العدد 1937 - الثلثاء 25 ديسمبر 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1428هـ

الأميركيون يلقون نظرة خاطفة على إيران الحقيقية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

Common Ground

قمر الهدى ومحمود أبونمر وأيسي كادايفسي* 

كنا في أكتوبر/ تشرين الأول 2007 جزءا من وفد أميركي مسلم من الخبراء في السلام وحل النزاع ذهب في رحلة استمرت أسبوعا واحدا إلى إيران لبحث أساليب يمكن لمجموعات إيرانية مختلفة من خلالها أن تتوجه إلى منع النزاع وحله والحوار عنه. وقد قابل وفدنا أناسا يمارسون صنع السلام ومحامين وخبراء في مجال حقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية وعلماء وزعماء دينيين وطلابا.

هناك كمّ هائل من الحوار الداخلي بين أوساط هذه المجموعات في إيران. المنظور الغربي لمجتمع مغلق من الأئمة يفرضون كافة الأفكار والحركات الإيرانية بعيد كل البعد عن الواقع. لقد علمنا من خلال النقاش مع الأئمة أن هناك تعبيرا نشطا من النقد الذاتي والحوار عن القضايا الراهنة، بما فيها أصوات تعارض بعض سياسات إيران الخارجية.

في مدينة قمّ المقدسة قابلنا ثلاثة من كبار آيات الله الذين اختارهم أية الله الخميني لإدارة المجلس التشريعي، وهو أعلى هيئة تشريعية في إيران. وقد أعربوا عن التزامهم بالسلام وتحسين العلاقات مع كافة الشعوب وضرورة عقد الحوار بين الحضارات، وخصوصا الحوار الآني لنزع فتيل التوترات القائمة بين الولايات المتحدة وإيران. أوضح كبار الأئمة هؤلاء أنهم يعتبرون العنف الديني والإرهاب أمورا تستحق التوبيخ الشديد وتناقض القيم الإسلامية.

خلال فترة زيارتنا أظهر الإيرانيون الذين قمنا بمقابلتهم فضولا عن مجال عملنا في حل النزاعات، وعن ماهية حياتنا كمسلمين في الولايات المتحدة. وكان علماء حقوق الإنسان والمحامون تواقين لمعرفة المزيد عن الحوار القائم في الولايات المتحدة عن الحقوق المدنية وعقوبة الإعدام وحقوق النوع الاجتماعي والتصوير العرقي والاستيعاب الثقافي. وقد ركزت غالبية نقاشاتنا على أفضل السبل لتشجيع قيم التعددية والديمقراطية في مضمون إسلامي. اعتقد الكثيرون أن التجربة الإيرانية تستطيع أن تقدم دروسا قيمة للدول الإسلامية الأخرى، بينما أصرّ آخرون على إجراءات أكبر تفصل شؤون الدولة عن الحكمة الدينية.

كما قابل وفدنا أعضاء من الهيئة الإسلامية لحقوق الإنسان في طهران، الذين أعلمونا بالنشاطات الجارية في إيران والتي تعمل على حماية حقوق رعايا الدولة، وخاصة الأطفال والنساء والعمال. ورغم أن المساحة العامة المفتوحة للخبراء في حقوق الإنسان في إيران قد اضمحلّت منذ ثورة عام 1979، إلا أننا علمنا رغم ذلك أن منظمات مثل هيئة حقوق الإنسان على سبيل المثال متواجدة رغم سجل إيران السلبي في مجال حقوق الإنسان وتشكل آلية هامة للرقابة على وتوثيق وتوزيع المعلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان.

هناك كمّ مميز من الحوار في الجامعات وخارجها حول إيجاد أساليب عملية لإصلاح الثقافة السياسية. أعرب غالبية العلماء والطلاب الذين قابلناهم عن توقهم للمشاركة والتشارك في آرائهم والعمل مع نظراء أميركيين. كان من الشائع سماع أساتذة جامعيين إيرانيين يتحدثون بمسؤولية عن الإبداع الجامعي الفرنسي والإنجليزي والألماني، والذي ترجم جزء كبير منه إلى الفارسية. قد يكون الطلبة الإيرانيون لم يحصلوا على فرصة كافية لمقابلة أميركيين في إيران خلال السنوات الثماني والعشرين الماضية، ولكن ذلك لم يمنعهم من قراءة وتحليل الفلسفة السياسية الأميركية والمجتمع الأميركي.

في مقابلة مع ثلاثة عشر من أبرز المفكرين في طهران في ضيافة أكاديمية العلوم، وهي أكبر وأبرز جمعية مهنية فكرية في طهران، اتفق العلماء على أنه إذا لم يتمكن الأميركيون والإيرانيون من التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الأيديولوجية وقضايا الإيمان، يتوجب عليهم على الأقل استهداف تفهم وقبول متبادلين.

وفي مناسبة أخرى استضافتها جامعة اصفهان وجمعية المحامين فيها حضر أربعمائة طالب وعضو مجتمع محاضرتنا العامة حول «الحوارات الإسلامية من أجل السلام»، وأعرب الكثيرون عن رغبتهم في معرفة المزيد عن الثقافة الأميركية والمسلمين في أميركا وأساليب نزع فتيل الأزمة الراهنة بين الشعبين.

بعد قضاء وقت في طهران وقم وأصفهان نستطيع التأكيد على الحاجة إلى الحد من الجهل الإيراني - الأميركي المتبادل بثقافة الطرف الآخر ومجتمعاته واحتياجاته. وفضلا عن مشاهدة جمال إيران، أتاحت لنا الرحلة التعرف على أصوات الإيرانيين المتنوعة.

تعتبر إيران في عقلية العديد من الأميركيين مجتمعا راكدا، مغلقا أمام التقدم والحداثة. أجبرتنا هذه الرحلة على مساءلة وجهات النظر الأساسية لبعضنا البعض والأساليب المحددة لتحسين العلاقات الإيرانية الأميركية. فقط في السنوات العشر الأخيرة بدأت الصور المعروضة لإيران تضم صورا لمصلحين كلاعبين هامين يمهدون الطريق إلى التقدم. المجتمع الإيراني أكثر تعقيدا إلى حد بعيد حتى مما تقترحه هذه الصورة. بوجود نسبة متعلمين تبلغ 92 في المئة فإن إيران تملك مجتمعا مدنيا نشطا وحياة فكرية.

لسوء الحظ، عاد الوفد إلى الولايات المتحدة ليجد أن الحوار حول الاستراتيجيات العسكرية لإنهاء برنامج التخصيب النووي الإيراني مازال قائما. وحتى منذ نشر التقدير المخابراتي الوطني، وهو تقرير مشترك لست عشرة هيئة مخابراتية أميركية، يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول 2007، والذي أوضح أن برنامج إيران النووي قد انتهى عام 2003، مازلنا نرى دفعا متواصلا باتجاه المواجهة من قبل البعض. هذا التوجه المعادي ليس خطيرا فحسب، وإنما هو ممثل للدرجة التي يمكن لصانعي السياسة الأميركيين أن يكونوا بعيدين عن الواقع في إيران. لا يغطي هذا الحديث عن الحرب على فرص تحسين العلاقات الثنائية فحسب وإنما هو كذلك يسيء تقدير تعقيدات مجتمع يملك حوارا داخليا غنيا خاصا به.

جرى تذكيرنا في عدد من المناسبات في إيران بقول للإمام علي: «الجهل هو عدو الحكمة الإنسانية».

لنتعلم من هذه التبادلات حتى يتسنى لنا منع الجهل. ودعونا نفتح قنوات التواصل بين هاتين الأمتين حتى يتسنى لنا أن نصبح أكثر حكمة.

* أعضاء وفد من المسلمين الأميركيين لحل النزاعات ذهب إلى إيران،

والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1937 - الثلثاء 25 ديسمبر 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً