العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ

البحرين تشهد حراكا عمّاليا

هاشم سلمان الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تدل كل المؤشرات على أن البحرين مقدمة على حراك نقابي عمالي، يبدأه العمال المفصولون عن أعمالهم، بعد اليأس الكامل من الإدارات التي بدأت تتلكأ للمطالب العمالية التي أخذت تمارس أساليب الترهيب ضد العمال المطالبين بحقوقهم.

ومن مصاديق ذلك هو الفصل الجماعي الذي قامت به شركة المراعي للعاملين الذين لا تتجاوز رواتبهم المئة دينار، وكذلك الفصل التعسفي الذي تقوم به شركة بتلكو للنقابيين أمثال فيصل غزوان وماجد سهراب وكذلك العمال الذين قضوا سني عمرهم في خدمة الشركة وإذا بإدارة الشركة تتلكأ لهم وترميهم الى المصير المجهول مستهينة بهم وبعوائلهم غير مكترثة بالمستقبل المظلم بسبب الضوائق المالية التي سيسببها لهم الفصل التعسفي.

مسلسل الفصل التعسفي مستمر بعد أن طال رئيس نقابة العاملين في السفر والسياحة وكذلك رئيس نقابة DHL ورئيسة نقابة رياض الأطفال، بالإضافة إلى رئيس نقابة داين كورب، ولم تطل المدة بعد تفكيك نقابة عقارات السيف بعد أن تمت إقالتهم بشكل جماعي ليصل الدور هذه المرة الى القطاع الحكومي حيث إدارة البريد تتفرد في قراراتها بتشكيل اللجان على أسس غير قانونية وتتخذ إجراءات بحق الكوادر النقابية دونما مسوغ قانوني إذ تم إيقاف نائبة رئيس نقابة البريد السيدة نجية عبد الغفار لمدة ثلاثة أيام وتهديدها بالفصل من الخدمة وكذلك توقيف رئيس النقابة جمال عتيق لمدة خمسة أيام لمجرد ورود اسمه في الجريدة باسم رئيس النقابة.

لا ندري بأية عقلية يدير هؤلاء المسئولون أعمالهم حيث أصبحنا نشهد صراعات ظاهرة بين المسئولين والعمال بدلا من السعي لتعاون طرفي الإنتاج من أجل رفع الكفاءة وتحسين الإنتاج، ولو أردنا استقصاء الأسباب لرأيناها تنحصر في تعنت المسئولين وعدم تقبلهم للحوار واعتبارهم الموظفين الذين تقل درجاتهم عنهم أقل رتبة في الإنسانية ومحاولة للتخلص من العمالة الوطنية وتفضيل العمالة الأجنبية الرخيصة دون الاهتمام بالمصلحة العليا للوطن.

وفي المقابل كان للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين موقف من هذه الانتهاكات إذ اجتمع رؤساء النقابات ونوابهم بمقر الاتحاد وقرروا الاعتصام أمام مجلس الوزراء يوم الأحد أثناء اجتماع المجلس وتوجيه رسالة نقابية إلى مجلس الوزراء لإثارة الانتباه لما يجري من انتهاكات في البلد وخرق لأبسط القواعد والقوانين المحلية والدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين كالعهدين الدوليين واتفاقية التجارة الحرة والاتفاقيات في منظمة العمل الدولية وكذلك مواثيق حقوق الإنسان، كما أقام الاتحاد اعتصام ثان أمام مجلس النواب يوم الثلثاء أثناء انعقاد جلسة مجلس النواب لحث النواب على ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي وذلك بوقف الانتهاكات التي يقوم بها أرباب العمل والتسريع بإصدار التعديل على المادة العاشرة من قانون النقابات العمالية رقم 33 لسنة 2002م لقطع الحجة على ديوان الخدمة المدنية الذي تفرد بتفسير أحادي لهذه المادة لمنع تأسيس النقابات في القطاع الحكومي.

لم تكن المطالب العمالية مستحيلة ولا تعجيزية، ففي شركة مثل شركة المراعي التي تتجاوز أرباحها 30 مليون دينار سنويا ليس من الصعب عليها زيادة رواتب العاملين فيها ومعاملتهم معاملة إنسانية بدلا من أساليب السخرة المتبعة حاليا حيث يعمل العمّال في الشركة يوميا أكثر من 10 ساعات من دون صرف مبالغ العمل للوقت الإضافي، فضلا عن أنّ الشركة تشغل العمّال في أيام الإجازات الرسمية من دون تعويضهم بإجازات في أيام أخرى أو بصرف رواتب إضافية عن أيام دوامهم بالإجازات، وهو ما تضمنته لائحة جملة المطالب المرفوعة لإدارة الشركة حسب تصريح أمين سر النقابة، بينما قامت الإدارة بالاستقطاع من رواتب العمّال نسبة كبيرة على هامش اعتصامهم الذي نظمته النقابة في نهاية يوليو/ تموز الماضي، وذلك على رغم قانونية وشرعية الاعتصام.

وتخوض نقابة بتلكو وعمالها محاولات حثيثة لمنع الفصل التعسفي لأي من العمال البحرينيين في الشركة وعدم قبول برنامج التقاعد المبكر (التدوير) الإلزامي الذي سيحيل المئات من العاملين إلى التقاعد من دون رضاهم بعد قضاء سنوات طويلة في الخدمة وبعد أن ارتبط مستقبلهم بالشركة التي ساهموا بعرقهم ببنائها.

لا ندري ما هي الحجة للمسئولين في هذه الشركة للتخلص من العمالة الوطنية في الوقت الذي مازالت أرباحها تنمو بشكل مطّرد وتحقق أرباحا سنوية بسبب الإخلاص والجد الذي يقوم به الموظفون المعرضون لخطر الفصل التعسفي، فلو نظرنا إلى الأرباح ربع السنوية التي تعلنها الشركة لرأينا النمو المطّرد الذي يحققه لها الموظفون حيث ارتفعت أرباحها في الربع الثالث من العام 2006م بنسبة 3.8 في المئة الى23.6 مليون دينار بما يعادل 62 مليون دولار، بينما بلغ صافي أرباح الشركة في الربع الأول من العام 2007م مبلغ 25.3 مليون دينار (67.11 مليون دولار) بزيادة بنسبة 7.7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وقد أعلنت الشركة إن أرباحها الصافية في الربع الثاني من العام الجاري بلغت 27.5 مليون دينار، بارتفاع 13.6 في المئة عن الفترة المقابلة من العام الماضي وهذا يعني أن الشركة في وضع جيد لا تحتاج معه إلى لتخلص من العمالة الوطنية.

في ظل هذه التوترات تطرح عدة تساؤلات تحتاج الى تأمل، أولها هل ما يجري هو إرهاصات إصلاح سوق العمل الذي يفتح باب المنافسة على مصراعيه بين العمالة الوافدة الرخيصة والعمالة الوطنية في كل المجالات حيث سمعنا بأن وزارة العمل أصدرت عشرين تأشيرة لشركة المراعي في الوقت الذي تقوم فيه الشركة بفصل العمالة الوطنية؟

وهل نحن مقدمون على حراك عمالي واسع؟

هذا ما ستخبرنا عنه الأيام المقبلة إذا لم تتم المبادرة إلى اصلاح الوضع

إقرأ أيضا لـ "هاشم سلمان الموسوي"

العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً