهي لا تعبر فقط عن ريادة البحرين الإقليمية في التعليم المهني، بل تعبر عن بداية جديدة لي ولزملائي في القطاع الخاص لنكون من أول الأطراف الفخورة بتوظيف خريجي هذه الكلية. وليس أدل على رغبتنا كأمة في الحصول على المهارات اللازمة لمواجهة التحديات القادمة من تقدم 1300 طالب لملء 200 شاغر فقط في هذه الكلية.

إقرأ أيضا لـ "هشام عبدالله الغتم"

العدد 2280 - الثلثاء 02 ديسمبر 2008م الموافق 03 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً